صديق مكوار فنان يؤمن بقدرة الفن وتأثير العمل الفني على المجتمع

الرباط- يعتبر الممثل المغربي صديق مكوار من قدماء “المحاربين”، فهو ممثل وكاتب ومخرج مسرحي مغربي، يعتبر من الأسماء الأولى التي استطاعت أن ترسم مكانتها بخطوات وعلى مهل في المشهد الفني المغربي، حيث أطلق صرخته الأولى وسط أجواء عائلية بسيطة ليشق لاحقا طريقه نحو عالم التمثيل في المغرب بفضل تكوينه المسرحي وحبه للفنون الدرامية.
تعلم مكوار أبجديات المسرح على أيدي أساتذة متمرسين مكنوه من صقل مهاراته في التشخيص والإخراج المسرحي ليخط لنفسه تجربة مكنته من ترسيخ اسمه واحدا من أبرز الممثلين المغاربة.
ابن البيئة الشعبية
◄ مكوار يرى أن الدراما المغربية قطعت أشواطا كبيرة أما المسرح فله تجارب ناجحة لكنه يحتاج إلى دعم أكبر
مسيرة صديق مكوار الفنية حافلة بالأعمال التي تنوعت بين المسرح والتلفزيون، وتألق في العديد من الأدوار الثانوية وأدوار البطولة التي جعلت الجمهور المغربي يتعرف عليه عن قرب.
شارك الممثل في عدة مسلسلات مغربية مميزة، أبرزها “ياقوت وعنبر”، جسد فيه دور رجل أمن، وهو الدور الذي ساهم في توسيع قاعدة جماهيريته وفتح له آفاقا جديدة في المجال الفني، واستطاع أن يثبت نفسه كواحد من أبرز الأسماء في الساحة الفنية المطلوبة لهذا النوع من الأدوار، معتمدا على مظهره القوي وصوته الخشن.
ينتمي صديق مكوار إلى بيئة شعبية في مدينة الدار البيضاء، لأنه نشأ في حي عريق أثرى شخصيته وألهمه الكثير من القيم والتجارب القاسية، كحي مولاي رشيد وبن مسيك سيدي عثمان، هذا الحي لعب دورا محوريا في تشكيل شخصيته الفنية، خاصة أنه كان قريبا من فضاءات ثقافية متعددة ساهمت في تعميق شغفه بالمسرح والفن، فالدار البيضاء مليئة بالمسارح والمركبات الثقافية، وتعد هذه الفضاءات مصدر نجاح أي عمل فني لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العمل الجماعي والاحترافية، وهو ما يظهر جليا في مسيرته بين المسرح والدراما والسينما التي تميزت بالتعاون مع فرق عمل مميزة، سواء على مستوى الإنتاج أو الإخراج أو التمثيل.
ويعرف الفنان كأحد الممثلين المغاربة الذين شاركوا في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، بدأ مسيرته الفنية منذ فترة طويلة، وقدم مجموعة من الأدوار المتنوعة التي أكسبته شهرة واسعة.
في السنوات الأخيرة، شارك في عدة مسلسلات وأفلام مهمة مثل “الشياطين لا تتوب” و”الناس لملاح” و”بنات اليوم” في عام 2024، بالإضافة إلى دوره في مسلسل “لمكتوب” بجزأيه الأول والثاني، حيث قدم شخصية “أنور”. كما شارك في أفلام مثل “حادة وكريمو” و”نايضة”، إضافة إلى ظهوره في مسلسلات أخرى مثل “عايشة” و”عرس الذيب”. من خلال هذه الأعمال، أثبت مكوار قدرته على التكيف مع مختلف الأنماط الدرامية، ليكون أحد الأسماء المعروفو بين السينما والتلفزيون.
الفن والمجتمع
يحمل مكوار همّ تطوير الفن والثقافة في المغرب، ويتعامل مع قضايا الفن والمجتمع بواقعية، فهو دائما يظهر من خلال تصريحاته اهتماما بالغا بحالة السينما والمسرح في المغرب، ويطرح أيضا الحلول التي تتطلب تحركا جادا لإعادة هيكلة المشهد الثقافي، فهو شخص ذو رؤية واضحة، ويعي تماما أن نجاح الفنان يأتي من الموهبة، ومن الدعم والمناخ المناسب الذي يتيح له النمو والازدهار.
ويظهر الممثل المغربي في غيرته عن الفن السابع قلقا صادقا على مستقبل الفن المغربي، ويشعر بالأسف إزاء عدم الاهتمام الكافي بالإنتاجات الثقافية التي تعبر عن هوية الشعب المغربي وواقعه، وانتقاده للصناعة السينمائية المحلية ينبع من رغبة صادقة في تحسين نوعية الأعمال الفنية التي تعرض للجمهور، مؤكدا أن الفن يجب أن يحمل رسالة ويجسد القيم الإنسانية التي تساهم في تحسين المجتمع، وليس مجرد ترفيه بلا مضمون.
ويؤمن بأن الفن هو حرية تعبير بالدرجة الأولى، وهو لا يتردد في التأكيد على أن الفنان يجب أن يكون جزءا من الوعي الاجتماعي والسياسي، حتى وإن لم يكن مشاركا بشكل مباشر في السياسة، فهو فنان يقدر تأثير العمل الفني على المجتمع، ويسعى من خلال تصريحاته وأعماله إلى دفع الفنانين نحو الارتقاء بمستوى الإنتاج الفني، ليكون أكثر تأثيرا وقوة في نشر الوعي وتحقيق التغيير.
وتبرز أدواره الفنية شخصيته العميقة والمجتهدة التي تسعى إلى تجاوز الواقع الحالي، وهو لا يستسلم للظروف ويعمل على إيجاد الفرص التي تساعده وزملاءه في المجال الفني على تقديم الأفضل، ويعد كأحد الفنانين الذين ينظرون إلى الفن كأداة للتغيير والنضال الاجتماعي، ورغم قلة أدواره التي تتراوح بين الثانوية والبطولة، يثبت وجوده، لأنه امتهن الفن؛ هي صفات تجعله من الممثلين الذين يحاولون باستمرار أن يبرزوا في الساحة الفنية المغربية.
قوة إيجابية للتغيير
في ما يتعلق بالمسرح، يعتبر صديق مكوار أن المهنة الفنية تلعب دورا مهما في بناء المجتمع المغربي، ورغم العزوف الذي قد يلاحظه البعض في الحضور للمسرح، يرى أن المسرح المغربي له تجارب ناجحة وواعدة، ويحتاج إلى المزيد من الدعم المادي والمعنوي ليتمكن من جذب الجمهور بشكل أفضل، كما أنه شاهد على تاريخ الدراما المغربية منذ الثمانينات وحتى يومنا هذا، وسعى من خلال أعماله إلى إحداث نقاشات وفتح آفاق جديدة حول القضايا الاجتماعية والإنسانية.
ويعبّر مكوار عن رضاه عن الدراما المغربية رغم التحديات التي واجهتها في مراحلها المختلفة، إذ يراها قطعت أشواطا كبيرة في علاقتها بالمشاهد المغربي، ونجحت في الوصول إلى مستويات من التنافس مع الدراما العائلية الأجنبية، لكنه في الوقت نفسه يدرك أنه لا بد من استمرار التطوير والابتكار للحفاظ على القمة، فمثلا، تتجسد شخصية مكوار الفنية في المسلسل المغربي “عائشة”، وأحسن تقديم الدور الذي يتناول قضايا التعدد في العلاقات الزوجية، بينما الانتقادات التي طالت الدور من بعض الجمعيات النسائية، جعلته يظل ثابتا في موقفه المدافع عن حقوق المرأة. وقد شارك في العديد من الندوات والمحاضرات لتعزيز هذا الموقف.
ويعتبر مكوار أن التمثيل عملية إنسانية غير محكومة بخلفيات مسبقة، ويؤكد أن القضايا الاجتماعية يجب أن تعرض بشفافية، دون تحيز ضد المرأة أو الرجل، وأن الإبداع يجب أن يرتكز على الحق الإنساني والمساواة، وفي مسلسل “عائشة”، يعبّر مكوار عن موقفه الشخصي من قضايا الطلاق والتعدد، مؤكدا أن العمل الفني لا يعني التحريض ضد أي طرف، بل هو تجسيد للواقع الاجتماعي مع احترام قيم المجتمع.
ويؤمن الفنان بأن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكونوا قوة إيجابية للتغيير في المغرب، شريطة أن يحملوا رسائل تنويرية تساهم في نشر صورة إيجابية عن الوطن، ويظل متمسكا بمبدأ أن الفن حق للجميع، وأن المجال الفني يجب أن يبقى مفتوحا للموهوبين، بغض النظر عن خلفياتهم أو توجهاتهم.
لا يخلو حديث صديق مكوار من إشادة بأعلام الفن المغربي الذين تركوا بصمة واضحة في المسرح والدراما، مثل الفنان الراحل عبدالعظيم الشناوي والطيب الصديقي، ويتحدث عنهما بتقدير عميق، مشيرا إلى الدور الكبير الذي لعباه في تطوير المسرح المغربي، وهذا احترام للفنانين والتزامه بتقدير الأسلاف الذين أسهموا في صنع تاريخ الفن في المغرب.
ويعد مكوار جمهوره جزءا أساسيا من نجاحه، ويعبر عن شكره وامتنانه له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن رسائله تشجعه على الاستمرار في تقديم الأفضل، ويظل متطلعا إلى مستقبل الفن في المغرب، ويأمل في رؤية المزيد من النجاحات التي ترفع من مكانة الدراما المغربية عالميا.