مقتل مصور صحافي في سوريا يضع تعهدات السلطة أمام الاختبار

دمشق - نددت السلطات السورية الجديدة الجمعة بمقتل مصوّر يعمل لصالح وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في مدينة حماة (وسط)، مؤكدة التزامها بحماية الصحافيين، في الوقت الذي ينتظر فيه الصحافيون السوريون ترجمة تعهدات السلطة الجديدة بضمان حرية الإعلام وحمايته.
وخطف المصور إبراهيم عجاج رجلان وعثر على جثّته وعليها آثار طلقات نارية، كما أفاد مقربون منه. وكان قد تلقى رسائل تهديد، وفق أحد المقربين منه رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
ونعى صحافيون وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي عجاج مطالبين بمحاسبة الجناة.
وأدانت وزارة الإعلام السورية في بيان صدر بعد منتصف ليل الأربعاء “اغتيال المصور إبراهيم عجاج، العامل في وكالة سانا الرسمية،” مشددة على “التزامها الكامل بدعم حرية الصحافة وحماية الصحافيين باعتبارها حقا أصيلا للجميع.”
وأكّدت “تعاونها الوثيق مع وزارة الداخلية للإسراع في كشف ملابسات هذه الجريمة ومحاسبة الجناة المعتدين لضمان تحقيق العدالة.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته إن العملية نفّذها “مسلحون مجهولون”.
وبحسب المرصد يشكل قتل عجاج أول حادثة قتل صحافي منذ وصول فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى السلطة في الثامن من ديسمبر الماضي.
ونفذت السلطات الجديدة اعتقالات وحملات أمنية في مناطق مختلفة تقول إنها لملاحقة “فلول ميليشيات الأسد”. لكن سكّانا ومنظمات أفادوا بحصول انتهاكات تتضمن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية.
وأعلن المرصد عن عمليات إعدام ميدانية بحقّ موالين للنظام السابق، لاسيما في حمص وحماة، على أيدي مجموعات محلية.
كذلك انتشرت مقاطع فيديو تظهر عمليات تعذيب وإهانة لمعتقلين على أيدي عناصر تابعين للسلطات الجديدة، لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من صحتها.
ومنذ الاستيلاء على السلطة إثر هجوم مباغت أطاح بنظام بشار الأسد، تبذل القيادة السورية الجديدة جهودا لطمأنة الأقليات في بلد أنهكه النزاع الذي اندلع في عام 2011، وأدى الى مقتل نحو نصف مليون شخص وتهجير الملايين.
قتل مصور وكالة سانا إبراهيم عجاج يشكّل أول حادثة قتل صحافي منذ وصول فصائل مسلحة إلى السلطة في سوريا
وقال وزير الإعلام السوري الجديد محمد العمر مطلع يناير إنه يعمل من أجل “بناء إعلام حر”، متعهدا بضمان “حرية التعبير” في بلد عانت فيه وسائل الإعلام لعقود من التقييد في ظل حكم عائلة الأسد.
ورحبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بهذا الالتزام، مع تُذكيرها السلطات الجديدة بمسؤولياتها تجاه الصحافيين المختطفين والقتلى والمخفيين منذ بداية الثورة خلال عام 2011، داعية في الوقت ذاته إلى تنفيذ سبع توصيات ذات أولوية، مع تحرير الصحافيين العشرين الذين مازالوا محتجزين لدى فصائل الثورة.
وأضافت المنظمة أن العمل من أجل تشجيع “صحافة حرة” والتعهد بضمان “حرية التعبير” يندرج ضمن الوعود التي أطلقها العمر في تصريح أدلى به لوكالة فرانس برس بتاريخ 1 يناير 2025، وذلك في خطوة مبشرة بالنسبة إلى الصحافيين الذين عانوا شر معاناة في البلاد التي تقبع في المرتبة 179 من أصل 180 دولة على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” خلال عام 2024.
ورغم هذا الموقف المشجع لم تتخذ الحكومة الانتقالية الجديدة التي شكلها ائتلاف فصائل الثورة بقيادة هيئة تحرير الشام أي إجراءات عاجلة في هذا الصدد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، إذ من المفترض أن تكون قد أفرجت عن جميع الفاعلين الإعلاميين المحتجزين منذ اندلاع الثورة عام 2011، والذين لا يزال 20 منهم على الأقل أسرى لدى فصائل الثورة المسلحة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، ناهيك عن إنصاف الصحافيين السبعة الذين تُتهم هيئة تحرير الشام بقتلهم.
وشهدت سوريا مقتل ما لا يقل عن 283 صحافياً أثناء قيامهم بعملهم منذ بدء الثورة عام 2011، علماً أن 181 منهم لقوا حتفهم على يد نظام الأسد وحلفائه، بحسب الأرقام التي توصلت إليها “مراسلون بلا حدود”. ولذلك يجب أن يُقدَّم إلى العدالة الرئيس المخلوع وجميع المسؤولين عن هذه الجرائم.
وذكرت المنظمة أن سقوط نظام بشار الأسد القمعي يوفر فرصة تاريخية لضمان حرية وسلامة الفاعلين الإعلاميين، مع صون حق الشعب السوري في الوصول إلى المعلومات، وهو ما من شأنه أن يتيح للبلاد إمكانية مغادرة المرتبة ما قبل الأخيرة التي تحتلها على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة.
ودعت “مراسلون بلا حدود” السلطات الجديدة إلى تنفيذ توصياتها لتحقيق هذا التعهد، بدءاً بالإفراج عن الصحافيين الذين لا يزالون محتجزين لدى فصائل الثورة.