قطر تحاول توسيع نوافذ الانفتاح الاستثماري مع الأجانب

الحكومة تعدّ قوانين جديدة للإفلاس والشراكة بين القطاعين العام والخاص والتسجيل التجاري.
الجمعة 2025/01/24
عذرا، هل لديكم مركز للأعمال؟

تسعى قطر إلى إحداث اختراق في قطاع الاستثمار، حيث تأمل من خلاله تحفيز الاقتصاد لأسباب مختلفة أملا في جذب رؤوس أموال جديدة، وخاصة من الخارج لإعطاء صورة إيجابية لتحسن مناخ الأعمال، الذي ظل لسنوات مكبلا رغم محاولات الانفتاح.

الدوحة - تعكف الحكومة القطرية على إدراج تعديلات عميقة في القوانين السابقة لإقناع المستثمرين المحليين والأجانب بالاستثمار في مختلف القطاعات في محاولة للحاق بركب جيرانها الأكبر من حيث الناتج الإجمالي السنوي.

وأكد الشيخ فيصل بن ثاني آل ثاني وزير التجارة والصناعة القطري الجديد أن بلاده تعتزم طرح ثلاثة قوانين جديدة في إطار مراجعة شاملة للتشريعات الرامية إلى تحفيز الأعمال، وجعل الدولة الخليجية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

وقال الشيخ فيصل في مقابلة مع رويترز نشرتها الوكالة الخميس إن “قطر تعتزم استحداث تشريعات جديدة تشمل قانونا للإفلاس وقانونا للشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانونا للتسجيل التجاري.”

وأضاف “ننظر في 27 قانونا ولائحة عبر 17 وزارة بالحكومة بما يؤثر على أكثر من 500 نشاط.” وأوضح أنه يتوقع صياغة قانوني الإفلاس والشراكة بين القطاعين العام والخاص قبل نهاية مارس المقبل.

وانضم الشيخ فيصل إلى الحكومة في نوفمبر الماضي، بعد أن شغل منصب رئيس استثمارات آسيا وأفريقيا في جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادية) البالغ حجم أصوله 510 مليارات دولار.

تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى قطر في عام 2023 كانت سلبية، على النقيض من السعودية والإمارات

وتشير النسخة الأحدث من إستراتيجية قطر للتنمية الوطنية إلى أن البلاد، وهي من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، تضع هدفا تراكميا لجذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار بحلول 2030.

ويعدّ الاستثمار الأجنبي المباشر عاملا مهما يؤدي إلى تسجيل معدلات عالية من التنمية لما يضيفه للبلد المستضيف في تحقيق أهدافه القابلة للاستمرار عبر توفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا الحديثة ورفع كفاءة الإنتاج وتحفيز الصادرات ودعم القدرات التنافسية.

وقبل الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثارتها جائحة كوفيد -19، اتبع الاستثمار الأجنبي المباشر في قطر اتجاها تصاعديا بشكل عام، مدعومًا بالاستقرار السياسي والمالي في البلاد، ونظام الضرائب على الشركات عالي الكفاءة، وغياب ضريبة الدخل الشخصي.

وبفضل موقعها الفريد في أسواق الطاقة العالمية وجهودها الإستراتيجية الأخيرة لتوفير بيئة مواتية للأعمال والاستثمار، اعتادت الدولة الخليجية بالفعل على جذب الانتباه من قبل المستثمرين وأصحاب الشركات وخاصة في مجال التطوير العقاري والسياحة.

وكان البلد الغني بموارد الوقود الأحفوري في دائرة الضوء من قبل وسائل الإعلام العالمية والخبراء والمحللين لسنوات مع تنظيمه لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وهي الأولى من نوعها في المنطقة العربية.

100

مليار دولار رؤوس أموال خارجية مباشرة تستهدف الدوحة استقطابها بحلول عام 2030

وأعاد فوز السعودية بتنظيم كأس العالم 2034 الاهتمام لتقييم مدى مساهمة مونديال 2022 في اقتصاد قطر، حيث تمكنت الدولة الخليجية من جذب استثمارات أجنبية مباشرة ناهزت 30 مليار دولار بفضل استضافة الحدث، وفق اللجنة العليا للمشاريع والإرث.

وكذلك، ساهم المونديال بزيادة إجمالي القيمة المضافة بنحو 16.3 مليار دولار، وأتاح 200 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى استثمارات بقيمة 200 مليار دولار بالبنية التحتية، ورفع عدد السياح خلال أول 10 أشهر من 2023 بحوالي 132 في المئة.

وبلغ عدد حضور مونديال قطر حوالي 1.4 مليون زائر، فيما بلغ إجمالي إنفاق الحضور والزوار 4.7 مليار دولار.

وبحسب منصة “استثمر في قطر”، شكلت قوانين الاستثمار، ومنها قانون صادر في عام 2019، إطارًا متقدمًا يتيح للمستثمرين الأجانب تأسيس شركات بملكية كاملة في قطاعات رئيسية.

ويؤكد المسؤولون القطريون أن هذا القانون يمثل تحولا هاما عن المتطلبات السابقة للاستثمار الأجنبي، ما يعزز الشمولية الاقتصادية، ويوفر بيئة أكثر مرونة وملاءمة لنمو الأعمال الدولية.

لكن المسؤولين القطريين أمامهم طريق طويل لتحقيق هذا الهدف، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تتخلف بشكل كبير عنها في جارتيها السعودية والإمارات.

فقد شهدت السعودية، التي تضع أيضا هدف جذب نحو 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول نهاية العقد الحالي، في إطار من إستراتيجيتها الوطنية للاستثمار، تدفقات استثمار أجنبي مباشر بلغت 26 مليار دولار في 2023.

القوانين الجديدة في قطر تأتي في إطار جهود الدولة الخليجية لتنشيط قطاعها الخاص وعدم اعتماد النمو على التمويل الحكومي

وجرّاء ذلك شرعت الحكومة في أكبر اقتصاد عربي في اعتماد منهجية جديدة لحساب تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في مسعى لتحقيق الشفافية والانضباط في الكشوفات المالية.

في المقابل، اجتذبت دولة الإمارات ما يزيد قليلا عن 30 مليار دولار، حسبما تشير إليه بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).

وعلى النقيض من ذلك، شهد 2023 تدفقات سلبية للاستثمار الأجنبي المباشر في قطر بلغت 474 مليون دولار، بانخفاض عن تدفقات سلبية بلغت 76.1 مليون دولار في 2022.

وتشير تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السلبية إلى أن الاستثمارات النازحة كانت أكثر من الاستثمارات المتدفقة حديثا.

وتتنوع الاستثمارات الأجنبية في الخليج بين مجالات العقارات والطاقة المتجددة والتكنولوجيا وصناعة الطيران والسيارات، إلى جانب الأموال التي تتدفق على أسواق المال من خلال طرح الشركات في البورصات.

وبينما تقدم قطر حوافز للمستثمرين الأجانب شأنها شأن جارتيها، مثل القواعد الضريبية المواتية ومرافق المنطقة الحرة وبعض مخططات الإقامة طويلة الأجل، فإن الإمارات والسعودية تعدان متقدمتين كثيرا من حيث إصلاحات القواعد التنظيمية والقوانين المناسبة للأعمال.

وتأتي القوانين الجديدة في قطر أيضا في إطار جهود الدولة الخليجية لتنشيط قطاعها الخاص وعدم اعتماد النمو على التمويل الحكومي.

واستقرت قراءة مؤشر مديري المشتريات القطري الصادر عن أس آند بي غلوبال في شهر ديسمبر الماضي، عند نفس قراءة الشهر السابق، والتي بلغت 52.9 نقطة دون أي تغيير.

وأوضح بيان صادر عن مركز قطر للمال في وقت سابق هذا الشهر أن سوق العمل لشركات القطاع الخاص غير النفطي في قطر ظل قوياً جداً في نهاية عام 2024.

وأكد المركز أنه رغم استمرار ارتفاع الضغوط على الأجور، فقد تراجع تضخم إجمالي أسعار مستلزمات الإنتاج من أعلى مستوى له في أربع سنوات في أكتوبر.

وأشار إلى أن الشركات القطرية خفضت أسعار سلعها وخدماتها للشهر الخامس تواليا، في محاولة لزيادة مبيعاتها من خلال تخفيض الأسعار، ولكن بمعدل طفيف.

10