مرسوم كويتي يضع حدا لهدر المال العام تحت ستار طبع القرآن والعناية بالسنة

إلغاء هيئة طبع المصحف جاء تماشيا مع السياسة العامة للدولة التي تقتضي حسن أداء العمل مع خفض الإنفاق العام.
الثلاثاء 2025/01/21
قوى سياسية استثمرت في التلاعب بالمشاعر الدينية

الكويت- طالت عملية الإصلاح التي شرعت السلطات الكويتية في إنجازها وزارة الشؤون الإسلامية ومست بشكل خاص عملية طبع المصحف التي ظلت لسنوات عصية عن التغيير نظرا للهالة العقائدية التي حاول المشرفون عليها والمستفيدون منها من أعضاء تيارات الإسلام السياسي إضفاءها عليها، وذلك على الرغم من الانتقادات الكثيرة الذي لاحقت تلك العملية وشبهات الفساد وهدر المال العام التي تعلّقت بها.

وأعلن في الكويت عن صدور مرسوم بإلغاء قانون إنشاء “الهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما.”

وتمت إحالة “كل حقوق والتزامات الهيئة” إلى وزراة الشؤون الإسلامية وحظر طبع المصحف أو استيراد أي إصدار منه، على أي جهة رسمية أو أهلية، إلا بتصريح من الوزراة ذاتها.

ولم تسلم الهيئة منذ إنشائها سنة 2011 من عمليات نقد وتشهير وحتى ملاحقة بعض كبار المشرفين عليها قضائيا، خصوصا وأنّها كانت عديمة الإنتاج في المجال الذي أنشئت لأجله واستهلكت الأموال المخصصة لها في استيراد المصاحف من الخارج وبطبعات ضعيفة في الكثير من الأحيان ومليئة بالأخطاء.

ويقول بعض منتقدي الهيئة ودعاة إلغائها إنّها أهدرت “عشرات الملايين من الدنانير على الرواتب ومكافآت اللجان وتكاليف السفر والفحص والإشراف ودراسة شراء مطابع وغير ذلك لينتهي الأمر بعد أكثر من عشريتين إلى تغيير قيادات وإحالات إلى النيابة وشبهات اختلاس.”

◄ هيئة العناية بطباعة ونشر القرآن كانت تخضع بشكل رئيسي لسيطرة سلفيين حركيين تلبّست ببعضهم شبهات هدر المال العام ما جعل الهيئة موضع مطالبة مستمرة بحلّها
◄ هيئة العناية بطباعة ونشر القرآن كانت تخضع بشكل رئيسي لسيطرة سلفيين حركيين تلبّست ببعضهم شبهات هدر المال العام ما جعل الهيئة موضع مطالبة مستمرة بحلّها

وتمّ ربط قرار إلغاء الهيئة في جانب منه بترشيد إنفاق المال العام والحفاظ على موارد الدولة، حيث جاء في المذكّرة الإيضاحية للمرسوم الجديد “أنه انطلاقا من الدور الرائد للكويت واهتمامها بنشر الدعوة الإسلامية وما يرتبط بها من طباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما، فقد جاء هذا القانون ليعزز من دور وزارة الشؤون الإسلامية ويكلفها بتحمل مسؤولية هذا العمل الجليل بما لديها من خبرات متراكمة وطاقات وإمكانات جاهزة تضمن القيام به على الوجه الأكمل وبجودة عالية وتكلفة مالية أقل، وذلك تماشيا مع السياسة العامة للدولة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تقتضي حسن أداء العمل مع خفض الإنفاق العام”.

وتشهد الكويت منذ فترة عملية إصلاح دفعت بها قرارات أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر بحلّ البرلمان والتعليق المؤقت للعمل بمواد في الدستور وذلك بهدف تسهيل عملية اتخاذ القرار وتنفيذه، وخصوصا القرارات الإصلاحية التي كثيرا ما كان أعضاء مجلس الأمّة يعارضونها لدواع انتخابية وتحت شعارات شعبوية من ضمنها الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للكويتيين وعدم السماح بالمساس بها بفرض ضرائب أو تقليص الدعم الحكومي السخي للمواطنين.

وعلى مدى العشريات الماضية ظلتّ قوى إسلامية حركية تستفيد من مواقعها في عدد من مؤسسات الدولة الكويتية بما في ذلك البرلمان المنحل لتلوين بعض قرارات الدولة بألوانها الأيديولوجية وفرض رؤاها على المجتمع وأيضا لتحصيل مكاسب مادية مباشرة من خلال إشرافها على إدارة بعض الهيئات والمؤسسات والتصرّف بمخصصاتها المالية.

وأواخر الصيف الماضي ثارت ضجّة إعلامية أعادت تسليط الضوء على عملية التلاعب بطباعة المصحف ونهب المال العام تحت ستارها عندما راجت أنباء حول مشروع إقامة مجمّع لطبع المصحف وشروع لجنة المناقصات التابعة للحكومة الكويتية في اختيار الجهة التي ستفوز بإنجازه.

وواجه المشروع الذي لم تتأكّد لاحقا الأخبار بشأنه اعتراضات شديدة أقامها أصحابها على عدم جدواه حيث قدّرت كلفته المادية الأولية بأكثر من 52 مليون دولار.

وكانت هيئة العناية بطباعة ونشر القرآن تخضع بشكل رئيسي لسيطرة سلفيين حركيين تلبّست ببعضهم شبهات هدر المال العام ما جعل الهيئة موضع مطالبة مستمرة بحلّها في إطار التوجّه الحكومي لإصلاح الأجهزة الحكومية بما في ذلك حلّ الفائض عن الحاجة منها ودمج ما يمكن دمجه مع هيئات أخرى تعمل في نفس الحقل وتقوم بنفس الدور والمهام.

واكتست دعوة حلّ الهيئة قدرا عاليا من الصدقية عندما صدرت عن أحد من كانوا دعوا أصلا إلى إنشاء الهيئة ذاتها بناء على نوايا حسنة.

وكتب الإعلامي الكويتي والناشط في مجال التعليم والبيداغوجيا بدر خالد البحر في وقت سابق مطالبا بحل الهيئة التي ذكّر بأنّه كان جزءا من “نواة تأسيسها لأنها فشلت ولم تطبع مصحفا واحدا”.

3