"عروس الغرقة" رواية داخل رواية تحكي سيرة امرأتين

رواية يتضافر فيها الماضي والحاضر وكأن التاريخ يعيد نفسه في ضفيرة من الأحداث الحالية والماضية.
الاثنين 2025/01/20
التمرد على المخاوف (لوحة للفنانة ريم ياسوف)

عمان - رواية “عروس الغرقة.. سيرة انتفاضة الماء” لأمل عبدالله الصخبوري يتضافر فيها الماضي والحاضر، وكأن التاريخ يعيد نفسه في ضفيرة من الأحداث الحالية والماضية التي تصف الحال نفسه الذي تتعرض له البلاد والعباد، فيما تصفه الكاتبة بأنه “غضب الماء.”

يضم الكتاب، الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، روايتين في رواية، إذ تحكي بطلة الرواية الحالية عن بطلة رواية أخرى فرضت نفسها على الأحداث، في ظل حقيقة نكررها كثيرا ونؤمن بها؛ ألا وهي “التاريخ يعيد نفسه.”

تبدأ الكاتبة أمل الصخبوري روايتها بعبارة أقرب إلى اللوحة الفنية تقول فيها: “إنها ليست مجرد رواية.. إنها كلمات من لحم ودم.” وتضيف مدخلا لروايتها تقول فيه “في رحلة التردد، ما بين مواجهة مخاوفنا وبين الهروب منها، سيكون القرار الصائب هو ما نقدم عليه في نهاية المطاف.” وكأن الصخبوري تسوغ لبطلتها في الرواية الأساسية “غدق” ما اختارته وعاينته من أحداث وأهوال.

في الفصل المعنون بـ”غدق” تصارح البطلة نفسها بخبيئة مشاعرها فتقول “كنت أكثر جبنا من مواجهة الماضي، كنت أضعف عزيمة من ذاكرتي، كانت ذكرياتي شرسة كجلاد منزوع الرحمة، ترى أين غادرت تلك الشجاعة التي استنهضتها في لحظة الشدة؟”

◙ من خلال متابعة قصة بطلتي الرواية التي يتشابك فيها الماضي مع الحاضر تكتشف أن التاريخ يعيد نفسه فعلا

وأما الفصل المعنون بـ”صندوق مجهول الهوية” فتقول فيه الصخبوري حول ما تعرضت له البطلة الحالية، ومدى حرصها الشديد على صندوق أسرار البطلة التاريخية “عادت غدق من غمار ذكرياتها وهي وسط كومة لا تحصى من الأشياء، في تلك الأثناء ورغم انشغالها الشديد في إنهاء ترتيبات الانتقال إلى البيت الجديد، فقد وجدت نفسها تقف وتلقي كل ما في حجرها عدا صندوق زيانة، احتضنته قرب صدرها وفي يدها اليمنى الرسالة الأخيرة.”

وتستكمل الكاتبة بعيد فقرة واحدة في الفصل نفسه متحدثة عما قررته “غدق” بطلتها الأولى فيما يخص صندوق “زيانة” بطلتها الثانية: “قررت أخيرا أن تخرج من صومعة صمتها، أن تتكلم عن كل شيء، أن تفرغ حمولة قلبها وتحكي تفاصيل النكبة، ذلك الصندوق وحكاية صاحبته. رجت غدق أختها أن تكتب نيابة عنها، عن كل ما مروا به، وما سيفعلونه حيال صندوق زيانة، طلبت منها كذلك، أن تعيد كتابة رسائل زيانة وسط حكايتها وحكايات الآخرين ممن عاشوا أزمة الماء الغاضب، لعل أحدهم يقرأ لها ويعرفها.”

وفي الفصل المعنون بـ”مذياع مفقود” تقول الصخبوري واصفة ما تعرضت له أسرة “سعود” زوج غدق من أهوال قائلة “كان الأب جالسا على طابوقة في زاوية من الفناء، وهو يتأمل بحزن ركام داره، ويفكر من أين له أن يبدأ وقد فقد داره ومزرعته التي أفنى شبابه في خدمتها؟ ليضيع كل ذلك في ساعات قليلة تحت الماء.”

وتتحدث تحت عنوان “رسالة زيانة حمد (8)” عن ذلك الشعور الذي غزا قلب زيانة للمرة الأولى حين شعرت ببوادر الحب فتقول “يا الله. شعور جميل يلامس قلبي لأول مرة. لا أعلم ما الذي أربك مشاعري حين وقعت عيناي عليه، لطالما رسمت حدودا فاصلة بين قلبي وبين عالم الرجال، ولكن ما حصل هنا أمر مختلف، ثمة مشاعر تقتحم سدود قلوبنا وتعلن انتصارها أمام ما آمنا به ذات يوم.”

وتختتم الكاتبة أمل الصخبوري روايتها بفقرة دائرية تصلح لأن تكون هي نفسها مفتتحا للرواية، إذ تقول “عادت إلى المقهى الذي كانا يجلسان فيه لتناول وجبة خفيفة، كان قلبها يخفق بشدة من قوة الركض وبعد المسافة التي قطعتها إلى المقهى، تنفست الصعداء حين وجدت مسودة رواية “عروس الغرقة” في مكانها على الكرسي الذي كان بجانبها. في تلك الأثناء سمعت تنبيها من مكبرات الصوت: “النداء الأخير، على السادة المسافرين على متن الرحلة المتوجهة إلى تنزانيا زنجبار، التوجه حالا إلى الطائرة قبل إغلاق البوابات.”

ومن الجدير بالذكر أن أمل عبدالله الصخبوري معلمة تربوية، وكاتبة، نائب رئيس اللجنة الثقافية لجماعة قارئون، عضو في صالون مداد الثقافي، وعضو في لجنة تقييم الأعمال الروائية والقصصية في إحدى دور النشر العربية. قدمت العديد من الورش واللقاءات التطوعية المختصة بالقراءة والكتابة في عدة محافل ثقافية على للمستوى المحلي والعربي. صدر لها كتاب “مفتاح الخريطة إلى مملكة أمل” 2020، ورواية “تعويذة الوادي”، 2022.

13