عيون الحرس الوطني التونسي على وسائل التواصل الاجتماعي أيضا

تونس - أعلنت السلطات التونسية إحباط مخطط يستخدم الاستقطاب الإلكتروني بهدف تأجيج الأوضاع في البلاد وضرب الأمن والاستقرار، يسعى من خلاله أصحابه حسب المراقبين إلى العودة إلى نظام ما قبل الخامس والعشرين من يوليو 2021.
وتقول أوساط سياسية إن الأطراف التي كانت تستفيد من المشهد التونسي قبل إجراءات الرئيس قيس سعيد أو ما يعرف بمسار “25 يوليو”، استنفدت كل الطرق للعودة إلى الساحة السياسية، لذلك تعتمد أساليب جديدة في استهداف الأوضاع بالبلاد.
وأفاد الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس حسام الدين الجبابلي بأن السلطات أطاحت بوفاق إجرامي يستخدم الاستقطاب الإلكتروني لتأجيج الأوضاع في البلاد.
وقال حسام الدين الجبابلي إنه تم الكشف عن شركات تعمل بشكل قانوني في تونس تقوم بتوظيف أشخاص للتصيد الإلكتروني (Phishing) وتبين أن لديها تأثيرا على المستويين الدولي والوطني في علاقة بالتحركات الاجتماعية وتأجيج الأوضاع في البلاد.
وأكد الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني على هامش يوم دراسي حول الجرائم الإلكترونية أنه تم تسليم هذه العصابة إلى العدالة.
وكشف أيضا عن جرائم أخرى بينها اعتراض للمكالمات الدولية التي من المفروض أن تمر عبر الشبكات الوطنية.
وتحدث الجبابلي في السياق عن جريمة إلكترونية تتسبب في إحداث خلل فني عند الاستخلاص عن بعد TPE والتحويلات المالية دون ترك أي أثر في المعالجة والاستيلاء على أموال ضخمة.
وصرح بأنه تم الكشف في العام 2024 عن محاولات لاستقطاب العديد من القصر من طرف تنظيمات إرهابية عبر العديد من المنصات وتم التحقيق معهم ومع أوليائهم.
وأفاد المتحدث بأن هناك ارتفاعا في عدد الجرائم الإلكترونية حيث تم تسجيل 2000 قضية سنة 2024 بينها أكثر من 800 قضية تمت مباشرتها والانتهاء من مراحلها القانونية، موضحا أنه تم منذ مطلع 2025 تسجيل نحو 13 قضية إلكترونية تمت مباشرتها من طرف الفرقة المركزية الخاصة.
وتتمثل أبرز هذه الجرائم في التصيد الاحتيالي المعروف بـ”الفيشينغ” والقرصنة وإرسال فايروسات للأنظمة المعلوماتية بهدف الابتزاز والفدية الإلكترونية والتحايل على الشركات الوطنية والخاصة.
وبيّن الجبابلي أن الإدارة العامة بادرت منذ 2017 بإحداث الفرقة المركزية الخامسة للإدارة الفرعية للتصدي للجرائم الإلكترونية وتم تفعيلها منذ 2019 بعد أن أصبحت الجرائم الإلكترونية تصنف عالميا الجرائم الأكثر خطورة ولها علاقة خاصة بالإرهاب.
وراجت في الفترة الأخيرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إشاعات ومقاطع فيديو مفبركة لإدخال البلبلة والفوضى في البلاد.
الجرائم الإلكترونية باتت تشكل خطرا متزايدا على الأفراد والمؤسسات والدول، حيث تتنوّع أشكالها وأساليبها
وسبق أن تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع حدّ للانفلات الحاصل في الفضاء الإلكتروني، مشيرا إلى أن “التهديد بالقتل، وهتك الأعراض، وبث الشائعات، والسب، والشتم لا علاقة لها بحرية التعبير.”
ويرى مراقبون أن هذه الشائعات والأخبار الزائفة تهدف إلى تشويش الوضع في البلاد والمس من استقرارها.
وقال المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني إن “استغلال المواقع الإلكترونية والتحريض وبث البلبلة تؤكد أن هناك من يتآمر على أمن الدولة، كما توجد وسائل إعلام كانت تبثّ من الخارج وتمارس تلك الممارسات.”
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الأطراف تسعى بكل الوسائل لضرب الاستقرار، وهي لا علاقة لها بالحرية وحقوق الإنسان، بل تريد العودة إلى نظام ما قبل الخامس والعشرين من يوليو 2021.”
وتابع خليفة الشيباني “الشعب التونسي حسم الأمر منذ فترة، وهذه تحركات يائسة وأشبه برقصة الديك المذبوح، وحتى مسيرة الرابع عشر من يناير أيضا فشلت.”
وتحاول الدولة التونسية منذ مدة مواجهة الشائعات المغرضة، وقد صدر في سبيل ذلك المرسوم رقم 54 في السادس عشر من سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وهو يعد خطوة قام بها قيس سعيد لمجابهة خطورة الحملات المسعورة التي تقف وراءها بعض الأطراف.
مراقبون يؤكدون أن في ظل ضعف القوانين التونسية تتضرر الشركات بشكل متواتر من عمليات القرصنة المتكررة
وقال قائد الحرس الوطني أمير اللواء حسين الغربي إن “الجرائم الإلكترونية باتت تشكل خطرا متزايدا على الأفراد والمؤسسات والدول، حيث تتنوّع أشكالها وأساليبها لتشمل الاحتيال الإلكتروني وسرقة البيانات والهجمات السيبرانية وانتهاك المعطيات الشخصية”، مضيفا أن “الإحصائيات تشير إلى أنّ هناك تسريبا لبيانات شخصية كلّ 39 ثانية على الإنترنت.”
وأضاف في تصريحات صحفية أنّ “التطوّر التكنولوجي المتسارع أصبح سلاحا ذا حدين، وبقدر ما يفتح آفاقا واسعة للإبداع والابتكار يتيح كذلك للمجرمين مساحات جديدة للاستغلال”، لافتا إلى “وجود جهود حكومية جدية لتعزيز الأمن السيبراني، والعمل على وضع حلول فعالة للوقاية من الجرائم الإلكترونية ومكافحتها، وتعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة والمؤسسات ذات الصلة.”
ويعرّف الخبراء الجريمة الإلكترونية بالجريمة التقنية التي تنشأ في الخفاء وتوجه للنيل من الحق في المعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها الإنترنت، وتظهر مدى خطورتها في الاعتداءات التي تمس حياة الأفراد الخاصة وتهدد الأمن والسيادة الوطنيين.
ويعد الأمن السيبراني من الرهانات الهامة في مستقبل الحكومات والشعوب، وسط سباق عالمي على أشّده من أجل الحصول على المعلومات وتوظيفها حسب المصالح والأهداف الشخصية.
ويؤكد مراقبون أن في ظل ضعف القوانين التونسية تتضرر الشركات بشكل متواتر من عمليات القرصنة المتكررة.
واحتلت تونس المرتبة الـ64 عالميا في مؤشر الأمن السيبراني (مؤشر يقيس مدى جاهزية الدول لمنع التهديدات الإلكترونية واستعدادها لإدارة الحوادث السيبرانية)، وفقا لتقرير أعدته أكاديمية الحكومة الإلكترونية في إستونيا. كما تحتل تونس المركز الرابع عربيا وفقا للتقرير ذاته الذي صدر في يونيو 2018.
ويتعلق الأمن السيبراني بحماية المواقع والحسابات من الاختراق الذي ينفذه قراصنة سواء كانوا أشخاصا أو مجموعات بهدف سرقة المعلومات والبيانات أو السطو على الحسابات المصرفية أو لتعطيل عمل موقع ما أو للتحكم فيه.