النزعة الحمائية المتنامية للتجارة تقوض نمو الاقتصاد العالمي

البنك الدولي يتوقع نموا اقتصاديا عالميا مستقرا عند 2.7 في المئة في عامي 2025 و2026، وهو نفس معدل النمو في عام 2024.
السبت 2025/01/18
مخاوف تعثر تعافي الاقتصاد العالمي

واشنطن – تؤكد حالة التشاؤم السائدة بشأن احتمال تعثر تعافي الاقتصاد العالمي جراء النزعة الحمائية المتنامية للتجارة، على العجز المزمن في حل المشاكل بين الدول وخاصة القوى العظمى، والتي تقع على عاتقها مسؤولية إنهاء الأزمات المتراكمة منذ وباء كورونا.

وبدت تحذيرات البنك الدولي من أن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المتوقع أن تبلغ نحو 10 في المئة قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل، أحد الانطباعات التي لا تبشر بأي ضوء قريب في نهاية النفق الطويل من المشاكل.

ويتوقع البنك مزيدا من المخاطر السلبية على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى زيادة في التدابير المعطلة للتجارة، والتي تنفذها بشكل رئيسي الاقتصادات المتقدمة وعدم اليقين بشأن السياسات المستقبلية التي تعمل على تثبيط الاستثمار والنمو.

وسيرتفع متوسط التجارة العالمية في السلع والخدمات التي توسعت بواقع 2.7 في المئة في عام 2024، إلى نحو 3.1 في المئة خلال عامي 2025 و2026، لكنها ستظل أقل من متوسطات ما قبل الوباء.

زيادة 10 نقاط مئوية في الرسوم قد تقلص النمو العالمي 0.2 في المئة هذا العام
زيادة 10 نقاط مئوية في الرسوم قد تقلص النمو العالمي 0.2 في المئة هذا العام

وترجح المؤسسة المانحة أن يسجل الاقتصاد العالمي نموا قدره 2.7 في المئة هذا العام، أي بنمو 0.3 نقطة مئوية فقط إذا رد شركاء الولايات المتحدة التجاريون بفرض رسوم جمركية من جانبهم.

واقترح الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي سيتولى منصبه الاثنين المقبل فرض رسوم بعشرة في المئة على الواردات، ورسوم عقابية بنسبة 25 في المئة على الواردات من كندا والمكسيك حتى يتخذ البلدان إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين.

والأمر لن يتوقف هنا فقط، بل ستكون الرسوم المفروضة على الصين هي الأقسى إذ ستصل إلى 60 في المئة. وتعهدت بعض الدول، ومنها كندا، بالرد.

وقال البنك إن “محاكاة باستخدام نموذج للاقتصاد الكلي العالمي أظهرت أن زيادة قدرها 10 نقاط مئوية في الرسوم الأميركية على الشركاء التجاريين في 2025 قد تقلص النمو العالمي 0.2 نقطة مئوية لهذا العام.”

وأشار في تقرير نشره الخميس الماضي إلى أن الرد من الدول المستهدفة قد يؤدي إلى تفاقم الضرر على النمو.

وتتفق التقديرات مع دراسات أخرى أظهرت أن زيادة قدرها 10 نقاط في الرسوم الأميركية قد “تخفض مستوى الناتج الإجمالي الأميركي بنسبة 0.4 في المئة، في حين أن الرد المماثل من الشركاء التجاريين قد يفاقم التأثير السلبي الإجمالي إلى 0.9 في المئة.”

لكن البنك الدولي رأى في أحدث تقرير حول آفاق الاقتصاد العالمي الذي يصدر مرتين سنويا أن النمو في الولايات المتحدة قد يزيد أيضا بنحو 0.4 نقطة مئوية في عام 2026 إذا تم تمديد أجل التخفيضات الضريبية، مع وجود آثار عالمية طفيفة فحسب.

وانضم بنك التسويات الدولية إلى البنك الدولي ليحذر أيضا من زيادة “الخلافات والتفتت” في التجارة العالمية، مشيرا إلى أن نشوب حرب تجارية واسعة النطاق بين واشنطن ودول أخرى هو “سيناريو خطر ملموس”.

ويتوقع البنك الدولي نموا اقتصاديا عالميا مستقرا عند 2.7 في المئة في عامي 2025 و2026، وهو نفس معدل النمو في عام 2024، وحذر من أن الاقتصادات النامية تواجه الآن أضعف توقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000.

وأوضح أن النمو في البلدان النامية قد يصل إلى 4 في المئة في الفترة ذاتها، وهو أقل بكثير من تقديرات ما قبل الوباء بسبب أعباء الديون المرتفعة وضعف الاستثمار وتباطؤ نمو الإنتاجية، إلى جانب ارتفاع تكاليف تغير المناخ.

ووفق البنك يبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصادات النامية الآن نحو نصف مستواه في أوائل العقد الأول من هذا القرن، وأن القيود التجارية العالمية أعلى بخمس مرات من المتوسط بين عامي 2010 و2019.

الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المتوقع أن تبلغ نحو 10 في المئة قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل

وبالنسبة إلى الناتج الإجمالي في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من المتوقع أن يظل أقل بنسبة تزيد على 5 في المئة عن اتجاهه قبل وباء كورونا بحلول عام 2026، بسبب الوباء والصدمات اللاحقة.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي إندرميت جيل “السنوات الخمس والعشرين المقبلة ستكون أصعب على الاقتصادات النامية مقارنة بالأعوام الخمسة والعشرين الماضية،” وحث الدول على تبني إصلاحات محلية لتشجيع الاستثمار وتوطيد العلاقات التجارية.

وانخفض النمو في البلدان النامية من نحو 6 في المئة في العقد الأول من هذا القرن إلى 5.1 في المئة في العقد الثاني، وبلغ في المتوسط نحو 3.5 في المئة في العقد الحالي.

وتتسع الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة أيضا بعد أن بلغ متوسط معدلات النمو للفرد في البلدان النامية، باستثناء الصين والهند، نصف نقطة مئوية أقل في المتوسط من تلك الموجودة في الاقتصادات الغنية منذ عام 2014.

وتتوافق التوقعات القاتمة مع التصريحات التي أدلت بها الأسبوع الماضي المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا. وقال البنك الدولي في تقريره “الاقتصادات النامية قد تواجه رياحا شديدة غير مواتية على مدى العامين المقبلين.”

وأضاف “حالة عدم اليقين الشديدة في السياسة العالمية قد تؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين وتقييد تدفقات التمويل. والتوترات التجارية المتزايدة قد تؤدي إلى تقليص النمو العالمي. والتضخم المستمر قد يؤدي إلى تأخير التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة.”

10