قطاع التكرير الضخم في الصين يواجه هزة مع ارتفاع الطلب على الوقود

أكد لاعبون في الصناعة ومحللون أن فرض عقوبات أميركية أكثر صرامة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب القادمة قد يؤدي إلى إلحاق المزيد من الخسائر بمصافي الصين، وتسريع عمليات الإغلاق عبر وقف الوصول إلى الخام الرخيص من أمثال النفط الإيراني.
بكين- يواجه 10 في المئة من طاقة تكرير النفط في الصين خطر الإغلاق في غضون السنوات العشر المقبلة مع بلوغ الطلب الصيني على الوقود ذروته قبل الموعد المتوقع، وبدء مساعي التخلص من عدم الكفاءة في الضغط على المصانع القديمة والأصغر حجما.
ولطالما عانت صناعة التكرير الصينية الثانية في العالم من فائض الطاقة بعد التوسع للاستفادة من ثلاثة عقود من النمو السريع في الطلب.
ويرى محللون أن السلطات، بما في ذلك المسؤولون في مركز التكرير المستقل بمقاطعة شاندونغ، تفتقر إلى الإرادة السياسية لإغلاق المصانع غير الفعالة التي توظف عشرات الآلاف من العمال.
ومع ذلك، فإن الكهربة السريعة لمركبات الصين والنمو الاقتصادي المتعثر يجعلان أضعف المشغلين غير قابلين للاستمرار، وهو ما يفرض لحظة حساب.
ومن المرجح أن يؤدي هذا التغيير إلى الحد من واردات الخام إلى الصين، أكبر مشترٍ في العالم، والتي تمثل 11 في المئة من الطلب العالمي.
وانخفضت واردات الخام الصينية بنسبة 1.9 في المئة عام 2024، وهو التراجع الوحيد في العقدين الماضيين خارج سنوات كوفيد، مع ضعف الطلب الذي يثقل كاهل أسعار النفط العالمية.
وسجل إنتاج المصافي العام الماضي انخفاضًا نادرًا أيضًا. وتعد معدلات التشغيل الضعيفة أوضح علامة على معاناة الصناعة.
تقدر شركة الاستشارات وود ماكنزي أن المصافي الصينية تعمل بنسبة 75.5 في المئة فقط من طاقتها العام الماضي، وهو ثاني أدنى معدل استخدام منذ عام 2019 وأقل بكثير من معدل المصافي الأميركية الذي يزيد عن 90 في المئة.
والأسوأ حالا هم منتجو الوقود المستقلون والمعروفون باسم “أباريق الشاي”، وأغلبهم في مقاطعة شاندونغ شرق البلاد، والذين يشكلون ربع الصناعة.
ولقد عملوا بنسبة 54 في المئة فقط من الطاقة العام الماضي، وفقًا لشركة استشارية صينية، وهو أدنى مستوى منذ العام 2017 خارج سنوات كوفيد.
وتم إخطار اللاعبين الأضعف فعليا من قبل بكين في 2023 عندما تعهدت بالتخلص من أصغر المصانع بموجب سقف قدرة التكرير المحلية البالغ 20 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2025، وهو أعلى بقليل من 19 مليون برميل يوميًا حاليًا.
وذكر لاعبون في الصناعة لرويترز أن المصانع الأصغر أصبحت قابلة للاستغناء عنها بعد بدء تشغيل 4 مصافي كبيرة تسيطر عليها شركات خاصة منذ عام 2019 والتي تشكل معا 10 في المئة من طاقة التكرير في الصين.
وبالإضافة إلى تحدياتهم، بدأت بكين في مطاردة المصافي المستقلة في عام 2021 بسبب الضرائب غير المدفوعة.
2.3
مليون برميل يوميا قدرة التكرير التي قد تفقدها المصافي بحلول 2050، وفق وود ماكينزي
وأكد مسؤولون تنفيذيون أن المشغلين الأصغر، وخاصة الذين لا يتأهلون لحصص بكين من الخام ويعملون على معالجة زيت الوقود المستورد، يواجهون أزمة أخرى، فمن المقرر أن تؤدي سياسات التعريفات والضرائب الجديدة إلى ارتفاع تكاليفهم في عام 2025.
وأوضح اثنان من المسؤولين التنفيذيين أن هذه المصانع تمثل طاقة معالجة مشتركة تتجاوز 400 ألف برميل يوميا.
وقدر العديد من كبار المديرين في المصافي المستقلة ومحلل أن ما بين 15 و20 مصنعا مستقلا، تمثل قرابة نصف طاقة المصافي التي تتراوح بين 4.2 مليون و5 ملايين برميل يوميا، يمكن أن تتحمل الضغط لمدة عقد أو أكثر.
وفي إشارة إلى مصافي الشاي قال وانغ تشاو، الباحث البارز في شركة سوبلايم تشاينا إنفورميشن، إن “المصافي الكبيرة والمتكاملة مع إنتاج الكيمياويات، والتي تتمتع بمساحة للتوسع والبنية الأساسية مثل خطوط الأنابيب والمحطات، يمكن أن تستمر في الأمد البعيد.”
وتتوقع شركة وود ماكنزي إغلاق 1.1 مليون برميل يوميا من الطاقة بين عامي 2023 و2028، أو 5.5 في المئة من الحد الأقصى المعلن، و1.2 مليون برميل يوميا أخرى بحلول عام 2050.
وبالفعل، واجهت ثلاث مصافي مقرها شاندونغ تابعة لمجموعة سينوكيم التي تديرها الدولة الإفلاس العام الماضي، بسبب الضرائب الباهظة غير المدفوعة وأغلقت إلى أجل غير مسمى.
وحتى لو تمكنت سينوكيم من إعادة فتحها، فإن المصانع ستعمل في وضع غير مؤات بسبب الكلفة، إذ تتجنب سينوكيم النفط المخفض من إيران أو فنزويلا أو روسيا بسبب مخاوف العقوبات، وفقًا لميا جينغ، محللة الصين في شركة أف.جي.إي الاستشارية للطاقة.
وللتعامل مع الهوامش المتدهورة تحولت العديد من أباريق الشاي بالكامل تقريبًا إلى النفط المخفض، وخاصة من إيران، وفقا لرويترز.
ومع ذلك، فإن احتمال أن تشدد الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب فرض العقوبات على النفط الإيراني، الذي يمثل أكثر من 10 في المئة من الواردات الصينية، قد يزيد من تكاليف أباريق الشاي.
ويهز الحظر المفاجئ على الناقلات الخاضعة للعقوبات الأميركية من قبل مجموعة ميناء شاندونغ الصينية سوق الشحن ويرفع أسعار النفط.
وتواجه المصانع في شاندونغ عامًا صعبًا بشكل خاص في 2025، حيث من المقرر أن يبدأ مصنع يولونغ للبتروكيماويات الذي تبلغ كلفته 20 مليار دولار تشغيل وحدته الثانية بسعة 200 ألف برميل يوميا قريبا، مما يؤدي إلى تفاقم فائض الوقود، وفقا للتجار.
وفرضت الحكومات المحلية بالفعل بعض تبسيط الصناعة، ولإفساح المجال لمصنع يولونغ، وهو مشروع حجر الأساس لشاندونغ، أغلقت السلطات الإقليمية بحلول أواخر عام 2022، 10 مصانع صغيرة يبلغ مجموع إنتاجها حوالي 540 ألف برميل يوميًا.
وبالإضافة إلى ذلك، في تحقيق وطني في عامي 2021 و2022، جردت بكين خمس مصافٍ من حصص الاستيراد الخاصة بها، مما ساهم في أول انخفاض سنوي في واردات الصين من النفط الخام منذ عقدين من الزمان في عام 2022.
وفي الوقت نفسه، تتحول المصافي المملوكة للدولة إلى استثمارات كيميائية أعلى جودة. ومن المقرر أن تغلق شركة بتروتشاينا مصفاة تبلغ طاقتها 410 آلاف برميل يوميًا في داليان هذا العام وتستبدلها بمصنع جديد أصغر يركز على البتروكيماويات.
وبالمثل، ستضطر شركة التكرير العملاقة سينوبك كورب في النهاية إلى إغلاق مصانع الوقود القديمة في المقاطعات الشرقية حيث يكون انتشار المركبات الكهربائية أعلى، بحسب جينغ وتاجر سينوبك الذي رفض الكشف عن اسمه.