اعتقال دمشق لمصري متشدد محاولة للتخفيف من هواجس القاهرة

دمشق - اعتقلت السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا الأربعاء مصري كان يقاتل مع جماعات متشددة لإسقاط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بعد بثه تسجيلات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي يهدد فيها الحكومة المصرية.
وقد تساعد هذه الخطوة في تخفيف قلق مصر من اعتلاء هيئة تحرير الشام، التي قادت الإطاحة بالأسد الشهر الماضي، السلطة في سوريا.
وتنظر مصر بقلق إلى الهيئة، التي كانت في السابق فرعا لتنظيم القاعدة، وقد اتخذت السلطات المصرية جملة من الإجراءات للتعاطي مع الوضع المستجد في سوريا من بينها تشديد الرقابة على السوريين الوافدين إليها.
ونشر المتشدد أحمد المنصور مقطعا مصورا هذا الأسبوع قال فيه إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سيلقى نفس مصير الأسد.
كما نشر صورة ظهر فيها إلى جانب أربعة ملثمين ومن خلفهم لافتة كتب عليها “حركة ثوار 25 يناير”، في إشارة إلى الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك في 2011.
المتشدد أحمد المنصور نشر مقطعا مصورا قال فيه إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سيلقى نفس مصير الأسد
وذكر مصدر بوزارة الداخلية السورية ومصدر أمني عربي أن السلطات ألقت القبض على المنصور الأربعاء وهو معتقل حاليا في مركز احتجاز.
وقالت مصادر أمنية مصرية إن القاهرة لم تطلب بشكل مباشر اعتقال المنصور لكنها أبدت عبر تواصل استخباراتي مع أطراف ثالثة غضبها من عودة ظهور متشددين مصريين هاربين في سوريا.
وبحسب المصادر ترى مصر أن الاضطرابات في سوريا قد تساعد تلك الفصائل الإسلامية على إعادة تنظيم صفوفها.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في قمة بالعاصمة السعودية الرياض الأحد إن مصر تدعم وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام سيادتها، لكنه دعا إلى تكاتف المجتمع الدولي للحيلولة دون أن تكون سوريا “مصدرا لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركزا للجماعات الإرهابية،” بما قد يمثل تهديدا أو استفزازا لأي من دول المنطقة.
ولم ترد وزارة الداخلية المصرية أو وزارة الخارجية على طلبات التعليق بعد.
وكانت وسائل إعلام مصرية مرتبطة بالدولة أكثر صراحة في انتقاد التغيير في دمشق وأبدت مخاوف من عودة جماعة الإخوان المسلمين في ظل السلطة الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام.
ترقية عدد من المتشددين الأجانب في صفوف الجيش السوري الذي يعاد تشكيله، أمر مثير للقلق
والإخوان المسلمون، وهي واحدة من أكثر الحركات الإسلامية نفوذا وأقدمها في العالم العربي، جماعة محظورة في العديد من الدول العربية ومن بينها مصر، وكانت محظورة في سوريا في عهد عائلة الأسد.
وقال المذيع المصري عمرو أديب يوم السبت “أنتم (السوريون) أحرار افعلوا ما تريدون.. ولكن عندما يتم استخدام دمشق كمنصة للهجوم على الدولة المصرية.. هنا يجب أن تتحدث الدولة المصرية. هذا أمر مرفوض.”
وأوضح المصدر العربي “(السلطات السورية) هي التي ألقت القبض عليه بعدما تلقت الرسالة من الحملة الإعلامية المصرية.” وأضاف “إنها إشارة إلى القاهرة التي تعتبر هذه القضية مهمة للغاية.”
وتحاول الإدارة السورية الجديدة طمأنة المحيط العربي والمجتمع الدولي بأنها لا تشكل أي تهديد مستقبلي، في سعيها لتكريس سلطتها في سوريا، والذي يتطلب دعما إقليميا ودوليا.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام، والقائد الفعلي لسوريا حاليا أحمد الشرع في وقت سابق إن الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام، و”لن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر،” مبينا أن بلاده لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان.
محللون يرون أن تصريحات الشرع يجب أن تتوافق مع خطوات على الأرض
وأوضح الشرع في تصريحات صحفية أن “سوريا سبق أن تحولت منبرا لإيران تدير منه أربع عواصم عربية أساسية، وعاثت حروبا وفسادا في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج، وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون.”
وأضاف “ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة من إخراج للميليشيات الإيرانية، وإغلاق سوريا كلياً كمنصة للأذرع الإيرانية، وما يعني ذلك من مصالح كبرى للمنطقة برمتها، لم تحققه الوسائل الدبلوماسية، ولا حتى الضغوط.”
وأردف بأن “سوريا اليوم تعيش مرحلة جديدة هي بناء الدولة، ونحن نسعى لبناء علاقات إستراتيجية فاعلة مع الدول العربية. سوريا تعبت من الحروب، ومن كونها منصة لمصالح الآخرين، ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي.”
ويرى محللون أن تصريحات الشرع يجب أن تتوافق مع خطوات على الأرض، لافتين إلى أن ترقية عدد من المتشددين الأجانب في صفوف الجيش السوري الذي يعاد تشكيله، أمر مثير للقلق.
وانضم آلاف الأجانب من المسلمين السُنة إلى التنظيمات السورية المسلحة في وقت مبكر من الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما للقتال ضد حكم الأسد والمجموعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران.
ومُنح علاء محمد عبدالباقي، الذي حكمت محكمة مصرية عليه بالسجن المؤبد غيابيا بتهمة الإرهاب في 2016، رتبة عسكرية في القوات المسلحة السورية أواخر الشهر الماضي.
وفي ديسمبر انتشرت على نطاق واسع صورة لقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع بصحبة محمود فتحي، وهو متشدد مصري آخر محكوم عليه بالإعدام في مصر. ولم يصدر تعليق من القاهرة بشأن الصورة.