التلفزيون السوري سيعود بـ"رؤية جديدة".. ماذا عن حرية التعبير

بالتزامن مع الحديث عن عودة التلفزيون السوري بـ"رؤية جديدة" من ناحية الشكل والمضمون، بما يتناسب مع سوريا الجديدة، ازداد الجدل بين السوريين حول الحريات الإعلامية في المنبر الرسمي للدولة الذي لا يزال غائبا عن المشهد تاركا فراغا كبيرا لدى المشاهد.
دمشق - كشف مسؤول في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في دمشق أن التلفزيون السوري سيعاود بثه قريبا، مشيرا إلى أن الانطلاقة الجديدة ستكون “مختلفة شكلاً ومضموناً”، بينما تزداد التساؤلات عن سبب فراغ المنبر الإعلامي الرئيسي للدولة بعد مرور أكثر من شهر على سقوط نظام بشار الأسد.
ونقلت صحيفة “الحرية” (تشرين سابقاً) عن معاون المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والمشرف على قناة الدراما محمد السخني أنهم بصدد التحضير لانطلاقة جديدة “تواكب نصر الثورة السورية”.
وأشار السخني إلى أن التلفزيون السوري سيعود بـ”رؤية بصرية مختلفة من جهة الشكل البصري للمحطات والشعارات التي تميز كل قناة عن غيرها وبما يتناسب مع سوريا الجديدة، وسيظهر بحلة مختلفة وبجودة ‘إتش.دي’ العالية بعد أن كان بجودة ‘أس.دي’، كما سيتم اعتماد خدمة البث التلفزيوني عبر الإنترنت.”
وأكدت مصادر إعلامية على أن مقرات التلفزيون السوري كانت قد تعرضت للنهب ليلة سقوط النظام في سوريا. وأضافت أن المقرات كانت أساسا متهالكة جداً وتعتمد أنظمة قديمة.
ولا تزال الفوضى مستمرة على حسابات التلفزيون الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، واستغرب ناشطون عدم الاهتمام بهذا التفصيل المهم من قبل المسؤولين عن الإعلام في سوريا:
AR2011B@
وأكثر ما يشغل السوريين بالنسبة إلى الشأن الإعلامي هو كيف سيكون نهج هذا التلفزيون في ظل سلطة لديها توجه إسلامي متشدد، فبعد أسبوع من سقوط النظام تم تعيين علاء برسيلو مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة، ما أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي نظراً إلى غموض شخصية برسيلو، فهو شاب لم يكن معروفاً في مجتمع الإعلام السوري، لذلك انتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعيين شخصية غير معروفة لإدارة مؤسسة في غاية الأهمية مثل التلفزيون الرسمي للبلاد.
وعلاء برسيلو شاب سوري من مواليد عام 1991 وكان يقيم في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وهو ناشط إعلامي وكان مديرا لمنصة “المبدعون السوريون” المتخصصة في تطوير المواهب الإعلامية، كما أفادت تقارير سورية بأنه كان يدير صفحة مقربة من هيئة تحرير الشام على منصة فيسبوك.
وإلى جانب ذلك أشارت المصادر إلى عروض تلقتها السلطات السورية من أجل العمل على ترميم مبنى الإذاعة والتلفزيون خصوصا دون الكشف عن طبيعتها، بينما تحدث ناشطون عن دعم قطري ووجود فريق إعلامي من قناة الجزيرة يجري اجتماعات مع فريق التلفزيون السوري، وهو ما أثار القلق من نهج التلفزيون القادم.
وعلق الكثيرون على هذه الأنباء بالقول إنهم يريدون تلفزيونا وطنيا يمثل الشعب السوري لا منبرا يخدم أجندات خارجية، وقالت ناشطة:
ramia_yahia@
وأكد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد العمر أن الوزارة تعمل على وضع معايير واضحة تضمن حرية الإعلام، مع الالتزام بالقيم التي تليق بسوريا الجديدة.
وقال العمر في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي إن إعلام النظام السابق كان أسير توجيهات أجهزة المخابرات، مضيفا أن إعلام سوريا الحرة اليوم يعكس تطلعات الشعب وينقل صوته بصدق، ملتزما بقيمه ومبادئه الراسخة.
وحول المصادر الإعلامية الحكومية التي يجب أن يعتمد عليها المواطن السوري والعربي للحصول على المعلومة الصحيحة، أشار العمر إلى أن الوزارة أعادت تفعيل وكالة الأنباء السورية (سانا) كي تكون مرجعا موثوقا للحصول على الأخبار الرسمية، وكذلك الصفحات الرسمية للجهات العامة.
وتابع أن الوزارة تعمل حاليا على إعداد آلية شاملة، لتعيين متحدثين رسميين يمثلون الحكومة في القريب العاجل من أجل تسهيل التواصل مع وسائل الإعلام.
وانتقد ناشطون تعيين وزير للإعلام دون أن يرى التلفزيون النور منذ أكثر من شهر، مقابل صعود منابر خاصة في سوريا، وجاء في تعليق:
Shams_1307@
# هل تعتقد حقا أن تعيين وزير الإعلام الجديد وغياب التلفزيون الرسمي كانا محض صدفة؟
تحييد الإعلام وإيجاد إعلام رديف (تلفزيون سوريا) كانا خطة مدروسة منذ البداية.
الشعب السوري يستحق وزراء أفضل من هؤلاء!
ولا حدى يقلي مؤقت (ولا أريد أن يقول لي أحدهم إن ذلك كان بشكل مؤقت)! كان من الممكن تعيين أكفاء مؤقتين أيضا.
وبالنسبة إلى قناة الدراما أكد السخني أنه ستخصص مساحة هامة للدراما التي تعنى بالأسرة والمجتمع وستكون الكوميديا حاضرة عبر بعض المسلسلات وسيكون هناك استذكار لبعض الأعمال التاريخية، كما ستخصص مساحة للبرامج الفنية والترفيهية المنوعة والتي تلامس بمواضيعها نبض الشارع.
وبعد سقوط النظام السابق في الثامن من الشهر الماضي توقفت كافة القنوات التابعة للتلفزيون السوري عن البث. ومنذ ذلك الحين يقتصر عمل القناة الرئيسية على بث شريط إخباري لفترات وجيزة، بينما تهيمن الشاشة السوداء.
ويمتلك التلفزيون السوري إرثًا يزيد على ستة عقود، حيث بدأ إرساله في 23 يوليو 1960 بالتزامن مع التلفزيون المصري تحت اسم “التلفزيون العربي” خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر.
وعقب اندلاع الثورة السورية عام 2011 تخصص عمل التلفزيون السوري في ترويج رواية النظام بخصوص “المسلحين والمجموعات الإرهابية”، وكان ينفي جميع التقارير التي تتحدث عن وقوع مجازر بحق مدنيين، كما نفى حصول “مجزرة الكيمياوي” في غوطة دمشق وأكد أنها تمثيلية، فيما عرض لاحقا فيلما قصيرا ساخرا من عمل الدفاع المدني السوري باسم “الخوذ البيضاء”، وفي المقابل اعتمد السوريون على القنوات العربية الأخرى أو المؤسسات الإعلامية السورية المعارضة لتلقي الأخبار.