البرلمان الليبي يكشف أسباب تجاهله مقترح قانون المجلس الرئاسي للمصالحة

بنغازي – أكد رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، أن المجلس غير ملزم بعرض ومناقشة قوانين تقدم إليه من أي جهة كانت، في إشارة إلى رفضه مقترح نص قانون للمصالحة الوطنية المقدم من المجلس الرئاسي، ما يعكس حجم الصراع بين المجلسين في ظل حالة الاستقطاب والانقسام السياسي التي تعرفها البلاد.
وأضاف صالح خلال لقاءه الفريق السياسي للمركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب مساء السبت، أن "هناك طريقتان لعرض القانون وهما بمقترح قانون يقدم من أعضاء مجلس النواب أو مشروع بقانون يقدم من الحكومة، وخلاف ذلك فإن مجلس النواب غير ملزم بعرض أي قوانين من اي جهة كانت".
ويكشف موقف عقيلة صالح عن تمسك البرلمان باختصاصه في إدارة ملف المصالحة وتنفيذه بعد إعلانه عن انتهاء آجال الاتفاق المنبثق عن ملتقى الحوار السياسي عام 2021، وبالتالي انتهاء ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وقراره نقل صلاحيات المجلس الرئاسي إليه، ومنها المصالحة الوطنية وتنفيذها.
وأقر مجلس النواب بالأغلبية قانون المصالحة الوطنية في جلسة بمدينة بنغازي الثلاثاء الماضي، بعد مناقشة مشروع القانون واستيفاء دراسة مواده ومداولتها.
وانتقد المجلس الرئاسي تجاهل مجلس النواب لمشروع قانون المصالحة الوطنية، الذي سبق أن تقدم به العام الماضي، معتبرا أن خطوة البرلمان الأخيرة ضمن القرارات الأحادية، التي تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلبا على أمن واستقرار البلاد.
وقال المجلس الرئاسي، الأربعاء الماضي، إنه كان يأمل التعامل مع المشروع الذي تقدم به بروح المسؤولية الوطنية، بعيداً عن التسييس، إلا أن جلسة مجلس النواب خالفت هذه التطلعات، وزادت من تعقيد المسار.
وبدأت الأزمة عندما تقدم المجلس الرئاسي في فبراير 2024 بمشروع قانون للمصالحة الوطنية إلى مجلس النواب، وانتظر مناقشته والموافقة عليه، لكن الأخير كان يعمل على مشروع مماثل، أقره الثلاثاء الماضي خلال انعقاده في مدينة بنغازي.
ودافع المجلس الرئاسي عن مقترحه، بقوله إنه تعامل في ملف المصالحة بشفافية ومهنية ليبية خالصة، والمشروع حظي بإشادة دولية قبل إحالته إلى مجلس النواب منذ أكثر من عام، بعد إعداده وفق معايير مهنية، ومرجعيات وطنية لضمان حقوق الأطراف كافة، وتعزيز فرص المصالحة.
ودعا الرئاسي إلى الالتزام بالاتفاق السياسي بوصفه أساساً شرعياً لتنظيم عمل المؤسسات السياسية، وتنسيق اختصاصاتها لتجنب النزاعات وفرض الأمر الواقع.
وشدّد المجلس الرئاسي على أهمية تجنب القرارات الأحادية التي تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد، متعهداً بمواصلة حماية هذا المشروع الوطني، وضمان مساره الصحيح وفق صلاحياته.
وفي وقت سابق، دعا محمد المنفي، إلى إقرار نص قانون المصالحة المحال من المجلس الرئاسي منذ فبراير 2024 دون إجراء أي تعديلات في جلسة شفافة صحيحة الانعقاد.
ومنذ أبريل 2021 والمجلس الرئاسي يعمل على مشروع للمصالحة الوطنية ولكن من دون جدوى. فقد عقد مؤتمرات تحضيرية للمؤتمر العام الجامع في طرابلس وبنغازي وزوارة وسبها لإعداد اللائحة الختامية، لكنه فوجئ بأن ممثلي سيف الإسلام القذافي وقيادة الجيش الوطني خيروا الانسحاب بسبب غياب الإرادة الحقيقية لطي صفحة الماضي.
وقال عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، قبل تصويت البرلمان إن مشروع المصالحة الوطنية يستند إلى مبدأ الشمولية، واحتواء جميع الأطراف، لضمان تحقيق أهدافه السامية.
في المقابل، قال مشاركون في "ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء"، الذي عُقد في طرابلس الأسبوع الماضي، إن "صفة القائد الأعلى للجيش الليبي خاصة بالمجلس الرئاسي"، معتبرين ملف المصالحة والإشراف على الانتخابات من اختصاصات "الرئاسي" الممنوحة له في ملتقى الحوار السياسي بجنيف العام 2021.
وأضافوا أن المصالحة يجب أن تسفر عن "اتفاق بشأن قيادة وإدارة موحدة للدولة"، داعين إلى عدم تجاوز قانون العدالة الانتقالية رقم 29 للعام 2013، الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وتنفيذه لتحقيق السلم الاجتماعي. وطالبوا بتفعيل دور المفوضية الوطنية للمصالحة ودعمها، وتسمية أعضائها.