مسرور برزاني يلمح إلى إعادة النظر بالشراكة السياسية مع بغداد

رئيس حكومة كردستان يصف تعاطي الحكومة الاتحادية مع الإقليم بشأن الرواتب بأنه غير عادل ومناف للدستور، ولا يرقى حتى لتعامل المحافظات.
الأحد 2025/01/12
قرارات مهمة لحكومة كردستان بشأن مستحقاتها المالية وحل أزمة الرواتب

أربيل (كردستان العراق) – عقد مجلس وزراء إقليم كردستان العراق برئاسة رئيس الحكومة مسرور بارزاني، السبت، اجتماعا "غير اعتيادي" في أربيل، لمناقشة مسألة رواتب الموظفين ومستحقات الإقليم المالية لدى الحكومة الاتحادية، والذي أظهر عدم رضى حكومة الإقليم بسياسة بغداد في التعامل معهم، فيما حذر مختصون من مشاركة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في اجتماع إئتلاف إدارة الدولة اليوم الأحد، واصفين إياه بـ"اجتماع الوداع".

وقال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، في اجتماع عقد في مبنى مجلس وزراء كردستان، بحضور نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني ومشاركة ممثلي حكومة إقليم كردستان في بغداد، ورؤساء كتلتي الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين ونائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله، إننا "على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول".

وأضاف "علينا جميعا أن نكون ممثلين حقيقيين لشعب كردستان، وندافع عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان"، مؤكدا أنه "يجب أن نكون متحدين حتى تدرك بغداد أننا جادون بشأن حقوقنا الدستورية والمالية، لأن شعب كردستان لا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة".

وأعرب برزاني عن الأسف لسلوك بغداد الحالي مع إقليم كردستان، والذي "لا يرقى لمعاملة فيدرالية ولا لكيان اتحادي، وهي حتى لا تعامل المحافظات بهذا الشكل، لذا فإنّ سلوكها مع إقليم كردستان، هو سلوك غير عادل ومنافٍ للدستور، ولا ينسجم مع النظام الاتحادي، وغير مقبول".

ودعا إلى "تصحيح مسار هذه العلاقة، إذ لدينا دستور نحتكم إليه، وعلينا الالتزام به واحترام كيان إقليم كردستان. غالباً ما تلجأ بغداد إلى المحكمة الاتحادية".

وأشار إلى أنّ قرار المحكمة الاتحادية "أقوى من اتخاذ بعض الخطوات تجاه إقليم كردستان"، لافتاً إلى أنّ "التعامل مع المحكمة الاتحادية ينطوي على المزاجية. فعندما كان ذلك في مصلحتهم، لجأوا إليه دائماً، لكنهم تجاهلوا أحكامها عندما صبت في صالح شعب كردستان".

وطالب بأن "يتبدد هذا القلق والهاجس" في 2025، لأن شعب كردستان "لا يستحقّ أن يُعامل بهذه الطريقة"، وهو "يستحقّ الاحترام لنضاله وتضحياته، وأن تُصرف رواتبهم ومستحقاتهم في مواعيدها مثل سائر المواطنين العراقيين".

وأضاف في هذا السياق "نطالب بالمساواة، ونطالب بحقوقنا الدستورية، وندعو إلى بناء علاقة صحّية وسليمة بين بغداد وأربيل".

وبعد ذلك، قدّم وزراء المالية والاقتصاد، والثروات الطبيعية بالوكالة، والتخطيط، وشؤون البيشمركة، والعمل والشؤون الاجتماعية، والصحة، وشؤون الشهداء والمؤنفلين، تقارير ومعلومات مفصّلة معزّزة بالجداول والأرقام والوثائق الدقيقة بشأن انتهاك الحقوق الدستورية للإقليم، والمعاملة غير العادلة تجاه مواطني الإقليم.

عقب المداولات وتبادل الآراء والمناقشات، أكّد الاجتماع ضرورة تضافر الجهود، وتوحيد المواقف، والتنسيق اللازم بين الأطراف الكوردستانية، وممثلي الإقليم على مستوى مجلسي الوزراء الاتحادي، والنواب، "من أجل نيل كامل الحقوق والاستحقاقات للإقليم في بغداد، في إطار قانون الموازنة العامة الاتحادية، وقرار المحكمة الاتحادية العليا بصرف الرواتب إسوةً بباقي مناطق العراق وفي مواعيدها، واحترام الحقوق الدستورية للإقليم بوصفه كياناً اتحادياً ودستورياً".

واتخذت حكومة كردستان ثلاثة قرارات من أجل "نيل كامل الحقوق والاستحقاقات" وحل مشكلة الرواتب لهذا العام، في إطار قانون الموازنة العامة الاتحادية.

 وأولى القرارات أن تعمل حكومة إقليم كردستان وممثلو الإقليم في الحكومة الاتحادية بشكل مشترك تأمين الرواتب بالكامل لمتقاضي رواتب إقليم كردستان عن الاثني عشر شهراً لعام 2025، وعلى هذا الأساس، تقرّر أن يلتقي وفد من ممثلي إقليم كردستان مع رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، لنقل رسالة إقليم كردستان بضرورة التعامل مع الإقليم ككيان اتحاديّ ودستوريّ، وحل مشكلة الرواتب لسنة 2025.

 كما قرر المجلس الوزاري مشاركة وزارة المالية والاقتصاد بإقليم كردستان في عملية مراجعة حصة الإقليم من الجدول المقترح لنفقات الرواتب والنفقات التشغيلية، ومشاريع الموازنة الاستثمارية، وموازنة تنمية الأقاليم والمحافظات، والجداول المتعلقة بكل المستحقات للسنة المالية 2025 وإعدادها بالاشتراك بين وزارة مالية الإقليم ووزارة المالية الاتحادية، ولا سيّما فيما يتعلق بحصة الإقليم ومستحقاته والدرجات الوظيفية والملاكات، بحسب الدستور وقرار المحكمة الاتحادية العليا.

وثالث القرارات يمتثل في العمل ابتداءً من الآن على قانون الموازنة الاتحادية، بحيث تُحدّد حصة إقليم كردستان من الموازنة على أساس النسبة السكانية للإقليم حسب التعداد العام للسكان الذي أجري العام الماضي، والمعايير الدستورية العادلة في تحديد حصة الإقليم من الموازنة ككيان اتحادي، ومن ثمّ إرسالها مع مراعاة خصوصية إقليم كوردستان ككيان اتحاديّ، وتوزيعها في إطار حصة الإقليم من الموازنة.

إلى ذلك، حذر الخبير الكردي في الشأن السياسي عبدالرحمن حجي زيباري، السبت، من مشاركة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في اجتماع إئتلاف إدارة الدولة اليوم الأحد، واصفا إياه بـ"اجتماع الوداع".

وقال زيباري في تغريدة له عبر منصة إكس، إنه "سيزور رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني بغداد للمشاركة في اجتماع إدارة الدولة الحاكم في العراق على الشركاء حسم مسألة رواتب الإقليم وتعديل قانون موازنة الدولة"، مبينا أن “البدائل ستكون غير وطنية ومسمومة، وربما يكون اجتماع الوداع".

وأضاف قائلا "لذا على الجميع التصرف بسرعة وحكمة وحسب الكفالات الدستورية (م 30.31.111)".

ومن المقرر أن يزور رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، العاصمة الاتحادية بغداد الأحد للمشاركة في اجتماع ائتلاف ادارة الدولة.

ويذكر أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، زار العاصمة الاتحادية بغداد خلال شهر أبريل 2024 مرتين، الأولى كانت في الخامس منه، والثانية استمرت يومي 27 و28 منه، اجتمع خلالها مع مسؤولين كبار في الدولة ورؤساء أحزاب وشخصيات سياسية بارزة، وبحث عدة ملفات تخص اقليم كردستان والعراق والمنطقة.

وأكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صبحي المندلاوي، الخميس، أن تهديد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هورامي بالانسحاب من العملية السياسية في العراق بأنه "حقيقي وجاد".

وكان المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هورامي، هدد في 8 يناير الجاري، بالانسحاب من الحكومة الاتحادية، في حال لم تلتزم بصرف رواتب الموظفين بشكل منتظم.

وأكد عضو اللجنة المالية البرلمانية النائب سوران عمر، في الوقت ذاته، أن الحكومة الاتحادية أرسلت مبلغ 441 مليار دينار، وطلبت من حكومة الإقليم إكمال المبلغ من الإيرادات الداخلية، كون حكومة الإقليم لم ترسل لبغداد الإيرادات منذ 6 أشهر"، مبينا أن حكومة الإقليم لا تريد صرف رواتب شهر ديسمبر للعام الماضي، واكتفت بتوزيع 11 شهرا من عام 2024، وهي بذلك تخالف قرار المحكمة الاتحادية، ونحن كنواب سنلجأ للقضاء، لإنصاف حقوق الناس.

وأرسلت وزارة المالية، في 31 ديسمبر الماضي، رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر 12 لشرائح المتقاعدين وعقود البيشمركة والرعاية الاجتماعية ومؤسسات أخرى.

ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في أكتوبر 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.

وكان مساعد رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان للشؤون الاقتصادية والإدارية، ريباز حملان، اتهم، في 4 أكتوبر 2024، حكومة بغداد باختلاق المبررات والأعذار مختلفة، لتأخير إرسال الرواتب”، لافتا إلى أن "وزارة المالية الاتحادية لديها بعض الملاحظات على قوائم الموظفين وخاصة نظام (البايومتري)، وعلى بعض الترفيعات في بعض الدوائر الحكومية في الإقليم".

وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة "التقشف"، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.

ورغم قرار المحكمة الاتحادية إلا أن حكومة الإقليم تصر على توطين الرواتب في مشروع حسابي، الذي يضم مجموعة بنوك داخل إقليم كردستان.

وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.