البرلمان الليبي يقر بالأغلبية قانون المصالحة الوطنية

بنغازي (ليبيا) - أقر مجلس النواب الليبي بالأغلبية قانون المصالحة الوطنية في جلسته الثلاثاء بمدينة بنغازي شرق البلاد، في خطوة جديدة وحاسمة نحو تجاوز الليبيين سنوات الاقتتال والحرب الأهلية.
وقال المتحدث باسم المجلس عبدالله بليحق عبر حسابه على فيسبوك "أقر مجلس النواب قانون المصالحة الوطنية بالأغلبية".
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت بعد مناقشة "مشروع قانون المصالحة الوطنية وبعد استيفاء مناقشة ومداولة مواد مشروع القانون".
ولم يكشف البرلمان في جلسته المغلقة أو عبر بيان رسمي عن مواد القانون، إلا أن وسائل إعلام ليبية أفادت بأنه تم التصويت على القانون المكون من 62 مادة باستثناء المادة 44 وما تلاها، المتعلقة بإنشاء صندوق خاص بأموال التعويضات، حيث أُرجئ الحسم فيها لمزيد من الدراسة والتوافق لضمان تحقيق متطلبات العدالة التي تلبي احتياجات جميع الأطراف.
وأكد صالح أفحيمة، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب الليبي، أن إقرار القانون جاء بعد عمل شاق ومفاوضات طويلة استغرقت وقتًا وجهودًا كبيرة.
وأضاف في تصريح لصحيفة "المرصد الليبية"، أن القانون جاء نتيجة تعاون وتنسيق بين مختلف الأطراف، حيث أُخذ بعين الاعتبار ملاحظات الجهات المعنية، من بينها مؤسسات المجتمع المدني، والخبراء القانونيون، وأعضاء من المجلس الأعلى للدولة، إضافة إلى اللجنة القانونية المكلفة من المجلس الرئاسي.
وأوضح أن ورشة العمل التي عُقدت في تونس كانت نقطة محورية في صياغة القانون، حيث عملت لجنة المصالحة بمجلس النواب بالتعاون مع اللجنة التشريعية وعدد من الجهات الأخرى على جمع وتقييم الملاحظات وصياغتها في القانون النهائي، بما يعكس رغبة الليبيين في تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وأكد افحيمه أن هذا القانون يمثل خطوة أساسية نحو ترسيخ العدالة الانتقالية وتعزيز المصالحة الوطنية، داعيًا جميع الأطراف إلى العمل معًا بروح وطنية لتطبيق القانون وتحقيق أهدافه بما يخدم مستقبل ليبيا ووحدتها.
وفي نوفمبر الماضي، دعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى إقرار قانون المصالحة الوطنية المحال من المجلس الرئاسي منذ فبراير العام الماضي "دون إجراء أي تعديلات في جلسة شفافة صحيحة الانعقاد"، في رسالة وجهها إلى مكتب رئاسة البرلمان، بتاريخ 20 نوفمبر الماضي.
ويعمل المجلس الرئاسي على مشروع للمصالحة الوطنية منذ أبريل 2021، ويخطط لعقد مؤتمر جامع بدعم من الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غير أنه تأجل أكثر من مرة بسبب استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية حول أجندة المؤتمر وتمسك الأطراف المعنية بمواقفهم.
وقبل تصويت البرلمان على القانون، قال عبدالله اللافي عضو المجلس الرئاسي، إن "مشروع المصالحة الوطنية يستند إلى مبدأ الشمولية واحتواء جميع الأطراف لضمان تحقيق أهدافه السامية".
وأشار وفق منشور عبر حسابه على فيسبوك إلى "إحالته إلى مجلس النواب، بعد أن جرى إعداد مواده بعناية من قبل خبراء وطنيين، ليكون محطة محورية في مسار تعزيز السلم والاستقرار".
وقطع الليبيون شوطا كبيرا في مسار المصالحة الوطنية، خاصة بعد توقيع ميثاق مصالحة بين مكوني التبو والعرب في مدينة مرزق جنوب ليبيا؛ لتنتهي سنوات من الاقتتال بينهما، والذي أعطى مؤشرا وبارقة أمل على استعداد الليبيين لطي صفحة الماضي في كثير من الملفات العالقة.
كما عقد مجلس النواب سلسلة مؤتمرات جماهيرية واجتماعات مع الخبراء تمهيدا للمصالحة الوطنية باعتبارها أحد استحقاقات المرحلة واستعدادا للانتخابات المنتظرة منذ سنوات.
وتستعد الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب لعقد مؤتمر للمغتربين في إطار جهود المصالحة الوطنية، وطي صفحات الماضي.
وسيكون المؤتمر هو الأول من نوعه للمغتربين الليبيين في الخارج، بعد هجرة عشرات الآلاف إلى الخارج منذ عام 2011، وإثر الحروب المتتالية التي شهدتها البلاد.
وتقدر أعداد الليبيين في الخارج بأكثر من 1.5 مليون شخص، غالبيتهم يقيم إقامة دائمة في الخارج بدول الجوار خاصة مصر وتونس، بسبب النزاعات المستمرة منذ عام 2011.
ويدعم المجتمع الدولي وعلى رأسه البعثة الأممية للدعم في ليبيا، ودول رعاية مؤتمر برلين حول ليبيا، والاتحاد الأفريقي إجراء مصالحة وطنية في ليبيا، وفي هذا الإطار أتت زيارات الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس جمهورية الكونغو برازافيل دينيس ساسو نغيسو، رئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا، والمعنية بالمصالحة.
ويطالب الليبيون بمصالحة وطنية لطي الخلافات التي نشبت أثناء الاحتجاجات التي أسقطت نظام معمر القذافي (1969-2011) والحروب الداخلية التي تبعتها خلال الأعوام الماضية.
وبموازاة ذلك، تستمر جهود أممية ومحلية لإيصال ليبيا إلى انتخابات تحل أزمة صراع بين حكومتين إحداهما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة ومقرها طرابلس (غرب) وتدير كامل غرب البلاد، والثانية عينها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد ومقرها بنغازي، وتدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.