تغيير اسم جريدة تشرين السورية إلى الحرية.. المهنية أهم من التسمية

ينتظر الجمهور السوري من وسائل الإعلام المحلية نهجا مختلفا في المرحلة الراهنة عما كانت عليه في العهد السابق، إذ إن تغيير اسم الجريدة الرسمية الأشهر في سوريا من “تشرين” إلى “الحرية” لا يكفي لتحظى بالمهنية بغياب خطة إعلامية لإدارة المنابر التي لا تزال عاجزة عن مواكبة الأحداث المتسارعة في سوريا.
دمشق - غيّرت وزارة الإعلام السورية اسم صحيفة “تشرين” الحكومية إلى صحيفة “الحرّية” الاثنين. وقامت بالتعديل في هويتها البصرية وشعارها الذي أصبح “الحرية – وطن – الكلمة”، بينما علق ناشطون وصحافيون على الخطوة بالقول إنها يجب أن تتبعها خطوات أهم تتعلق بهيكلة كاملة للإعلام الرسمي شبه الغائب بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وفي منشور في الصفحة الأولى، أوضحت إدارة التحرير في الصحيفة أن تغيير الاسم جاء استجابة لشغف السوريين بوطنهم ورغبتهم في بناء “فجر جديد” و”أفق مشرق”.
وقالت الصحيفة إن “الحرية أصبحت اليوم منطلقا للعمل” حيث يسعى القائمون عليها لترسيخ هوية جديدة بواقعية وتصالح، واستدراك أربعة عقود سلفت من العمل تحت “عنوان طمسه تقادم السنين” حسب تعبيرها.
وأضافت في منشور عبر فيسبوك “لأنّها الحرية… ولأنّها خيار السوريين وهم ييممون وجوههم صوب فجر جديد وأفق مشرق، صاغه شغفهم اللامحدود بوطنهم. ستعلو (الحرية) منبرنا وستكون أيقونتنا وعنواننا الذهبي، ونحن نسعى لمصافحة دافئة حقيقية مع قارئ ومتابع ينشد صدق الدلالة كما صدق العبارة”.
وتفاعل الناشطون في سوريا مع الخبر بين الترحيب والتساؤل عن مستقبل الإعلام السوري والخطوة القادمة التي يجب اتخاذها، لتقديم الأخبار للجمهور المتعطش للمعلومة الموثوقة وسط تدفق الأخبار الكاذبة، إضافة إلى ضمان أن تحظى وسائل الإعلام بالحرية قولا وفعلا، وجاء في تعليق:
almutanabbea@
لا يهم الاسم
حتى لو أسموها صحيفة “كوسا بلبن” ما في مشكلة المهم ما تكون الصحيفة بوقا للسلطة، أي سلطة وتكون مراقبا على الأداء الحكومي وتفضح أي تجاوز من أي كان.
وقال المركز السوري لاستقصاء الجرائم في تغريدة:
C_S_E_C@
صحيفة #الحرية هو الاسم الجديد لصحيفة تشرين (الناطقة باسم النظام البائد). نتمنى أن تنقل أخبارها بمهنية ومصداقية وأن تسلط الضوء على معاناة الناس وتنشر تقارير عن حجم الدمار والإجرام وتسلط الضوء على المشكلات اليومية، وتلتقي وتتابع مع المسؤول. حتى يكون النقد بناء وليس جارحا فقط.
وصدر العدد الأول من صحيفة “تشرين” في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1975 في الذكرى الثانية لحرب أكتوبر، وهي الصحيفة الرسمية الثالثة في سوريا إلى جانب صحيفة “الثورة” وصحيفة “البعث” الناطقة باسم حزب “البعث العربي الاشتراكي”.
وكتب الصحافي علي سفر في منشور على صفحته في فيسبوك:
وقال ناشطون إن اسم الجريدة السابق “تشرين” كان يحيل إلى مناسبتين مختلفين في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر ذكرى ما يسمى “الحركة التصحيحية” التي انقلب فيها الرئيس الأسبق حافظ الأسد على رفاقه في الحزب، والمناسبة الثانية حرب تشرين التحريرية في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر التي شنّتها القوات المسلحة المصرية والسورية في وقت واحد على إسرائيل على جبهتي شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان، لتحريرهما من الاحتلال الإسرائيلي.
وكتب الصحافي وليد يوسف بشأن هذا الاختلاط حول التسمية:
Walid Yousef
ومع تزايد الجدل حول مصير الصحافيين المحسوبين على نظام الأسد، أوضح وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد العمر أن المراسلين الحربيين الذين شاركوا النظام في جرائمه وسفكوا دماء الشعب السوري سيُحالون إلى القضاء المختص.
وكشف العمر عن جهود الوزارة لتحديد معايير تضمن حرية الإعلام في سوريا، مع الالتزام بالقيم التي تعكس تطلعات الشعب السوري وسوريا الجديدة.
وذكر أن “إعلام النظام السابق كان أسير توجيهات أجهزة المخابرات”، مضيفا أن “إعلام سوريا الحرة اليوم يعكس تطلعات الشعب وينقل صوته بصدق، ملتزما بقيمه ومبادئه الراسخة.”
وبخصوص المصادر الإعلامية الحكومية، ذكر العمر أن الوزارة أعادت تفعيل وكالة الأنباء السورية (سانا) لتكون مرجعا موثوقا للحصول على الأخبار الرسمية، وكذلك الصفحات الرسمية للجهات العامة.
ويرى العمر أن من المبكر الحديث عن إعادة هيكلة الأجسام الصحفية، مضيفا أن الوزارة تعمل حاليا على وضع رؤية إعلامية شاملة تجمع مختلف المؤسسات الصحفية تحت مظلة واحدة تعبر عن قيم الحرية والتغيير في سوريا الجديدة.
الجمهور السوري متعطش للمعلومة الموثوقة وسط تدفق الأخبار الكاذبة، ويريد أن تحظى وسائل الإعلام بالحرية قولا وفعلا
وبعد سقوط النظام توقف البث المعتاد للتلفزيون السوري ولا يزال متوقفا حتى لحظة إعداد هذا التقرير، باستثناء صور تظهر بين حين وآخر على الشاشة وتحوي نصوص القرارات التي تتخذها حكومة تصريف الأعمال السورية، من دون أن تصدر الحكومة توضيحا رسميا عن وقت عودة بث برامج التلفزيون.
ويتبع التلفزيون العربي السوري للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وهو التلفزيون الرسمي الحكومي الذي تأسس مع التلفزيون المصري في يوم واحد زمن الوحدة بين مصر وسوريا، في الثالث والعشرين من يوليو 1960، وقد بدأ الإرسال الأول مساء من قمة جبل قاسيون في دمشق، حيث أقيمت أول محطة إرسال بقوة منخفضة لا تزيد عن 10 كيلوواط، واستمر إرسالها ساعة ونصف الساعة فقط في اليوم الأول من داخل أستوديو أنشئ بجانب محطة الإرسال فوق قمة الجبل، ثم زادت ساعات الإرسال بعد ذلك.
وكان المدير الأول للتلفزيون السوري صباح قباني شقيق الشاعر السوري الشهير نزار قباني، فيما كانت الأعمال التلفزيونية السورية الأولى تعتمد على فصول تمثيلية وسهرات مسرحية تُبث مباشرة على الهواء.
وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، تخصص عمل التلفزيون السوري في ترويج رواية النظام بخصوص “المسلحين والمجموعات الإرهابية”، وكان ينفي جميع التقارير التي تتحدث عن وقوع مجازر بحق مدنيين، كما نفى حصول “مجزرة الكيماوي” في غوطة دمشق وأكد أنها تمثيلية، فيما عرض لاحقا فيلما قصيرا ساخرا من عمل الدفاع المدني السوري باسم “الخوذ البيضاء”، وفي المقابل اعتمد السوريون على القنوات العربية الأخرى أو المؤسسات الإعلامية السورية المعارضة لتلقي الأخبار.