الإدارة الأميركية تحول مساعدات عسكرية من مصر إلى لبنان: القاهرة لا تستحقها

واشنطن - تعتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحويل 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان قبل أيام قليلة من انتهاء ولايتها، وتسلّم إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب مهامها.
ويعتقد متابعون أن القرار مرتبط بالانتقادات التي تتعرض إليها الإدارة الأميركية حيال الدعم المقدم لمصر، حيث يرى أصحابها أن الولايات المتحدة في عهد بايدن منحت الأولوية للعلاقات الدفاعية والسياسية مع القاهرة على حساب قضايا جوهرية أخرى مثل حقوق الإنسان.
ويشير المتابعون إلى أن تحويل المساعدات للجيش اللبناني رسالة أيضا على أهمية دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية التي يراهن عليها لإعادة الانتشار في جنوب لبنان، ومنع عناصر حزب الله من العودة وإعادة التمركز جنوبي الليطاني.
وجاء في إخطار لوزارة الخارجية للكونغرس الاثنين بشأن التحويل المخطط له أن القوات المسلحة اللبنانية “شريك رئيسي” في دعم اتفاق 27 نوفمبر 2024 بين إسرائيل ولبنان لوقف الأعمال القتالية ومنع حزب الله من تهديد إسرائيل.
القرار يأتي بعد أن عبر بعض رفاق بايدن الديمقراطيين في الكونغرس عن مخاوفهم إزاء السجل الحقوقي لمصر
وتأتي الخطوة بعد أن عبر بعض رفاق بايدن الديمقراطيين في الكونجرس عن مخاوفهم العميقة إزاء سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.
وتواجه مصر منذ سنوات انتقادات بشأن التضييق على الحقوق والحريات، عبر الاعتقالات وتصحير الحياة السياسية، وهو ما ينفيه الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أكد في العديد من المناسبات أن الحكومة المصرية تعمل على تعزيز الحقوق ولاسيما الاجتماعية منها بمحاولة توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت في سبتمبر إنها أخطرت، الكونغرس، بأنها ستقدم إلى مصر مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، ومنها 95 مليون دولار مرتبطة بالتقدم الذي تحرزه مصر في إطلاق سراح السجناء السياسيين.
ولم يوضح الإخطار ما إذا كانت الخمسة والتسعون مليون دولار المحولة إلى لبنان هي نفسها المخصصة للتقدم في مسألة الإفراج عن النشطاء السياسيين، لكن معاون بالكونغرس قال لرويترز إنه لا يعتقد بأن تطابق المبلغ مصادفة.
ومصر شريك حيوي في جهود إدارة بايدن لإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة وساعدت في التوسط في الجهود غير الناجحة حتى الآن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وأثار قرار سبتمبر بشأن الأموال المخصصة لمصر اعتراضات داخل الكونغرس، بما في ذلك من عضوي مجلس الشيوخ الديمقراطيين كريس ميرفي وكريس كونز، وكلاهما من كبار أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، اللذين أصدرا بيانا مشتركا يندد بالقرار.
مصر تواجه منذ سنوات انتقادات بشأن التضييق على الحقوق والحريات، عبر الاعتقالات وتصحير الحياة السياسية
وتشير وثيقة حديثة لوزارة الخارجية الأميركية إلى أن مبلغ الـ95 مليون دولار سيكون متاحا لإضفاء الطابع المهني على القوات المسلحة اللبنانية وتعزيز أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والوفاء بالمتطلبات الأمنية الناجمة عن تغير السلطة في سوريا.
وجاء في الإخطار “تظل الولايات المتحدة الشريك الأمني المفضل للبنان، والدعم الأميركي للقوات المسلحة اللبنانية يساعد على نحو مباشر في تأمين لبنان ومنطقة بلاد الشام على نطاق أوسع.”
كما أن تعزيز الجيش اللبناني قد يساعد في ضمان عدم تعطيل جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران الانتقال في سوريا. وسبق أن لعبت طهران دورا رئيسيا في دعم الأسد خلال الحرب الأهلية السورية.
ويأتي الدعم الأميركي للجيش اللبناني مع اقتراب مهلة الستين يوما لتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار على الانتهاء، وفي خطوة تشي بوجود حرص على المضي في الاتفاق رغم ما يثار من لغط حوله، فقط بدأ الجيش اللبناني في الانتشار في بلدة الناقورة الساحلية جنوبي البلاد، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها.
وهذه ثاني بلدة أساسية جنوب لبنان ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، ويقول مراقبون إن دور الجيش اللبناني سيكون حيويا لديمومة الاتفاق بين حزب الله وإسرائيل، لكنه في حاجة إلى دعم مالي ولوجستي من قبل المجتمع الدولي لضمان قدرته على الاضطلاع بهذا الدور، وهو ما يبدو أن الولايات المتحدة تعمل عليه.
وبموجب القانون الأميركي، لدى الكونجرس 15 يوما للاعتراض على معاودة تخصيص المساعدات العسكرية، لكن معاونا بالكونجرس مطلعا على العملية توقع الاثنين أن يرحب المشرعون بتحويل الإدارة للأموال إلى لبنان.
وقال المعاون لرويترز، طالبا عدم الكشف عن هويته ليتسنى له التحدث بحرية، “الأمر ببساطة هو أن هذا التمويل لم تستحقه مصر حقا ولا تحتاجه بالفعل، دعونا نعاود تخصيصه ونضعه في مكان أفضل.”