اعتقال صحافي جزائري في إطار حملة على أصحاب الرأي

الجزائر - تشدد السلطات الجزائرية من إجراءاتها للتضييق على الحريات الصحافية من خلال حملة ملاحقة الصحافيين والنشطاء المعارضين بتهم خطيرة كان آخرها اعتقال الصحافي والناشط السياسي عبدالوكيل بلام، مدير موقع “أوراس” الإخباري سابقا.
ووجهت محكمة جزائرية تهما خطيرة لبلام تتعلق بنشر أخبار كاذبة على حسابه الشخصي عبر موقع فيسبوك والتواصل مع جهات تصنفها السلطات كـ”إرهابية خارج البلاد”.
وعرف الصحافي بتدويناته على حسابه في فيسبوك وقيامه ببث تحليلي أسبوعي مباشر على صفحته.
وأكدت المحكمة في بيان لها صدر في وقت متأخر من ليلة الأحد، أنه تمت “متابعة بلام بتهمة المشاركة في تنظيم إرهابي، بالإضافة إلى نشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام، وكذلك المساس بسلامة الوحدة الوطنية”.
اعتقال عبدالوكيل بلام يعكس اتجاها عاما نحو فرض رقابة مشددة على الإعلام في ظل تصاعد التوترات السياسية
وأضاف البيان أنه “بناء على معلومات وردت إلى المصلحة الإقليمية للتحقيق القضائي التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي، مفادها قيام شخص بنشر أخبار كاذبة ومغرضة بين الجمهور على صفحته بحسابه الخاص فيسبوك، وبعد إخطار نيابة الجمهورية المذكورة بالوقائع، أمرت ذات المصالح بفتح تحقيق ابتدائي أسفرت نتائجه عن توقيف المدعو “ب.ع. و”.
وتابع أن “بعد استغلال الهاتف النقال لهذا الأخير تبين قيامه بعدة اتصالات ومراسلات مع بعض الإرهابيين المتواجدين خارج التراب الوطني”.
وأعلن المحامي عبدالغني بادي عن خبر الإيداع على صفحته على فيسبوك، بعد تقديم عبدالوكيل بلام اليوم أمام النيابة، حيث كان قد اعتقل يوم التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي، دون معرفة التهم الموجهة إليه.
وأثارت قضية بلام اهتماما في الأوساط الصحفية والحقوقية في الجزائر. فبعد اعتقاله الأحد الماضي، لم يتم أي تطور بشأن قضيته، وهو ما اعتبره البعض خرقا قانونيا. ودفع هذا الوضع بفريق دفاعه إلى الإبلاغ عن حالة اختفاء قسري أمام النائب العام لمجلس قضاء الجزائر.
وكانت زوجة عبدالوكيل بلام قد توجهت إلى مقر الدرك الوطني بالشراقة (الضاحية الغربية للعاصمة) لإيداع شكوى تتعلق باختفاء قسري، مطالبة بمعرفة مكان تواجد زوجها.
الصحافيون يواجهون المزيد من التحديات القانونية، وقد يتعرضون للاعتقال إذا استمروا في كشف الحقائق أو انتقاد النظام العسكري
وهذه المرة الثانية التي يعتقل فيها عبدالوكيل بلام، خلال أسبوع. وكانت المرة الأولى في سياق حملة طالت عددا من النشطاء السياسيين الذين يعبّرون عن نظرة نقدية للأوضاع، بينهم من تبنّى هاشتاغ “مانيش راضي” على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يشير إلى عدم الرضا عن الوضع العام في البلاد. وتعرض بلام للتحقيق عدة ساعات، حيث يُعتقد أن الأسئلة ركزت على منشوراته عبر فيسبوك، ثم سرعان ما أفرج عنه في اليوم نفسه، قبل أن يعتقل مرة أخرى.
ويعتبر اعتقال بلام جزءا من حملة واسعة النطاق ضد الصحافيين والنشطاء في الجزائر، حيث تستمر السلطات في استهداف الأصوات المعارضة والمستقلة. وتشير هذه الحملة إلى تصعيد عمليات قمع الحريات الإعلامية وحقوق الإنسان في البلاد، في وقت تشهد فيه الجزائر تزايدا في الانتهاكات ضد الصحافيين الذين يتجرؤون على كشف الحقائق أو الانتقاد العلني للنظام.
وقالت مصادر مطلعة إن عبدالوكيل بلام غادر موقع “أوراس” الإخباري منذ أربع سنوات، وهو الموقع الذي يوصف بالصحيفة المخابراتية والمروج لأجندة النظام الجزائري، ورغم ذلك تعرض للاعتقال.
وأضافت أن اعتقال بلام يشير إلى أن الحكومة الجزائرية قد اتخذت نهجا باستهداف الصحافيين السابقين الذين قد تكون لديهم روابط مع مؤسسات إعلامية أو سياسيين معارضين، حتى بعد مغادرتهم لتلك الأطر الإعلامية.
ويعكس ذلك اتجاها عاما نحو تكميم الأفواه وفرض رقابة مشددة على وسائل الإعلام والمجتمع المدني، في ظل تصاعد التوترات السياسية في البلاد.
ويُعتبر هذا التحرك جزءا من إستراتيجية أكبر تهدف إلى قمع المعارضين وتوجيه التهم لهم في محاكمات صورية لتثبيت السيطرة على المشهد العام.
ويتساءل متابعون عن مستقبل الصحافة في الجزائر في ظل هذه الهجمات المستمرة على حرية التعبير وحرية الصحافة. كما يواجه الصحافيون المزيد من التحديات القانونية، وقد يتعرضون للاعتقال إذا استمروا في كشف الحقائق أو انتقاد النظام العسكري الحاكم في الجزائر.