ضغوط الأسعار تحاصر أعمال القطاع الخاص في مصر

مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لشركة ستاندرد آند بورز غلوبال في مصر انخفض إلى 48.1 نقطة في ديسمبر الماضي، من 49.2 نقطة في نوفمبر.
الثلاثاء 2025/01/07
اضبطوا أوضاعكم قبل فوات الأوان

القاهرة - تدهورت ظروف أعمال القطاع الخاص في مصر بنهاية 2024، إذ انكمش الإنتاج بأسرع معدل في ثمانية أشهر في ظل ضعف الطلب من المستهلكين، وفق أحدث أرقام مؤشر مديري المشتريات الصادر عن أس آند بي غلوبال الاثنين.

وأدت ضغوط الأسعار المتزايدة الناتجة عن ضعف سعر الصرف إلى تراجع ظروف السوق، ودفعت الشركات إلى تحمل حصة أكبر من أعباء التكلفة. ورغم ذلك، ارتفعت الثقة في الإنتاج المستقبلي.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لشركة ستاندرد آند بورز غلوبال في مصر إلى 48.1 نقطة في ديسمبر الماضي، من 49.2 نقطة في نوفمبر، مسجلا بذلك انكماشا للشهر الرابع على التوالي. وتشير القراءة الأقل من 50 نقطة إلى تراجع النشاط.

ويرجع هذا الانخفاض إلى ضعف الطلب من جانب الزبائن وزيادة الضغوط التضخمية، والتي تفاقمت بسبب ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار.

ديفيد أوين: لاحظنا تراجعا سريعا في ظروف التشغيل منذ أبريل الماضي
ديفيد أوين: لاحظنا تراجعا سريعا في ظروف التشغيل منذ أبريل الماضي

ويعني انكماش القطاع الخاص كذلك عدم توسع الشركات في الاستثمار، وعلى الرغم من أن الآمال كانت معلقة على توفير العملة الصعبة للشركات من أجل الانطلاق، لكن هذا لم يتحقق بعد تحرير سعر العملة في مارس 2024، بل جاءت النتائج عكسية.

وذكرت أس آند بي أن أسعار الإنتاج سجلت أقل مستوياتها منذ مايو الماضي، وسط صعوبة تحقيق النمو في المبيعات، كما انخفض إجمالي المخزون لأول مرة في 6 أشهر وسط مخاوف بشأن تكاليف المشتريات دفعت الشركات للسحب من مخزوناتها.

في المقابل، ارتفعت مشتريات مستلزمات الإنتاج الجديدة في قطاعي التصنيع والخدمات، بينما تعافت ثقة الشركات من أدنى مستوياتها على الإطلاق المسجلة في نوفمبر، إذ عبرت الشركات عن أملها في تحسن الظروف المحلية والجيوسياسية خلال العام الحالي.

وقال ديفيد أوين كبير الاقتصاديين في أس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس “أظهرت أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر أن التعافي المتوقع للقطاع الخاص غير النفطي من غير المرجح أن يخلو من العثرات في عام 2025.”

ولكنه أشار إلى أن الشركات واجهت ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب، وهو ما أدى إلى أسرع تراجع في ظروف التشغيل منذ أبريل الماضي.

وبحسب رويترز انخفضت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي، وإن كان طفيفا. وساهم ارتفاع تكاليف الرواتب، المرتبط بتحديات تكلفة المعيشة، في انخفاض أعداد الوظائف.

وتسارعت وتيرة التضخم في تكاليف المدخلات، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد وارتفاع قيمة الدولار. ورغم هذا، كانت الشركات أقل ميلا إلى رفع أسعارها، فعمدت إلى تقليص هوامش الربح للحفاظ على الطلبيات.

وأوضح أوين أن في بيان أن “التباطؤ الاقتصادي جعل الشركات أقل رغبة في رفع أسعارها في مواجهة أعباء الكلفة المتسارعة واتجهت بدلاً من ذلك إلى تقليص هوامش أرباحها في محاولة لإنقاذ الطلب.”

وكانت الشركات غير النفطية أكثر تفاؤلا بشأن النشاط المستقبلي، على أمل تحسن الظروف المحلية والجيوسياسية في عام 2025.

الحكومة تستهدف جمع 3 مليارات دولار الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية عبر "إصدارات متنوعة" للمستثمرين

وارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي الفرعي إلى 53.8 من 50.5 في شهر نوفمبر الماضي. ومع ذلك، فإن المخاوف بشأن تقلبات أسعار الصرف وعدم استقرار الأسعار قد تخفف الطلب في الأمد القريب.

ومنذ أشهر يحذر مستثمرون من أن استمرار تدني مؤشر القطاع الخاص غير النفطي قد تترتب عنه عواقب وخيمة، إذا استمر الوضع من دون تنفيذ إصلاحات ترددها الحكومة دائما بشأن إفساح المجال أمامه وتوسعة مشاركته في النشاط الاقتصادي إلى مدى كبير.

وجاء صدور تقرير أس آند بي غلوبال بعد يوم من إعلان وزير المالية أحمد كوجك أن مصر ستحصل على شريحة تبلغ 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هذا الشهر ضمن برنامج قرض قيمته ثمانية مليارات دولار من المؤسسة المالية الدولية.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق التسهيل الممدد الذي يستمر 46 شهرا، وهو ما قد يتيح صرف الشريحة البالغة 1.2 مليار دولار.

وقال كوجك في مقابلة مع قناة أون تي.في الفضائية المصرية إن “مجلس إدارة صندوق النقد الدولي يجتمع في يناير وسنتحصل على هذا المبلغ،” مضيفا أن مصر لم تطلب زيادة القرض الذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار.

ووافقت مصر، التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم ونقص العملة الأجنبية، في مارس على برنامج صندوق النقد الدولي الموسع. وتسبب الانخفاض الحاد في عائدات قناة السويس بسبب التوتر الإقليمي على مدار العام الماضي في تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وأكد كوجك أيضا أن الحكومة تستهدف جمع 3 مليارات دولار الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية عبر “إصدارات متنوعة” للمستثمرين، لكنه لم يقدم تفاصيل. وكان هذا ردا على سؤال حول ما إذا كانت مصر تخطط للعودة لسوق السندات الدولية هذا العام.

10