وزير التجارة السوري: مهمتنا ضخ الدم في شرايين الاقتصاد

بعد 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى إنعاش اقتصاد البلاد لتجاوز ما تعرض له من تداعيات وبناء بيئة اقتصادية جديدة يتمناها السوريون جميعا.
دمشق – قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الإدارة السورية الجديدة ماهر خليل الحسن، إن المهمة الأساسية في الوقت الراهن هي “ضخ الدم في شرايين الاقتصاد.” وأضاف: “سنواصل العمل بالتعاون مع جميع الفعاليات الاقتصادية، وسنعمل على توفير بيئة اقتصادية مستدامة لبناء سوريا الجديدة التي يتمناها السوريون جميعا.”
وتابع الحسن في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية “سانا”: “بدأنا سلسلة اجتماعات مكثفة لإعادة دراسة الرسوم الجمركية.”
ولفت إلى “انخفاض كبير في رسوم الصادرات والواردات مع الأخذ بعين الاعتبار حماية المنتج الوطني، مع العلم أن القوانين تتغير حسب الأوضاع الراهنة، لأنها وضعت لخدمة الشعب السوري.”
وأكد الوزير الحسن أن “مهمتنا الأساسية في الوقت الراهن ضخ الدم في شرايين الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطن.”
وتسعى الحكومة السورية الجديدة إلى إنعاش اقتصاد البلاد لتجاوز ما تعرض له من تداعيات طالت جميع شرائح المجتمع إبان مرحلة النظام المخلوع.
وفي 8 ديسمبر الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها على مدن أخرى، لينتهي 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائدة الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب (شمال غرب) منذ سنوات، بتشكيل حكومة جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.
وكلّفت السلطات السورية النائب الأول لحاكم المصرف المركزي ميساء صابرين “بتيسير أعمال” المصرف، وهي أوّل امرأة تتولّى منصب حاكم المصرف المركزي في سوريا. وتخلف صابرين بهذا المنصب محمد عصام هزيمة الذي تولاه منذ العام 2021.
وصابرين هي خبيرة مصرفية سورية، شغلت منصب النائب الأول لحاكم مصرف سورية المركزي منذ العام 2018. وتوّلت كذلك عضوية مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، ومجلس المحاسبة والتدقيق ومجلس إدارة هيئة الإشراف على التمويل العقاري ومجلس النقد والتسليف، كما لجنة إدارة مصرف سورية المركزي.
ويعدّ سعر صرف الليرة السورية من أبرز التحديات المالية في سوريا، بعد تدهور قيمتها مقابل الدولار خلال 13 عاما من الحرب.
وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كان الدولار يساوي نحو خمسين ليرة، قبل أن تتهاوى قيمة العملة المحلية بشكل تدريجي وتفقد أكثر من 90 في المئة من قيمتها.
وكان نظام الأسد يعاقب كل من يتداول العملات الأجنبية بالسجن لمدة تصل إلى 7 سنوات بالإضافة إلى فرض الغرامات. ويرى السوريون أنه في 8 ديسمبر لم ينته اضطهاد الجيش وقوات الأمن والمافيا فحسب، بل بدأ أيضا عصر جديد في الحياة الاقتصادية.
فنظام الأسد في سوريا، كان يعاقب على التعامل بالعملات الأجنبية بالغرامة والسجن لمدة تصل إلى 7 سنوات، ومع قدوم الإدارة الجديدة رفعت الحظر والعقوبة على شراء وبيع تلك العملات.
وحررت الإدارة الجديدة في سوريا القيود المفروضة على الصادرات والواردات، وأعلنت عزمها زيادة رواتب موظفي الدولة 300 بالمئة.
الحكومة السورية الجديدة، التي شكلتها المعارضة بعد الإطاحة بحكم عائلة الأسد، تؤكد أنها سترفع الأجور وتمنح الأولوية لتحسين الخدمات
وفتحت المصارف أبوابها في دمشق، وشوهدت طوابير طويلة من الناس أمام آلات الصرف. وخلال حكم الأسد، كان جنود نظام يتصرفون مثل المافيا لأنهم لا يستطيعون تغطية نفقاتهم برواتبهم البالغة نحو 35 دولارا، فكانوا يكسبون عيشهم من خلال جمع الجزية من التجار والشعب.
وبسبب العقوبات والقيود التي فرضها النظام المخلوع على الواردات، كان السبيل الوحيد لتأمين الحاجات الأساسية هو السوق السوداء. وتسببت رشاوى عناصر نظام الأسد وابتزازاتهم في ارتفاع دائم للأسعار.
ومن الملاحظ أن السوق انتعشت وانخفضت الأسعار مع قيام الإدارة الجديدة في سوريا بتحرير نظام القطع الأجنبي والواردات والقضاء على الرشوة والابتزاز.
وتضرر الاقتصاد في سوريا بسبب العقوبات الغربية وتدمير المدن التجارية والصناعية الرئيسية في حلب وحمص خلال الحرب الأهلية وخسارة عوائد النقد الأجنبي من صادرات النفط. وتقدر الأضرار بعشرات المليارات من الدولارات.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استقرار الاقتصاد وفتحه أمام المستثمرين أمران بالغا الأهمية لتشجيع الاستثمارات الجديدة في ظل العودة المحتملة لملايين السوريين الذين فروا من الحرب. وفقا لوكالات الأمم المتحدة، يعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.
وتدهورت قطاعات النفط والتصنيع والسياحة وغيرها من المجالات الرئيسية في البلاد بسبب القتال لسنوات، وتعمل شرائح كبيرة من السكان في القطاع العام المتهالك حيث يبلغ متوسط الأجور الشهرية حوالي 300 ألف ليرة سورية.
وتقول الحكومة السورية الجديدة، التي شكلتها المعارضة بعد الإطاحة بحكم عائلة الأسد، إنها سترفع الأجور وتمنح الأولوية لتحسين الخدمات.