خطابا الجنرالين المتحاربين يبددان آمال السودانيين في انفراجة خلال العام الجديد

حميدتي يؤكد أن قواته ماضية في حربها ضد فلول النظام السابق والبرهان يعتبر أن ساعة النصر قد اقتربت.
الجمعة 2025/01/03
دقلو: مصرون على حكم مدني وبناء نظام ديمقراطي

الخرطوم - حمل خطابا الجنرالين المتحاربين في السودان خلال الذكرى التاسعة والستين من استقلال البلاد، التي توافق مطلع يناير من كل عام، تصعيدا جديدا؛ ما يبدد آمال السودانيين في أي انفراجة خلال العام الجديد.

وأعلن قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو، في خطاب الأربعاء، أن قواته ماضية في حربها ضد فلول النظام السابق، فيما اعتبر قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في خطاب ألقاه الثلاثاء، أن “ساعة النصر قد اقتربت، ووقت الحسم قد حان.” وتعثرت جهود مبذولة من قبل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، لتضييق الفجوة بين الجنرالين، في ظل تهرب قيادة الجيش ومن خلفها الحركة الإسلامية من أي التزامات للسلام.

وقبل ذلك جرت محاولات أميركية وأخرى أفريقية لكن من دون أن تسفر عن نتيجة، ويرى متابعون أنه ليس من المنتظر رؤية تحول في الموقف من دون أن يشعر أحد الطرفين بأنه على أعتاب هزيمة ميدانية. وقال قائد قوات الدعم السريع، خلال كلمته بمناسبة عيد الاستقلال، “لقد استطاعت قواتنا الشجاعة تحقيق انتصارات عسكرية هامة وواسعة، ما يعد دليلاً على قدرتنا العسكرية العالية، وتجسيدًا لالتزامنا بقضايا الشعب في حماية الانتقال الديمقراطي.”

عبدالفتاح البرهان: العودة إلى الأوضاع السابقة لاندلاع الحرب غير ممكنة
عبدالفتاح البرهان: العودة إلى الأوضاع السابقة لاندلاع الحرب غير ممكنة

وشدد دقلو على أن قوات الدعم السريع “عازمة وقادرة على ملاحقة الفلول (أتباع النظام السابق) وأعوانهم الذين يرفعون شعار الحرب، ويحاولون دون جدوى إفشال قواتنا من خلال هجماتهم الفاشلة في عدة محاور.”

وأوضح أنه “بعد الانتصارات المتتالية لقوات الدعم السريع والهزائم التي تلقاها العدو في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة، يجب على النخبة العسكرية في بورتسودان الاعتراف بالفشل في هذه الحرب والتوقف عن الاستنفار والقتال وتدمير البلاد، لإنهاء الحرب ووضع حد لمعاناة السودانيين.”

وأكد على التزامه بوحدة السودان أرضا وشعبا، مصرا على التمسك بالحكم المدني وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، ومشيرا إلى أن قواته لا تسعى للتحول إلى جيش بديل عن الجيش السوداني الذي دمره النظام السابق وحلفاؤه بسبب التسييس والفساد.

وأوضح دقلو الملقب بـ”حميدتي” أن إنشاء جيش جديد محترف وقومي يجب أن يتجنب التورط في الشؤون السياسية ويكون تحت إشراف المدنيين بشكل مناسب. وطالب بدعم إقليمي ودولي لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لمساعدة الملايين من السودانيين المهددين بالجوع الذي تحاول حكومة بورتسودان التستر على وجوده.

وعبر عن أسفه العميق للانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين في مناطق مختلفة، وقال “قمنا بجهود مكثفة ومتواصلة في المناطق التي نسيطر عليها للحد من التصرفات الخارجة عن القانون، وقد نجحنا في معظمها.” وكرر دقلو توجيهاته لقواته في مختلف أنحاء السودان بحماية المواطنين وتأمين الممتلكات العامة والخاصة، متعهداً بمحاربة المتفلتين ومحاسبتهم عبر المحاكم والتدابير الإدارية اللازمة لتحقيق العدالة.

وأكد أن انتشار خطاب الكراهية والعنصرية يشكل تهديدًا للوحدة الوطنية، وهو الخطاب الذي تمت تقويته بواسطة أتباع النظام السابق من خلال إستراتيجياتهم الهادفة إلى تقسيم البلاد، مثل تغيير العملة وإجراء امتحانات الشهادة السودانية وحرمان الكثير من السودانيين من حقهم في الحصول على وثائق ثبوتية، وهو ما يعرف بقانون الوجوه الغريبة.

وحذَّر قائد الدعم السريع من “خطط الحرب الأهلية التي يسعى أتباع الحركة الإسلامية لتنفيذها في دارفور من خلال استخدام القوات المرتزقة كما يحدث حالياً في المنطقة.” وأفاد بأن “القتل بناءً على العنصر أو اللون أو الانتماء يجب أن يتوقف فوراً في بعض مناطق السودان.”

من جهته قال قائد الجيش في خطابه الذي ألقاه عشية الاحتفال بذكرى الاستقلال “نعد العدة لحسم المعركة لصالح الشعب السوداني، ولكن ذلك لا يمنعنا من المشاركة في أي مبادرة حقيقية تهدف إلى إنهاء الحرب وضمان عودة آمنة للمواطنين.”

وأوضح البرهان أنه رغم تعدد المبادرات الساعية لوقف القتال، فإنه لا يمكن العودة إلى الأوضاع السابقة لاندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، مؤكدًا أنه “لا يمكن السماح بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى.”

ولا يخلو خطاب البرهان من تناقض فهو من جهة يتحدث عن انفتاحه على مبادرات السلام، ومن جهة ثانية يتحدث عن تمسكه باستئصال قوات الدعم السريع.

وردا على الانتقادات التي توجه للجيش والحكومة الموالية له بشأن عرقلة إيصال المساعدات وإخفاء الواقع الإنساني الصعب الذي يعيشه السودانيون، اعتبر البرهان أن الحكومة استجابت لمتطلبات العمل الإنساني وإيصال المساعدات إلى من هم في حاجة إليها، مشددًا على أن “ما يقال عن المجاعة هو مجرد افتراء يهدف إلى التدخل في الشأن السوداني.”

ويأتي خطابا دقلو والبرهان في وقت تستمر فيه المعارك بين قواتهما على عدة جبهات في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وولاية الجزيرة وسط البلاد. وحقق الجيش بعض الإنجازات خلال الأشهر الأخيرة الماضية، لكن لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على معظم أجزاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة ومناطق كبيرة في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جزء واسع من كردفان إلى الجنوب.

واندلعت الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش في الخامس عشر من أبريل 2023 بعد تحريض من فلول النظام السابق للبرهان، على أمل خلط الأوراق، وقطع طريق تسلم السلطة على المدنيين. ولا يخفي السودانيون مخاوفهم من أن تفضي الحرب الجارية إلى المزيد من التشظي وتفتيت السودان، حيث يعمل أتباع النظام السابق على إثارة النعرات القبلية والطائفية والعرقية في عدد من أرجاء البلاد.

2