شركات الطاقة الكبرى تحيد عن مسارها الأخضر مع تعثر أجندة المناخ

تقليص الشركات خططَ التحول الأخضر يشكل خبرا سيئا للجهود المبذولة للتخفيف من تغير المناخ.
السبت 2024/12/28
صناعة ضرورية لكنها مضرة بالكوكب

لندن - ضاعفت شركات الطاقة الأوروبية الكبرى استثماراتها في النفط والغاز في 2024 للتركيز على الأرباح على المدى القريب، وهو ما أدى إلى تباطؤ، وفي بعض الأحيان عكس، التزاماتها المناخية في تحول من المرجح أن تلتزم به في عام 2025.

ويأتي التخفيض من قبل شركات النفط الكبرى بعد أن أبطأت الحكومات بجميع أنحاء العالم في تنفيذ سياسات الطاقة النظيفة وتأخير الأهداف مع ارتفاع تكاليف الطاقة في أعقاب الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022.

ووجدت شركات الطاقة الأوروبية الكبرى التي استثمرت بكثافة في التحول إلى الطاقة النظيفة أن أداء أسهمها يتخلف عن منافستيها الأميركيتين إكسون وشيفرون، اللتين أبقتا تركيزهما على النفط والغاز.

وعلى هذه الخلفية قامت شركات، مثل بريتيش بتروليوم وشل، هذا العام بإبطاء خططها بشكل حاد لإنفاق المليارات على مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وحولت الإنفاق إلى مشاريع النفط والغاز ذات هامش الربح الأعلى.

وأعلنت شركة بي.بي، التي كانت تهدف إلى تحقيق نمو في الطاقة البديلة بمقدار 20 ضعفًا هذا العقد إلى 50 غيغاواط، في ديسمبر 2023 أنها ستفصل جميع مشاريع طاقة الرياح البحرية الخاصة بها تقريبًا إلى مشروع مشترك مع شركة توليد الطاقة اليابانية جيرا.

وأوقفت شركة شل، التي تعهدت ذات يوم بأن تصبح أكبر شركة كهرباء في العالم، إلى حد كبير الاستثمارات في مشاريع طاقة الرياح البحرية الجديدة، وخرجت من أسواق الطاقة في أوروبا والصين وأضعفت أهداف خفض الكربون. كما قامت شركة إكوينور التي تسيطر عليها الدولة في النرويج بإبطاء الإنفاق على مصادر الطاقة المتجددة.

وقال روهان بواتر، المحلل في شركة أكسيلا لأبحاث السوق، “لقد أدت الاضطرابات الجيوسياسية مثل غزو أوكرانيا إلى إضعاف حوافز الرؤساء التنفيذيين لإعطاء الأولوية للتحول منخفض الكربون وسط ارتفاع أسعار النفط وتطور توقعات المستثمرين.”

وأوضح لوكالة رويترز أن شركات بي.بي وشل وإكوينور خفضت الإنفاق منخفض الكربون بنسبة 8 في المئة خلال عام 2024. وذكرت شل لرويترز أنها تظل ملتزمة بأن تصبح شركة طاقة خالية من الانبعاثات بحلول عام 2050 وتواصل الاستثمار في تحول الطاقة.

روهان بواتر: الاضطرابات الجيوسياسية أضعفت التحول منخفض الكربون
روهان بواتر: الاضطرابات الجيوسياسية أضعفت التحول منخفض الكربون

أما إكوينور فقالت “مر قطاع طاقة الرياح البحرية بأوقات عصيبة في العامين الماضيين بسبب التضخم وزيادة التكاليف والاختناقات في سلسلة التوريد، وستظل إيكوينور انتقائية ومنضبطة في نهجنا.”

ويشكل تقليص الشركات خططَ التحول الأخضر خبرا سيئا للجهود المبذولة للتخفيف من تغير المناخ. ومن المتوقع أن ترتفع انبعاثات الكربون العالمية المسببة للاحتباس الحراري إلى مستوى جديد في 2024، والذي سيكون العام الأكثر دفئًا على الإطلاق.

ومن المتوقع أن يكون 2025 عامًا مضطربًا آخر لقطاع الطاقة الذي تبلغ قيمته 3 تريليونات دولار، مع عودة دونالد ترامب المتشكك في قضايا المناخ إلى البيت الأبيض.

وبينما تحاول الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، إنعاش اقتصادها المتعثر، وهو ما قد يعزز الطلب على النفط، تواجه أوروبا حالة من عدم اليقين المستمر بشأن الحرب في أوكرانيا والاضطرابات السياسية في ألمانيا وفرنسا.

وتجلت كل هذه التوترات في مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للمناخ (كوب 29) في باكو بأذربيجان في نوفمبر الماضي، عندما أشاد رئيس الدولة المضيفة إلهام علييف بالنفط والغاز باعتبارهما “هبة من الله”.

وأسفرت تلك القمة عن اتفاق عالمي لتمويل المناخ، لكنها خيبت آمال المدافعين عن المناخ الذين كانوا يأملون في أن تتحد الحكومات حول التخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم.

وستراقب شركات الطاقة لمعرفة ما إذا كان ترامب سيفي بوعوده بإلغاء سياسات الطاقة الخضراء التاريخية للرئيس جو بايدن، والتي حفزت الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وتعهد ترامب بإقصاء الولايات المتحدة من جهود المناخ العالمية، وعين شخصا آخر متشككا في قضايا المناخ، وهو المدير التنفيذي للنفط كريس رايت، وزيرا للطاقة.

وهناك مخاطر محتملة في تركيز شركات الطاقة الكبرى على النفط والغاز. ويتباطأ نمو الطلب في الصين، الذي دفع الأسعار العالمية إلى عقدين من الزمن، مع تزايد الدلائل على أن استهلاكها من البنزين والديزل قد استقر.

وفي الوقت نفسه أرجأت أوبك وكبار حلفائها المنتجين للنفط مرارا خططا لإلغاء تخفيضات الإمدادات مع قيام دول أخرى، بقيادة الولايات المتحدة، بزيادة إنتاج النفط.

ونتيجة لذلك يتوقع المحللون أن تواجه شركات النفط قيودا مالية أكثر صرامة في العام المقبل. ومن المتوقع أن يرتفع صافي ديون أكبر خمس شركات نفط غربية إلى 148 مليار دولار في عام 2024 من 92 مليار دولار في عام 2022، بناء على تقديرات مجموعة بورصات لندن (أل.أس.إي.جي).

وتراجعت أسعار النفط في تعاملات نهاية العام، حيث قام المستثمرون بتقييم التوقعات لعام 2025، بينما يتابعون التطورات في الشرق الأوسط.

11