الغرياني يحرض الليبيين على الجهود المغربية لحل أزمات بلادهم

الصادق الغرياني يلعب دور الذراع الدينية للجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجندتها.
الثلاثاء 2024/12/24
تاريخ طويل في التهجم على الدول

الرباط – أثارت تصريحات للمفتي الليبي المعزول الصادق الغرياني، تهجم خلالها على الجهود المغربية لحل الأزمة الليبية، استغراب الأوساط الليبية التي اعتبرتها محاولة لتحريض الليبيين على تلك الجهود لمنع تشكيل حكومة جديدة تنهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

ورغم تاريخ الغرياني الطويل في انتقاد وشتم كل دولة تحاول التوسط لإيجاد حل يجمع كل الليبيين وينهي سطوة الإسلاميين المتشددين على البلاد، إلا أن تهجمه على المغرب قوبل برفض أوساط ليبية اعتبرت أنه يتحرك بأوامر الدبيبة الذي بدوره يتحرك وفق المساحات التي ترسمها له أطراف أجنبية، وخاصة الجزائر.

وانتقد الغرياني في حلقة من برنامجه “الإسلام والحياة” ما وصفه بدور المخابرات المغربية في الشأن الليبي، مدّعيا أن هذه التدخلات تهدف إلى تأجيج الانقسامات الداخلية من خلال استضافة شخصيات ليبية معارضة بهدف تشكيل حكومة انتقالية جديدة، وذلك في إشارة إلى الاجتماع التشاوري الذي احتضنته مدينة بوزنيقة، بمشاركة متساوية لحوالي 120 مسؤولًا من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والذي تم تنظيمه لدفع العملية السياسية نحو الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، عبر الاتفاق على خارطة طريق موحدة تتضمن تشكيل حكومة موحدة.

للغرياني تصريحات لا ينساها الليبيون؛ يتداولونها للسخرية، ومنها "من لا يشكر قطر فهو أقل من كلب" و"لا يوجد إرهاب في ليبيا"

وتفقد تهجمات الغرياني على الدول وتدخله في السياسة منصبه سمته الدينية التي من المفترض أن تحيطها هالة من القداسة بدل الاستياء من التحريض والتكفير اللذين يمارسهما منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ويصف الكثير من الليبيين الغرياني بـ”المفتن”، فبدل التدخل لرأب الصدع وحل الخلافات الليبية والترحيب بالجهود التي تبذلها دول لتحقيق الاستقرار في ليبيا، يختار كل مرة الهجوم على أي دولة تتحرك ضد مصالح الإسلام السياسي، مقابل الترحيب المطلق بالدول الداعمة له مثل قطر وتركيا.

وللغرياني تصريحات لا ينساها الليبيون؛ يتداولونها دائما للسخرية والتندر بها، على سبيل المثال “من لا يشكر قطر فهو أقل من كلب” و”لا يوجد إرهاب في ليبيا” وغير ذلك من التصريحات المثيرة للجدل والسخرية.

ويلعب الغرياني منذ 2012 دور الذراع الدينية للجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجندتها، فارتكبت عدّة جرائم عنف استنادا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي، حتى أصبح أحد أبرز المساهمين في انتشار الفوضى وتعزيز الانقسام في ليبيا.

ورغم إقالته في 2014 من قبَل مجلس النواب، وغضب حكومة الوفاق عليه، والتي أغلقت مقره في طرابلس، مازال في منصبه واستعاد الكثير من قوته ونفوذه بعد وصول الدبيبة -حليف تركيا التي يقيم فيها الغرياني- إلى الحكم.

تهجمات الغرياني على الدول وتدخله في السياسة تفقد منصبه سمته الدينية التي من المفترض أن تحيطها هالة من القداسة

وسبق للغرياني أن هاجم عددا من الدول مثل مصر والإمارات وفرنسا وروسيا، لكن النصيب الأكبر كان للسعودية التي لا يتوقف عن مهاجمتها والدعوة إلى توفير أموال الحج والعمرة ومنحها لـ”الثوار” أو التبرع بها لغزة، متهما إياها بالسيطرة على المساجد في ليبيا بسبب انتشار الفكر السلفي فيها.

كما أهدر دم قائد الجيش المشير خليفة حفتر في أكثر من مناسبة وكان لا يتوقف عن مهاجمته قبل التوصل إلى تفاهمات بين حفتر والدبيبة بشأن تقاسم الثروة قبل نحو ثلاث سنوات.

وكانت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها قد عبرت عن “استغرابها الشديد من استضافة المغرب لجلسة الحوار بين أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة يوم الأربعاء الماضي في بوزنيقة المغربية، دون التنسيق المسبق معها أو اتباع الإجراءات الدبلوماسية المعمول بها في مثل هذه اللقاءات.”

وهو ما رد عليه المجلس الأعلى للدولة بإصدار بيان عبر فيه عن “استغرابه الشديد إزاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية، والذي تناول جلسات الحوار التي انعقدت الخميس الماضي بينه وبين مجلس النواب في مدينة بوزنيقة بالمملكة المغربية.”

وأوضح المجلس أن هذا اللقاء جاء استكمالا لمسار الحوارات السابقة التي انطلقت في تونس بتاريخ 28 فبراير 2024، وتبعتها جولة ثانية في مصر بتاريخ 18 يوليو 2024، وأضاف أن مطالبة وزارة الخارجية المغربية بالتنسيق المسبق مع وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية لعقد أي جلسات حوار تعد تدخلا غير مقبول في شؤون المجلسين، مشيرا إلى أن هذه المطالبة تكشف عن قصور في فهم حدود السلطة التنفيذية وغياب للمعرفة بمبدأ الفصل بين السلطات، وهو ما يستوجب المساءلة.

ووجه المجلس “الشكر إلى المملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا، على الجهود المستمرة التي تبذلها لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية ودعمها مساعي حل الأزمة الليبية.”

 

اقرأ أيضا:

       • عندما تفقد خارجية الدبيبة توازنها الدبلوماسي

1