الدوحة تستبق احتكاكا بين واشنطن والاتحاد الأوروبي بالتلويح بالانسحاب من مبيعات الغاز لأوروبا

ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي ما لم يلتزم التكتل بزيادة واردات الغاز الأميركي.
الاثنين 2024/12/23
فسح المجال للغاز الأميركي

لندن- استبقت قطر احتكاكا من المتوقع أن يحدث بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتزامن مع استلام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة بعد حوالي شهر، بسبب خلافات حول زيادة مبيعات الغاز، ولوحت بسحب مبيعاتها لأوروبا مبكرا، بحجة فرض الاتحاد قانونا جديدا يتعلق بالعمالة والضرر البيئي.

وجاءت الخطوة القطرية بعد مرور يومين على تلويح ترامب بفرض رسوم جمركية على دخول السلع الأوروبية إلى الأسواق الأميركية إذا لم يزد التكتل وارداته من الغاز الأميركي المسال.

ويفسح انسحاب قطر -إن تم فعلا- المجال أمام الغاز الأميركي الذي سيعوض في هذه الحالة نقص الغاز القطري والغاز الروسي.

تُعدّ قطر خامس أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران والصين. واستقبلت أوروبا نحو 15 في المئة من إجمالي صادرات الغاز القطري في 2023، وتوجه منها 4.85 مليون طن إلى إيطاليا، و3.2 مليون طن إلى بلجيكا.

انسحاب قطر -إن تم فعلا- يفسح المجال أمام الغاز الأميركي الذي سيعوض في هذه الحالة نقص الغاز القطري والغاز الروسي

وقال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي لصحيفة “فايننشال تايمز” في مقابلة نشرت الأحد إن بلاده ستوقف شحن الغاز إلى الاتحاد الأوروبي إذا فرضت دوله الأعضاء بصرامة قانونا جديدا يتعلق بالعمالة والضرر البيئي.

وبموجب قانون يتعلق بالفحص النافي للجهالة واستدامة الشركات، الذي تمت الموافقة عليه هذا العام، مطلوب من الشركات الكبرى العاملة في الاتحاد الأوروبي التحقق مما إذا كانت سلاسل الإمداد الخاصة بها تستخدم العمالة القسرية أو تتسبب في أضرار بيئية، واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا خلصت إلى ذلك. وتشمل العقوبات غرامات تصل إلى خمسة في المئة من إجمالي الإيرادات العالمية.

وقال الكعبي للصحيفة “إذا كان الأمر ينطوي على خسارة خمسة في المئة من الإيرادات التي حققتها بسبب (البيع) لأوروبا، فلن أبيع لأوروبا. أنا جاد في ذلك… خمسة في المئة من إيرادات شركة قطر للطاقة تعني خمسة في المئة من إيرادات دولة قطر. هذه أموال الشعب، لذلك لا يمكنني أن أخسر مثل هذه الأموال، ولا أحد يقبل خسارة مثل هذه الأموال.”

وأشار الكعبي، وهو أيضا الرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة المملوكة للدولة، إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يراجع هذا القانون بشكل شامل. وقال إن بلاده لا تشعر بالقلق من وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإلغاء سقف مفروض على صادرات الغاز الطبيعي المسال.

وكتب ترامب يوم 20 ديسمبر منشورا على منصته تروث سوشيال، مهددا بفرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي ما لم يلتزم التكتل بزيادة واردات النفط والغاز الأميركيين بشكل كبير لتقليل عجز الولايات المتحدة التجاري الهائل مع الاتحاد الأوروبي.

وصدر تحذير ترامب بعد أن قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في نوفمبر إن الاتحاد الأوروبي قد يزيد مشترياته من الغاز الطبيعي المسال الأميركي لتقليل فوائضه التجارية الكبيرة مع الولايات المتحدة والمساعدة في استبدال واردات التكتل المتبقية من الغاز الطبيعي المسال الروسي (ضمن هدف بروكسل للتخلص التدريجي من واردات الطاقة الروسية بحلول 2027).

ويمكن أن تختار المفوضية الأوروبية تشديد القيود على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، وهي لا تزال تمثل حصة كبيرة من إجمالي الغاز الطبيعي الذي يصل إلى التكتل.

opo

 لكن هذا سيكون صعبا بسبب الافتقار المستمر إلى توافق في الآراء بين الدول الأعضاء حول هذه المسألة، حيث لا تزال الحكومات الأوروبية تتعرض لضغوط لتأمين إمدادات الطاقة وإبقاء الأسعار تحت السيطرة.

ويقول مراقبون إن تأثير بروكسل على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يبقى محدودا، ولاسيما على إستراتيجيات الشركات الخاصة لشراء الطاقة.

ويرجح تقرير نشر في موقع ستراتفور أن يختار المشترون الأوروبيون عقودا مع مصدرين آخرين بدلا من إعطاء الأولوية للغاز الطبيعي المسال الأميركي، حيث من المتوقع أن تدخل إمدادات عالمية جديدة السوق من الشرق الأوسط انطلاقا من 2026، وخاصة من قطر والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب التقرير ستصعّب هذه الديناميكيات على بروكسل تأمين التزامات كافية من المشترين الأوروبيين لتلبية أحجام مشتريات الغاز الطبيعي المسال الإضافية التي قد تسعى إليها إدارة ترامب القادمة، ما يترك الباب مفتوحا أمام التعريفات الجمركية الأميركية والتوترات التجارية الأخرى خلال السنوات المقبلة.

ومن هنا تستمد الخطوة القطرية أهميتها؛ إذ سيقلص انسحاب الدوحة هامش المناورة أمام الدول الأوروبية المعارضة والشركات الخاصة.

1