لبنان يشرع في تفكيك السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

بيروت – يواصل الجيش اللبناني تفكيك السلاح الفلسطيني خارج مخيمات اللاجئين الذي يتركز بيد الفصائل الموالية لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بعد تسلمه منها السبت مركزين عسكريين ومعسكرا بمحافظة البقاع شرقي البلاد.
وتعد هذه المعسكرات ضمن ما كان يُسمّى السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وكان تتمتع بحماية سياسية وعسكرية واسعة خلال وجود الجيش السوري في لبنان. وبعد خروج السوريين من لبنان في 2005، منح حزب الله بطريقة غير مباشرة الحماية السياسية والعسكرية لهذه المعسكرات التي كان يعتبرها ضمن ما يُسمّى "محور المقاومة".
وقال الجيش في بيان "تسلم الجيش مركزي السلطان يعقوب – البقاع الغربي وحشمش بين بلدتَي قوسايا ودير الغزال – البقاع الأوسط التابعَين سابقا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة".
كما تسلم الجيش "معسكر حلوة - راشيا التابع سابقا لتنظيم فتح الانتفاضة، وصادر كميات من الأسلحة والذخائر بالإضافة إلى أعتدة عسكرية".
ونشر الجيش على موقعه الإلكتروني صورا تعكس لحظات دخول قواته إلى المواقع العسكرية وكمية الذخائر المصادرة.
وأكد الجيش أنه "يتابع تسلُّم مراكز عسكرية كانت تشغلها تنظيمات فلسطينية داخل الأراضي اللبنانية، ضمن إطار حفظ الأمن والاستقرار وبسط سلطة الدولة في مختلف المناطق".
وأفادت صحيفة "النهار" اللبنانية بأنه تم إخلاء عناصر الجبهة الشعبية- القيادة العامّة من موقع حشمش العسكري بمرافقة الجيش اللبناني.
ويبلغ عدد العناصر المسلحة بالمركز ستة أشخاص وقد قادتهم مخابرات الجيش إلى ثكنة أبلح وتسلمت الموقع بعتاده وتحصيناته.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش لم يتسلم إلى حد الآن موقعين الأول استراتيجي في جرود بلدة قوسايا على الحدود الجبلية ما بين لبنان وسوريا، والثاني موقع جبيلة عين البيضا في سهل كفرزد وهو كناية عن أنفاق داخل هضبة.
وهذه المعسكرات موجودة منذ العام 1982 ولم ينسحب عليها خروج الجيش السوري.
وكان الجيش اللبناني قد تسلم قبل عشرة أيام الموقع العسكري التابع لفتح الانتفاضة في بلدة حلوى في قضاء راشيا الواقعة على الحدود.
وكانت مخابرات الجيش قد أوقفت 6 أشخاص وصادرت أسلحة في إطار مداهمات قامت بها على 3 مخيّمات فلسطينيّة في البقاع وتواصل مداهماتها في إطار تنفيذ القرار 1701 بأطره كافّة.
ويأتي هذا التطور بعد سقوط نظام الرئيس السوري في 8 ديسمبر الذي كانت هذه الفصائل حليفة له في الماضي، وقد كانت ضمن شروط اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله، والذي نص على تفكيك كل المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بصناعة السلاح في لبنان، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة بدءاً من منطقة جنوب الليطاني..
وتمت الإطاحة بالرئيس السوري السابق بعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة على غالبية المدن الرئيسية في سوريا ومنها حلب وحماة وحمص ودرعا والسويداء والعاصمة دمشق.
وتأتي هذه التطورات في إطار الجهود الإقليمية لتثبيت الاستقرار في لبنان وسوريا، والتخلص من بقايا التنظيمات المسلحة التي كانت ترتبط بالنظام السوري السابق. ويُتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تقليص المخاطر الأمنية في المناطق الحدودية وتحقيق سيطرة أفضل للدولة اللبنانية على أراضيها.
وكانت لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني أعلنت أنه "ضمن الاستراتيجية التي وضعتها الدولة اللبنانية عبر لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني بالتعاون مع مدير الاستخبارات في الجيش اللبناني ومدير عام الأمن العام اللبناني، استكملت المرحلة الأولى من الخطة المتعلقة بتنفيذ اتفاق سحب السلاح خارج المخيمات، ونفذ إخلاء منطقة الناعمة من أي وجود عسكري، وأخلي عدد من العقارات في منطقة الدامور التي كانت تشغلها إحدى الفصائل الفلسطينية".
وفي مؤتمر الحوار الأول الذي انعقد في مارس 2006 بدعوة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، جرى تفاهما وطنيا على جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وضرورة ضبطه وتنظيمه في داخلها. إلا أن القرار بقي حبرا على ورق.
ويذكر أن طاولة الحوار الوطني اللبناني التي انعقدت بعد انتهاء حرب يوليو المدمرة بين إسرائيل وحزب الله كان من أبرز بنودها مناقشة ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وملف موقع الناعمة باعتباره الموقع الأكثر دقة وحساسية لقربه من مطار بيروت الدولي، عدا عن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن الأنفاق التي شيدتها القيادة العامة هناك، والتي يعتقد أنها جزء من شبكة أنفاق أنشئت لأغراض عسكرية وأمنية وربما تكون على ارتباط وثيق بحزب الله، وأثير عدد من التساؤلات حول الهدف من استخدامها سواء لأغراض تخزين الأسلحة أو للتنقل السري بين المناطق المختلفة. وطالما تعرض ذلك الموقع لعدد من الغارات والهجمات الإسرائيلية فضلاً عن عملية الإنزال عام 1988، وقيل حينها إنها كانت بهدف إما اغتيال أو اختطاف الأمين العام للجبهة في ذلك الوقت أحمد جبريل، لكن عملية الإنزال فشلت وقتل عدد من المقاتلين الفلسطينيين وعدد من الجنود الإسرائيليين.
وكانت مجموعات مشتركة من الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) بدأت الجمعة أعمال تفتيش عن منشآت عسكرية لحزب الله في مناطق واقعة جنوب نهر الليطاني، وفق مصدر أمني لبناني لوكالة أنباء شينخوا الصينية.
وأشار المصدر إلى "أن ذلك جاء تطبيقاً لأحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل". وأكد مصادرة "كميات من الذخيرة" خلال أعمال التفتيش، لافتاً إلى أنها "ستستكمل على مراحل في مناطق حدودية أخرى".
وقال المصدر الأمني إنه "سيتم استحداث حواجز ونقاط ثابتة للجيش اللبناني و"يونيفيل" عند مداخل قطاع جنوب الليطاني وضفاف نهر الليطاني، انطلاقاً من محور مرجعيون شرقاً وحتى القاسمية غرباً".
ومنذ 27 نوفمبر الماضي يسري اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وضع حدا للمواجهات التي نشبت بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في 8 أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة وتصاعدت في 23 سبتمبر الماضي.
وينص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية في غضون 60 يوما مع انتشار الجيش اللبناني على الحدود وفي منطقة الجنوب ومنع أي وجود للأسلحة والمسلحين في منطقة جنوب نهر الليطاني.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار ينفذ الجيش الإسرائيلي من حين لآخر ضربات في لبنان أوقعت قتلى وجرحى يقول إنها لإزالة "تهديدات" حزب الله.