الإيسيسكو تبحث توظيف اللغة العربية في المحتوى الرقمي بطرق مبتكرة

الرباط - شكل توظيف اللغة العربية بطرق مبتكرة في تشجيع صناعة المحتوى الهادف ضمن المنصات الرقمية موضوع منتدى انعقد بالرباط، تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للغة الضاد.
المنتدى نظمه مركز اللغة العربية للناطقين بغيرها، التابع لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، تحت عنوان “اللغة العربية وصناعة المحتوى الهادف”، بمشاركة أكاديميين ومهتمين وصناع محتوى رقمي باللغة العربية.
كما ناقش اللقاء التحديات التي تواجه صناع المحتوى في ضوء التطور الرقمي والفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي.
وفي كلمة بالمناسبة أكد نائب المدير العام للإيسيسكو، عبدالإله بن عرفة، أنه في خضم حركة تبادل المعلومات والأفكار على المستوى العالمي، تشكل اللغة أداة قوية، باعتبارها جسرا عالميا يربط الأفراد من مختلف الثقافات والأعراق، مسجلا أن التطور الرقمي الذي يشهده العالم بات يفرض الحاجة الملحة إلى توظيف لغة مؤهلة تخدم صناعة محتوى هادف.
وأضاف بن عرفة أن اللغة العربية أضحت تسهم في صناعة محتوى عالمي هادف يعزز مكانتها الدولية في شتى المجالات، مؤكدا في ذات الصدد على دورها في تمكين التبادل الثقافي عبر استعراض منظورات ثقافية مختلفة وتعزيز التفاهم العالمي.
في المقابل حذر نائب المدير العام للإيسيسكو من هيمنة لغة واحدة دون غيرها على مشهد صناعة المحتوى عبر العالم، وهو ما من شأنه تهديد التنوع اللغوي، مؤكدا حرص المنظمة على ضمان هذا التنوع في كل قطاعاتها ومراكزها ومشاريعها، خاصة وأن اللغة العربية هي “اللغة الجامعة في دولها الأعضاء.”
من جهتها نوهت الكاتبة العامة بوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، سميرة المليزي، باختيار موضوع المنتدى الذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، ما يضفي عليه أهمية كبيرة في ظل الثورة المعلوماتية والتطور الرقمي.
وأكدت المليزي على المكانة التي تحظى بها اللغة العربية باعتبارها رابطا تواصليا ومعرفيا وحضاريا بين العديد من الشعوب على امتداد جغرافي مترامي الأطراف، فضلا عن كونها موضوع رهانات عالمية تزداد عمقا يوما بعد آخر بفضل رصيدها الحافل بالمعارف والإبداعات.
وفي سياق التحولات العالمية شددت المليزي على ضرورة تعزيز مكانة اللغة العربية في صناعة المحتوى الرقمي، لافتة إلى أن صناعة المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي تمكن من الوصول إلى جمهور واسع “دون وساطة ناشر أو لجان مراجعة،” وهو ما قد يؤدي إلى “خطورة انحدار المستوى” ويبرز أهمية استحضار النماذج الجامعة والناجعة من صناع المحتوى باللغة العربية.
يذكر أن الجلسة الافتتاحية للمنتدى عرفت توزيع جوائز على الأطفال الفائزين بمسابقة “مذيع الإيسيسكو الصغير”، والتي شارك فيها 200 طفل من غير الناطقين باللغة العربية من 23 بلدا، تشجيعا لهم على إقبالهم على تعلم لغة الضاد.
وتضمن برنامج المنتدى جلستي حوار، الأولى حول موضوع “صناعة المحتوى الخاص باللغة العربية وآدابها”، والثانية حول “صناعة المحتوى الثقافي العام باللغة العربية الفصيحة”، بمشاركة ثلة من صناع المحتوى الشباب المعروفين في الساحتين العربية والدولية.
المنتدى بيّن أهمية العربية في صناعة المحتوى وناقش التحديات التي يواجهها صناع المحتوى والحلول الممكنة لها
وسعى المتدخلون في هذه الجلسات الحوارية إلى تسليط الضوء على أهمية توظيف لغة الضاد الفصيحة بشكل سليم لتجويد المحتوى العربي ضمن نسيج المحتوى العالمي.
وقال الإعلامي وصانع المحتوى محمد ياسين صالح إن تخصصه في دراسة اللسانيات باللغة الإنكليزية دفعه أكثر إلى الإقبال على اللغة العربية، مضيفا أن شغفه بهذه الأخيرة نبهه إلى رصد هفوات لغوية يرتكبها البعض، وعلى هذا الأساس سعى إلى تصحيح الأخطاء اللغوية الشائعة التي يتم توظيفها سواء عن جهل أو سهوا انطلاقا من عمله كمدقق لغوي.
وأضاف أن الإمكانات الهائلة التي باتت تتيحها المنصات الرقمية جعلت صانع المحتوى أكثر قربا من المتلقي العربي، وهو ما شجعه على دخول عالم صناعة المحتوى الرقمي، مؤكدا في ذات السياق على أن المعيار الأهم بالنسبة إلى المحتوى الخاص به يتمثل في إنتاج مادة موجزة مفيدة وممتعة وبعيدة عن معيار “تحقيق أكبر عدد من المشاهدات”.
من جهته أكد منشئ مبادرة “لسان مبين” محمد العمري أن خبرته التي راكمها في مجال تدريس اللغة العربية بالجامعة، قادته إلى قناعة مفادها أن صناعة المحتوى تشكل فرصة هامة لتبسيط قواعد اللغة العربية للمتلقين سواء للناطقين أو لغير الناطقين بها.
وسجل العمري أنه لمس من خلال الإحصائيات على منصته الرقمية نتائج “عظيمة جدا” لأثر المحتوى الخاص باللغة العربية على المتلقي، لافتا إلى أنه ينبغي تضافر جهود المتخصصين من أجل العمل على خدمة هذه اللغة من خلال توظيف صناعة المحتوى بلغة الضاد واستثمار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
بدوره دعا منشئ منصة “الأمالي” محمد لغظف إلى إعادة إحياء تداول لغة الضاد عبر النصوص الأصلية، لتصبح اللغة المتداولة في شتى الميادين، مشددا على التأثير البارز لصانعي المحتوى باللغة العربية في تغيير السلوكيات، إذ تطرق إلى تأثير مقطع مصور له لقائمة طعام في مطعم ببلده غابت فيها لغة الضاد دفع القائمين إلى اعتمادها في القائمة.
وأكد أهمية اللغة العربية كلغة “واقعية” تخاطب الرأي العام، مذكرا بالظروف التي فرضتها جائحة كورونا، حيث احتاجت الدول في العالم العربي إلى توظيفها في فترة الحجر الصحي للوصول إلى الجمهور من أجل توعيته وتوجيهه.
وشهدت الجلسات زخما لغويا احتفاء بلغة الضاد، حيث سارع متدخلون إلى توظيف أبيات شعرية، كناية عن ثراء وجمالية اللغة وكونها معينا لا ينضب.
وحاول المنتدى تبيان أهمية هذه اللغة في صناعة المحتوى، ومناقشة التحديات التي يواجهها صناع المحتوى والحلول الممكنة.
كما سعى القائمون على هذا المنتدى إلى تشجيع توظيف لغة الضاد في المحتوى الإعلامي الرقمي بطرق مبتكرة، فضلا عن استعراض قصص نجاح وتجارب ملهمة في صناعة المحتوى باللغة العربية لتشجيع الهواة والمهتمين على تحسين مهاراتهم.