دور حيوي للأطباء السوريين في ألمانيا.. هل يعودون الآن إلى بلادهم

برلين – يمارس آلاف الأطباء السوريين مهنتهم في ألمانيا. لكن الأنباء المتواترة عن رغبة السوريين في العودة إلى بلادهم من أوروبا تثير مخاوف بعض المسؤولين الألمان من أن تشمل هذه العودة العاملين المؤهلين الذين باتوا عنصرا فعالا في اقتصاد ألمانيا.
وأشار هؤلاء السياسيون إلى أن رحيل العمالة المؤهلة سيضر بألمانيا. وتطرقوا خاصة إلى مغادرة الأطباء وغيرهم من أفراد الطاقم الطبي.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر الأسبوع الماضي “ستسقط أجزاء من القطاع الصحي إذا غادر بلادنا جميع السوريين الذين يعملون هنا الآن. ومن المهم لنا أن نقدم عرضا للموجودين في بلادنا، الذين يشغلون عملا واندمجوا، والذين لم يرتكبوا جريمة، والذين سجلوا أطفالهم في مدارسنا، ليبقوا هنا من أجل اقتصادنا.”
سياسيون يؤكدون أن رحيل العمالة المؤهلة سيضر بألمانيا، وخاصة الأطباء وغيرهم من أفراد الطاقم الطبي
وأصبح السوريون يشكلون عنصرا مهما في القطاع الصحي الذي يشكو نقصا في ملء الوظائف، وهو ما يعدّ جزءا من مشكلة أوسع تواجهها ألمانيا نتيجة شيخوخة السكان ونقص العمالة الماهرة.
وقال رئيس اتحاد المستشفيات الألماني جيرالد غاس إن السوريين يشكلون الآن أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب، أي من اثنين في المئة إلى ثلاثة في المئة.
ويعمل حوالي 5 آلاف طبيب سوري في المستشفيات وحدها. ويقول وزير الصحة كارل لاوترباخ، الذي يقدر العدد الإجمالي للأطباء السوريين بأكثر من 6 آلاف، إنهم أفراد “لا غنى عنهم” في قطاع الرعاية الصحية.
وقال غاس إن صورة الأطباء السوريين في المستشفيات “متنوعة للغاية”. ويفكر البعض (خاصة الذين لا يزال العديد من أقاربهم في سوريا) في العودة السريعة إذا استقر الوضع، بينما يشعر آخرون بالراحة والاندماج الجيد في ألمانيا ويعتزمون البقاء. لكن في الوقت الراهن “لا وجود لمؤشرات على أيّ حركة جماعية قريبة نحو سوريا.”
وأضاف “من المؤكد أن رعاية المرضى في ألمانيا لن تنهار إذا عاد جميع الأطباء السوريين الآن. لكنهم غالبا ما يعملون ضمن مجموعات أصغر في مواقع فردية.” وأشار بذلك إلى أن رحيلهم السريع يمكن أن يتسبب في إغلاقات محلية مؤقتة. وتابع “يتم التأكيد على معاملة هؤلاء الأشخاص باحترام. نعم، يفكر أصحاب المستشفيات في كيفية ملء الوظائف الشاغرة.”
وقالت الدكتورة هبة النايف، وهي طبيبة أطفال مساعدة بمستشفى في ناون خارج برلين، إنها سئلت خلال الأيام العشرة الماضية عن سيناريو عودة السوريين جميعا.
وأضافت النايف المولودة في حلب، والتي قضت جل حياتها خارج سوريا وقدمت إلى ألمانيا من إسبانيا في 2016، “لا أعرف. يريد البعض ذلك (العودة). لكن الأمر صعب وغير مؤكد.” وأشارت إلى أنها تفكر في الأمر، واستدركت “لكن وطني هنا أيضا الآن.”
5
آلاف طبيب سوري يعملون في المستشفيات وحدها، ووفق وزير الصحة يقدر العدد الإجمالي للأطباء السوريين بأكثر من 6 آلاف
وقالت في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس إنها تأمل، مثل العديد من الأطباء والصيادلة السوريين، في رؤية شبكة تعاون بين ألمانيا وسوريا. وأضافت أن “الألمان بحاجة إلى متخصصين وسوريا بحاجة إلى الدعم… والتجديد، حيث أصبح كل شيء مدمرا الآن. أرى أن بإمكاننا التعاون لمساعدة المجتمعيْن معا.”
وقالت إن النظام الصحي الألماني سيواجه “مشكلة كبيرة” إذا قرر مجرد جزء من أطبائه السوريين المغادرة. وتحدثت عن أزمة نقص الموظفين وعبرت عن إرهاق العاملين الموجودين الذين يؤدون عمل العديد من الأطباء. وأكدت أن ألمانيا قدمت “ملاذا آمنا”، لكن التمييز والعنصرية كانا مشكلة شائكة، ومثّل الاندماج تحديا.
وقال الدكتور أيهم درويش البالغ من العمر 40 عاما، الذي جاء من حلب إلى ألمانيا لدراسة الطب في 2007 وفتح عيادته العامة في برلين منذ 2021، “على حد علمي، لا يريد أحد من دائرة أصدقائي العودة. لقد كونوا أسرهم وبنوا مسيرتهم المهنية وأسسوا مجتمعهم هنا.” واعتبر المخاوف الألمانية من عودة الكثيرين “مبالغا فيها بعض الشيء، أو غير مبررة.”
لكنه قال إن على ألمانيا بذل المزيد من الجهد لإقناع المهنيين الطبيين الذين تدربهم بالبقاء، وإنها تستطيع بذل المزيد من الجهود لجذب الأجانب وسد الشغورات.
وتابع “نرى الممرضات والمهنيين الطبيين في المستشفيات يكسبون القليل مقارنة بالولايات المتحدة أو سويسرا.” واعتبر أن ساعات العمل سيئة التنظيم والمستشفيات التي تعاني من نقص الموظفين “تدفع المختصين بعيدا.”