اجتماع بوزنيقة يحقق اختراقا بتوافق فرقاء ليبيا على خارطة طريق سياسية

بوزنيقة (المغرب) - أنهى وفدا مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، اليوم الأول من جلسات الحوار، الذي انطلق الأربعاء بمدينة بوزنيقة المغربية، جنوبي العاصمة الرباط، بإعلان اتفاقهما على إنجاز الانتخابات وفق القوانين الانتخابية وإعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.
ونجح الوفدان بعد مناقشات مستفيضة امتدت لساعات في التوصل إلى اتفاق يضم 8 مواد بمثابة خريطة طريق لإحياء العملية السياسية الجامدة في البلاد وتجاوز الخلافات التي عطلت المسلسل الانتخابي.
وجاء الاتفاق بعد إجراء تعديلات عدة على مسودة أولى تم تداولها صباح الأربعاء، على أن يتم صباح اليوم الخميس التوقيع بشكل نهائي على الاتفاق الذي يمهّد الطريق لتشكيل حكومة جديدة وتهيئة الانتخابات، وإصدار البيان الختامي للاجتماع التشاوري بحضور رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي وصل مساء الأربعاء إلى العاصمة المغربية الرباط، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبمشاركة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وسبق أن احتضن المغرب 6 جولات من حوار بين الفرقاء الليبيين توجت في يناير 2021 باتفاق على آلية لتولي المناصب السيادية.
كما استضاف المغرب لقاءات بين وفدي المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) ومجلس النواب بشأن قانون الانتخابات في أوقات متفرقة من السنوات الماضية، بالإضافة إلى زيارات مسؤولين ليبيين للرباط.
وذكرت سارة سويح، عضو مجلس النواب الليبي خلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء اليوم الأول من اجتماع تشاوري بين المجلسين في بوزنيقة أن الطرفين توصلا إلى اتفاق يضم 8 مواد بينها المادة "1" التي تتحدث عن المرحلة التمهيدية لإجراء الاستحقاق الانتخابي، وتنص على "إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفق القوانين الانتخابية".
كما اتفق الطرفان على "تشكيل لجنة عمل مشتركة لاستكمال إعادة تكليف المناصب السيادية بليبيا، تتولى إعادة النظر في معايير الترشح لتولي المناصب، ووضع آلية لتقديم طلبات الترشح وآلية للاختيار".
وأوضحت سويح، أن المادة "4" تشير إلى "تشكيل لجنة عمل مشتركة للنظر في المسار الاقتصادي والمالي والحكم المحلي، تتولى وضع معايير وآليات شفافة للتوزيع العادل لبرامج وميزانيات التنمية".
وأشارت إلى أن المادة "5" تنص على "تشكيل لجنة عمل مشتركة بشأن الملف الأمني تتولى متابعة تنفيذ نتائج الاجتماع المشترك بين لجنتي الدفاع والأمن القومي بالمجلسين الذين عقدا في أغسطس 2024".
كما نصت ذات المادة على "متابعة عمل لجنة (5+5) والعمل على إزالة العوائق والتحديات أمام استكمال مهامها، وتقديم خطة عمل بالتنسيق مع اللجنة لإعادة سيطرة الدولة على الحدود والموانئ والمعابر".
وتضم لجنة "5+5"، خمسة أعضاء من المؤسسة العسكرية في غرب ليبيا، ومثلهم من طرف قوات الشرق التي يقودها خليفة حفتر، وتعقد منذ أكثر من عامين حوارات داخل البلاد وخارجها لتوحيد الجيش تحت رعاية الأمم المتحدة تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020.
إلى ذلك، حدد المجلسان نهاية يناير المقبل موعدا لعقد اجتماعهما القادم بمدينة درنة، فيما تم الاتفاق على تقديم اللجان تقاريرها النهائية للاعتماد من قبل المجلسين خلال شهر من تاريخ أول اجتماع لها.
وتعرف العملية السياسية التي استهدفت إنهاء الانقسام المستمر منذ أكثر من عشر سنوات في ليبيا جمودا منذ تعثر الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في ديسمبر 2021 وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين.
وجاء الاجتماع بين ممثلي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في مدينة بوزنيقة المغربية، بعيدا عن المسار الذي تسعى البعثة الأممية للسير فيه من أجل إعادة تنشيط العملية السياسية في ليبيا ودفع جميع الأطراف السياسية للمشاركة فيه، بهدف السير بالبلاد نحو الانتخابات.
وكانت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا ستيفاني خوري قد أعلنت عن إطلاق عملية السياسية لإنجاز الاستحقاق الانتخابي بهدف الوصول إلى حكومة توافقية وفق إحاطتها بمجلس الأمن الاثنين الماضي.
وأكد رئيس الحكومة الليبية الموازية في شرق البلاد أسامة حماد، أن ما قام به مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في مدينة بوزنيقة المغربية، الأربعاء، يعتبر "خطوة إيجابية جسدت المعنى الحقيقي لفكرة أن الحوار لابد أن يكون ليبي ليبي حتى تتحقق أهدافه بشكل صحيح".
وعبر حماد في تغريدة على حسابه بمنصة إكس صباح اليوم الخميس، عن "ارتياحه وترحيبه بمخرجات حوار المجلسين، خاصة ما يتعلق بإنشاء سلطة تنفيذية جديدة متكونة من مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة".
يأتي هذا في الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.
وتأتي هذه التحركات ضمن جهود هدفها إيصال ليبيا إلى انتخابات برلمانية ورئاسية تحل أزمة صراع بين حكومتين، إحداهما حكومة الوحدة الوطنية المعترف دوليا، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير المنطقة الغربية للبلاد بالكامل، والثانية عينها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد، ومقرها مدينة بنغازي (شرق)، وتدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.