المركزي السوري يعتمد سعر صرف ثابتا لليرة أمام الدولار

دمشق - اعتمد مصرف سوريا المركزي سعر صرف العملة المحلية بالمؤسسات المالية والبنوك عند 15 ألف ليرة مقابل الدولار الثلاثاء، وذلك في ثاني نشرة أسعار يصدرها رسميا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في وقت سابق هذا الشهر.
وحدد المركزي في نشرة أولى أصدرها الاثنين الماضي، سعر صرف الدولار عند 12.5 ألف دولار مع تحديد سعر لعدة عملات أجنبية تشمل الريال السعودي واليوان الصيني والروبل الروسي، في خطوة يرى متابعون أنها ستساعد في ضبط سوق العملات وتضييق التعاملات الموازية والمضاربة.
وذكرت شركات صرافة في العاصمة دمشق لرويترز في أواخر الأسبوع الماضي أن الليرة ارتفعت بالفعل من 15 ألف ليرة مقابل الدولار في الأيام الأخيرة من حكم الأسد.
وأرجع متعاملون السبب إلى عودة الآلاف من السوريين الذين لجأوا إلى دول في الخارج خلال الحرب وإلى الاستخدام المفتوح للدولار والعملة التركية في الأسواق.
15
ألف ليرة سعر صرف العملة السورية أمام العملة الأميركية في المؤسسات المالية والبنوك
ومع اقتراب الفصائل المعارضة من دمشق، عشية إسقاط الأسد، سجّل سعر الصرف في السوق الموازية مستوى قياسيا بلغ 30 ألف ليرة في مقابل الدولار.
وآخر مرة حدد فيها المركزي سعر الصرف في عهد الأسد كانت في الخامس من ديسمبر الجاري حين كانت لا تزال هناك أسعار صرف منفصلة بواقع 13668 مقابل الدولار للبنوك والمؤسسات المالية و12562 أمام العملة الأميركية لاستخدامها في موازنة الدولة.
وقبل اندلاع الحرب في عام 2011، كان الدولار يساوي نحو خمسين ليرة، قبل أن تتهاوى قيمة العملة المحلية بشكل تدريجي وتفقد أكثر من تسعين في المئة من قيمتها حتى بلغ نزيفها في العام الماضي، ما نسبته 141 في المئة.
واستُخدمت عدة أسعار صرف رسمية خلال حكم الأسد في شركات الصرافة، وبالنسبة للتحويلات المالية من الخارج ولوكالات الأمم المتحدة.
وكانت هناك أسعار أخرى في السوق السوداء، لكن استخدام عملات أجنبية في التعاملات التجارية اليومية كان من الممكن أن يقود في السابق إلى السجن، وكان الكثير من السوريين يخشون حتى من مجرد نطق كلمة “الدولار” علنا.
وأفادت رويترز بأن احتياطي البلاد من الذهب لم يُمس خلال الحرب، التي استمرت 13 عاما، والفوضى التي أعقبت فرار الأسد إلى روسيا، لكن سوريا لا تملك إلا كمية قليلة من احتياطيات العملة الأجنبية نقدا.
احتياطي البلاد من الذهب لم يُمس خلال الحرب التي استمرت 13 عاما، والفوضى التي أعقبت فرار الأسد إلى روسيا
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال بسوريا محمد البشير في تصريحات إعلامية الثلاثاء، إن احتياطيات بلاده من العملات الأجنبية “منخفضة للغاية.”
ويؤكد مسؤولون سوريون حاليون وسابقون لرويترز أن احتياطيات الدولار استنفدت تقريبا لأن حكومة بشار الأسد استخدمتها بشكل متزايد لتمويل الغذاء والوقود والمجهود الحربي.
وقال أحد المصادر إن “احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي تبلغ نحو 200 مليون دولار نقدا فقط”، بينما ذكر آخر أن احتياطيات الدولار تقدر “بالمئات من الملايين.”
ودفع الانخفاض الحاد في قيمة الليرة معظم السوريين إلى العيش تحت خط الفقر. وتقول وكالات للأمم المتحدة إن أكثر من 90 في المئة من البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.
ونتجت الأزمة الاقتصادية الخانقة في أعقاب الصراع الذي استمر سنوات، والعقوبات الغربية وشح العملة لأسباب من بينها الانهيار المالي في لبنان المجاور وخسارة الحكومة السورية للأراضي المنتجة للنفط في شمال شرق البلاد.
وتعرضت صناعة النفط والصناعات التحويلية والسياحة وغيرها من القطاعات الرئيسية في سوريا إلى ضغوط كبيرة، وتعمل شرائح كثيرة من السكان في القطاع العام المتهالك ويبلغ متوسط الأجور الشهرية حوالي 300 ألف ليرة.
وتقول الحكومة الجديدة، التي اختارتها المعارضة بعد السيطرة على دمشق في الثامن من ديسمبر الجاري في هجوم خاطف أطاح بحكم عائلة الأسد الذي استمر 50 عاما، إنها سترفع الأجور وتعطي أولوية لتحسين الخدمات.
وأبلغت الحكومة الأسبوع الماضي قادة أعمال والمستثمرين والشركات أيضا بأنها ستتبنى نموذج السوق الحرة، وستدمج سوريا في الاقتصاد العالمي، في تحول كبير عن عقود من سيطرة الدولة الفاسدة.