العمال المهاجرون قوة دافعة لنمو الاقتصاد العالمي وتحفيزه

جنيف - أعطت تقييمات حديثة تأكيدا جديدا على أن العمال المهاجرين يلعبون دورا حاسما في نمو الاقتصاد العالمي وتحفيزه من خلال شغل الوظائف الأساسية في البلدان الأجنبية وإرسال التحويلات المالية التي تشتد الحاجة إليها إلى بلدانهم الأصلية.
ويقول خبراء منظمة العمل الدولية في تقرير صدر بداية هذا الأسبوع إن المهاجرين عادة ما يجلبون فائدة اقتصادية صافية للدول التي يدخلونها وتلك التي يغادرونها.
وأكدت سوكتي داسجوبتا مديرة قسم ظروف العمل والمساواة في المنظمة في إفادة صحفية في جنيف الاثنين الماضي، أن المهاجرين يقودون النمو الاقتصادي في بلدان المقصد، وهم يدعمون بلدانهم الأصلية من خلال تحويلاتهم المالية ونقل المهارات.
ويأتي إصدار التقرير في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين من الولايات المتحدة. وخلال حملته الرئاسية، اتهمهم باستنزاف الموارد الاقتصادية والاستيلاء على وظائف من الأميركيين المولودين في البلاد.
لكن هناك الكثير من المهاجرين يعملون في مناطق كثيرة من العالم وخاصة في منطقة الخليج وأوروبا وكندا، حيث توفر فرصا متنوعة في مجالات مختلفة وهي سوق بحد ذاتها تحولا سنويا مليارات الدولارات في شكل تحويلات مالية.
وقال رافائيل دييز دي ميدينا كبير الإحصائيين في منظمة العمل الدولية إن التقرير يدحض تأكيد البعض بأن “المهاجرين يأخذون وظائف المواطنين.”
وأضاف “العمال المهاجرين غالبًا ما يشغلون أدوارا محددة في وظائف منخفضة الأجر أو متخصصة، وكثيرا ما يكونون عمالًا موسميين، وأنهم يكملون قوة العمل المحلية بدلاً من إزاحتها.” وتابع “قد تكون هناك منافسة في سياقات محددة، لكن ليس لدينا حقًا دليل على أن المهاجرين يأخذون الوظائف من المواطنين.”
وأوضح دي ميدينا أنه في هذا التقرير، يشمل المهاجرون في قوة العمل جميع الأشخاص المولودين في الخارج في قوة العمل في بلد مضيف والذين يعملون أو عاطلين عن العمل بغض النظر عن وضعهم القانوني في البلاد. وقال “بالتالي، يتم تضمين الموثقين وغير الموثقين، بغض النظر عن إذن العمل في البلد المضيف، في أرقامنا.”
ويقدم التقرير المنشور على المنصة الالكترونية لمنظمة العمل الدولية تقديرات عالمية وإقليمية للمهاجرين في القوى العاملة تغطي 189 دولة ومنطقة لعام 2022، ويمثلون 99 في المئة من سكان العالم في ذلك الوقت.
ويشير إلى أن 167.7 مليون مهاجر كانوا جزءًا من القوى العاملة الدولية اعتبارا من عام 2022، وهو ما يمثل 4.7 في المئة من القوى العاملة في جميع أنحاء العالم.
ويجد التقرير أن القوى العاملة المهاجرة العالمية زادت بأكثر من 30 مليونًا منذ عام 2013، لكنه يلاحظ أنه من عام 2019 إلى عام 2022، “تباطأ معدل النمو إلى أقل من واحد في المائة سنويًا.” ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى تأثير الأزمة الصحية العالمية.
وبينما تغيرت أنماط الهجرة في بعض مناطق العالم، قالت منظمة العمل الدولية إن التركيبة الإجمالية للعمال المهاجرين ظلت مستقرة نسبيًا، حيث يمثل الرجال حوالي 61 في المئة والنساء يشكلن 39 في المئة.
وأشار التقرير إلى أن حوالي 68 في المئة من المهاجرين الدوليين في قوة العمل يتركزون في البلدان ذات الدخل المرتفع الواقعة في شمال وجنوب وغرب أوروبا وأميركا الشمالية والدول العربية.
وترى داسجوبتا أن معظم المهاجرين يتركزون في البلدان ذات الدخل المرتفع التي تجتذبها مستويات المعيشة الأعلى والمزيد من فرص العمل وخاصة في قطاع الخدمات. وقالت “هنا نجد 70 في المئة من جميع المهاجرين، وهذا ينطبق بشكل خاص على النساء.” وبحسب دييز دي ميدينا، فإن التقديرات المقدمة تستند إلى منهجية جديدة ومحسنة تسمح بتفاصيل أكثر تفصيلاً من ذي قبل.
وفي عام 2022، أفادت منظمة العمل الدولية أن المزيد من المهاجرين يواجهون معدل بطالة أعلى بنسبة 7.2 في المئة مقارنة بمعدل 5.2 في المئة لغير المهاجرين، مع وجود عدد أكبر من النساء المهاجرات خارج العمل مقارنة بالرجال.
ووفقا لتقريرها “قد يكون هذا التفاوت مدفوعًا بعوامل مثل الحواجز اللغوية والمؤهلات غير المعترف بها والتمييز وخيارات رعاية الأطفال المحدودة.”
ويشدد دي ميدينا على أهمية ضمان حصول العمال المهاجرين على الحماية الاجتماعية والعمالية و”تغطيتهم بقوانين العمل في البلاد، وخاصة للعاملين المنزليين.”
وقال إنه بدلاً من أن يكونوا عبئًا على المجتمع، فإن العمال المهاجرين يشكلون فائدة و”ضروريين للاقتصاد العالمي، وخاصة في قطاعات معينة مثل الخدمات والتصنيع والزراعة.”
وأضاف “إذا فرضت قيود كبيرة على حركة العمال المهاجرين، فسوف يكون هناك نقص في العمالة في قطاعات معينة في بلدان المقصد.”
واتفقت داسجوبتا من هذا الرأي وتعتقد أنه على أن المهاجرين يساهمون بشكل كبير في اقتصادات البلدان المضيفة من خلال الضرائب ومدفوعات الضمان الاجتماعي وغيرها من الوسائل.
وقالت إن “نسب توظيفهم إلى عدد السكان تكون أعلى في كثير من الأحيان”، مشيرة إلى أن التقرير وجد أن “المهاجرين يساهمون أكثر مما يسحبون، وخاصة بالنسبة للمهاجرين من الجيل الثاني.”