قياديو المؤتمر الوطني السوداني يخططون للتخلص من منافسيهم

الخرطوم - تزداد الخلافات داخل حزب المؤتمر الوطني المنحل في السودان بشأن تعيين أحمد هارون رئيسا للحزب، لينقسم الحزب رسميا إلى تيارين، أحدهما يقوده علي كرتي – أحمد هارون والآخر يقوده إبراهيم محمود، وسط أحاديث عن توجه القيادات المعارضة لتزويد الإدارة الأميركية بمعلومات عن هارون لتسليمه والتخلص منه.
واندلعت حرب بيانات بين تيار الشورى وتيار المكتب القيادي خلال الفترة الماضية، حول مشروعية القيادة في الحزب، بعد أن حسم مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني المنحل الخلافات مع مكتب القيادة بإعلان أحمد هارون رئيسا للحزب وإقالة الرئيس المكلف إبراهيم محمود في العاشر من ديسمبر.
وأطلق عثمان كبير، رئيس مجلس الشورى الوطني المكلف، بيانا حاد اللهجة ردا على مجموعة المكتب القيادي برئاسة إبراهيم محمود. ووصف عدم الاعتراف بقرارات الشورى بأنه سابقة خطيرة، مشيرا إلى أن هذا السلوك يعد انتهاكا للنظام الأساسي، نظرا لأن مجلس الشورى هو أعلى هيئة في الحزب. ودافع كبير عن استكمال النصاب في الاجتماع الذي اتُخذ فيه قرار إعفاء إبراهيم محمود، مشيرا إلى أن مجلس الشورى استخدم حقه كاملا وبنصاب قانوني.
القيادات الرافضة لتعيين أحمد هارون رئيسا للحزب تخطط للكشف عن مكانه وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية
في المقابل، أصدرت مجموعة المكتب القيادي برئاسة إبراهيم محمود بيانا انتقدت فيه قرارات الشورى، حيث ذكرت أن 60 في المئة من الأعضاء لم يحضروا الاجتماع. وأشارت إلى أن 15 شخصا حضروا اجتماعات الشورى رغم أنهم ليسوا من الأعضاء. وتساءل المكتب القيادي عن مصادر التمويل التي كانت مخفية في وقت سابق، واتهم قيادة الشورى بأنها طلبت من المجتمعين الموافقة على تعيين أحمد هارون رئيسا، كما طلبت منهم أداء اليمين بعدم الإفصاح عما دار في الاجتماع.
وذكرت مصادر مطلعة وفقا لتقارير محلية عدة، أن المجموعة الرافضة لهارون بدأت تخطط بشكل جدي للكشف عن مكانه الذي تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.
وأوضحت أن هارون يختبئ في السودان ويتحرك باستمرار داخل الولايات التي يسيطر عليها الجيش السوداني، مع وحدة حراسة خاصة، ولا يعرف المقربون منه تفاصيل تحركاته التي تشرف عليها بشكل مباشر، حسب المصادر، استخبارات الجيش ومجموعة من الكتائب الأمنية التابعة للتنظيم.
ويجري القيادي إبراهيم أحمد عمر وساطة لرأب الصدع بين المجموعتين لكنه فشل حتى الآن في تقريب وجهات النظر مع تمسك المجموعتين بموقفهما.
ونقلت مواقع مقربة من المؤتمر الوطني وجماعة الحركة الإسلامية عن زعيم حزب المؤتمر الوطني المنحل السميح الصديق قوله إنهم يرفضون رئاسة أحمد هارون للمؤتمر الوطني بسبب سوء إدارته، مشيرا إلى أن “حزب الإنقاذ سقط في عهده رغم أنه كان يمتلك كل مقومات الاستمرار.”
حرب بيانات اندلعت بين تيار الشورى وتيار المكتب القيادي خلال الفترة الماضية، حول مشروعية القيادة في الحزب
وفي نوفمبر 2019، تم حل حزب المؤتمر الوطني بعد الإطاحة بعمر البشير ويُعتبر علي كرتي على نطاق واسع بين الإسلاميين قائدا لسفينة النجاة، وذلك بفضل مفاوضاته مع المجلس العسكري قبل الحادي عشر من أبريل 2019، والتي أدت إلى الحفاظ على المكاسب الاقتصادية للتنظيم وتقليل فعالية المحاسبة.
وكانت الولايات المتحدة قد عرضت في يناير الماضي مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يساعد في القبض على الرئيس السابق لحزب المؤتمر الوطني السوداني أحمد هارون الذي كان يعد أحد أركان نظام الرئيس السابق عمر البشير، والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور بين عامي 2003 و2004.
وكشف مصدر مقرب من مجموعة المكتب القيادي أن أحد أسباب الخلاف الأساسية بين المجموعتين، هو أن مجموعة علي كرتي تُعتبر شريكا في الانقلاب الذي وقع ضد البشير، وهي متوافقة مع المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعده، في حين أن مجموعة المكتب القيادي لا تعترف بالتغيير الذي حدث في عام 2019.
ونقل موقع “دارفور 24” المحلي عن المصدر قوله إن “مجموعة الشورى (كرتي – هارون) تهدف إلى التخلص من الحزب وإرثه والسعي للعمل بشكل جديد، وهو ما أطلق عليه مسمى ‘المنظومة’، حيث يدير الحزب نشاطه التنظيمي في الولايات تحت هذه التسمية الجديدة التي يرأسها كرتي ويقوم هارون بدور النائب عنه.”
وتمثل المكاسب الاقتصادية نقطة نزاع أساسية، حيث استحوذت مجموعة الشورى المرتبطة بالسلطة العسكرية الحالية على جميع أموال التنظيم منذ اتفاقها مع المجلس العسكري في ذلك الوقت، وعزلت هذه الأموال عن المجموعة المعارضة، وفقا لبيان مجموعة إبراهيم محمود.
ويذهب محللون إلى القول إن الانقسام داخل الحزب لن يؤثر على سير الحرب. فمجموعة الشورى التي يقودها كرتي تمتلك النفوذ الحقيقي على الأرض، حيث تتوفر لديها الإمكانات المالية والبشرية، مما يشير إلى تأثيرها على المقاتلين الإسلاميين إلى جانب الجيش.