حراك مغربي لتطوير الإعلام المحلي في الأقاليم الجنوبية ردا على التشويه

ركزت نقاشات إعلاميين ومهنيين مغاربة على ضرورة تطوير الإعلام وتأهيل الصحافيين لوضع قضية الصحراء في بعدها الوطني، في ظل حملة التشويه التي تستهدفها من قبل المنابر الجزائرية خصوصا.
العيون (المغرب) - ناقش صحافيون وباحثون مغاربة في لقاء مفتوح مع القائمين على المجلس الوطني في مدينة العيون تعزيز دور الإعلام المحلي وسبل تطويره وتأهيل الإعلاميين الشباب في الأقاليم الجنوبية للبلاد التي تعتبر هدفا لحملات تشويه ممنهجة من قبل الجزائر خصوصا.
وأكد رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر يونس مجاهد عقب لقاء مفتوح مع وسائل الإعلام المحلية بالأقاليم الجنوبية، أن “الحكومة أصدرت مرسوما لتجاوز بعض هذه الإشكالات، لكن الحل لا يكمن فقط في إصدار القوانين، بل في وضع خطة شاملة تستهدف إصلاح القطاع عبر إدماج إجراءات قانونية، إدارية، مالية، وضريبية”، مشيرا إلى أن “تطوير الإعلام يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وإجراءات عملية تراعي خصوصية هذا المجال الحيوي.”
ويعتبر القائمون على الإعلام المغربي أن من أولى النقاط الأساسية للنهوض بالقطاع توفير تكوينات متخصصة للصحافيين الشباب في مجالات الإعلام الرقمي والتسويق الترابي، بما يواكب التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وشدد المشاركون في ندوة حول موضوع “دور وسائل الإعلام في الترافع عن القضية الوطنية وتحقيق التنمية”، على أهمية إحداث شراكات مع المؤسسات الوطنية والدولية لتطوير الكفاءات الإعلامية المحلية، وضمان الحق في الوصول إلى المعلومات الموثوقة”، مؤكدين على ضرورة تقديم دعم مستدام للمقاولات الإعلامية الجهوية، مع التركيز على إنتاج محتوى متعدد اللغات يسهم في تعزيز جاذبية المنطقة لدى المستثمرين والسياح، ويعكس الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية.
وأكد مجاهد، في تصريحات لموقع هسبريس المحلي، أن التحديات التي يعيشها قطاع الصحافة في المغرب، سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي، تتطلب مقاربة شاملة تستند إلى سياسات عمومية واضحة ومتكاملة، لافتا إلى أن “اللجنة المؤقتة قدمت رؤى ومقترحات تهدف إلى تطوير المقاولات (المؤسسات) الصحافية وتجويد أدائها بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة، خصوصا في ظل التداعيات المستمرة لأزمة كوفيد – 19 التي أثرت بشكل كبير على القطاع.”
وحقق المغرب منجزات ملموسة على المستويات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وأشار مجاهد إلى دور الإعلام الجهوي كرافعة للتنمية، مبرزا في السياق عينه، الحاجة إلى انبثاق مقاولات صحفية حقيقية قادرة على العمل والبحث وتقصي الخبر الدقيق والصحيح.
وركزت النقاشات على ضرورة وضع قضية الصحراء في بعدها الوطني، مع التركيز على التنمية التي يشهدها المغرب، خاصة في الأقاليم الجنوبية، إضافة إلى إبراز دور المغرب كقطب وصلة وصل مع أوروبا والقارة الأفريقية.
وأكد الدبلوماسي الأسبق حسن عبدالخالق أن في غمرة النزاع المفتعل، اضطلع الإعلام الوطني بأدوار مهمة في الدفاع عن القضية الوطنية، مستشهدا بما نشرته وتنشره الجرائد اليومية والأسبوعيات والقنوات التلفزية والإذاعية في هذا المجال.
وأضاف أن وسائل الإعلام التي عرفت تطورا ملحوظا مع تطور التكنولوجيا، وتعددت منابرها، أصبحت في جزء كبير منها إلكترونية، مما طرح تحديا جديدا أمام الإعلام في كيفية خدمة القضية الوطنية.
وذكر بأن القضية الوطنية تعد قضية بلد بأكمله، مما يفرض على الجميع الدفاع عن حق الشعب المغربي بكل السبل المشروعة، ومن بينها الإعلام، داعيا الإعلام الوطني إلى أن يكون في مستوى الدور المنوط به، و”يقظا للتصدي للإعلام المناوئ للموقف المغربي.”
وشدد على الحاجة إلى تكوين الإعلاميين المغاربة في ملف الصحراء المغربية واطلاعهم على المستجدات المتصلة بهذه القضية.
التحديات التي يعيشها قطاع الصحافة في المغرب، سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي، تتطلب مقاربة شاملة تستند إلى سياسات عمومية واضحة ومتكاملة
وتواجه الأقاليم الجنوبية للمملكة تحديات استثنائية تتمثل في موقعها الجيوسياسي، لذلك فإن الإعلام المحلي يتحمل مسؤولية كبيرة في التصدي للحملات الدعائية والبروباغاندا الموجهة ضد وحدة المغرب، إذ تعتبر هذه المنطقة في الواجهة الأمامية ما يتطلب تفكيرا خاصا ومقاربة استثنائية، تلتزم بالقوانين والقواعد المعمول بها، مع مراعاة خصوصياتها وظروفها الخاصة.
وركزت النقاشات التي دارت خلال الاجتماعات مع مختلف الفاعلين في القطاع الصحافي على أهمية تقوية الإعلام الوطني وتعزيز احترافيته، وقال مجاهد إن “الهدف الأساسي هو بناء إعلام قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، من خلال الاستثمار في الكفاءات البشرية وتطوير القدرات المهنية للصحافيين.”
وتابع المسؤول الأول على قطاع الصحافة “اللجنة المؤقتة ستواصل الحوار مع الهيئات المهنية والصحافية، بالتنسيق مع الحكومة، لضمان تحقيق إصلاحات شاملة تخدم القطاع”، موضحا أن “هذا العمل يهدف إلى بناء إعلام وطني قوي، يتميز بالاحترافية والمصداقية، وقادر على نقل صورة حقيقية عن قضايا المملكة وتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي.”
ولا يقتصر تعزيز الإعلام فقط على معالجة الأزمات المالية والإدارية، بل يتطلب أيضا عملا تكامليا يشمل تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للعاملين في القطاع، ووضع سياسات تدعم الابتكار وتواكب التحولات الرقمية التي أصبحت من ركائز الصحافة الحديثة.
وقال حسن عبدالخالق إن الإعلام المغربي يُعتبر إحدى الركائز الأساسية في الدفاع عن القضية الوطنية، وتوضيح أبعادها الإقليمية والدولية، مؤكدا أن “معركة الإعلام ليست مجرد مواجهة خطاب، بل هي مسار تواصلي يهدف إلى إبراز الحقائق التاريخية والشرعية المرتبطة بالصحراء المغربية، في ظل ما يروج له الإعلام المعادي من أطروحات وادعاءات مغلوطة.”
ضرورة تكوين الإعلاميين المغاربة في ملف الصحراء المغربية واطلاعهم على المستجدات المتصلة بهذه القضية
ويرى أن الإعلام الوطني حقق تطورا كبيرا بفضل الانخراط الإيجابي للصحافة الوطنية بمختلف أشكالها، فقد استطاعت المنابر الإعلامية مواجهة الأطروحات الانفصالية بشكل متوازن، مستندة إلى الشرعية الدولية والتاريخية التي تؤكد مغربية الصحراء، لكن تعزيز التكوين الإعلامي للصحافيين المغاربة لا يزال مهما لمواكبة المستجدات، وتقديم المعطيات الدقيقة التي تعكس حجم التنمية والاستقرار في الأقاليم الجنوبية.
وسلط عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الضوء على “الدور الذي يلعبه النظام الجزائري في استهداف المغرب عبر حملات إعلامية مضللة ومحاولات لزعزعة الاستقرار الإقليمي”، مذكرا بـ”العديد من المحاور التي تفضح الإستراتيجية الإعلامية للنظام الجزائري التي تعتمد على نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق بهدف ضرب الوحدة الترابية للمملكة المغربية.”
وأضاف أن “النظام الجزائري يستغل وسائل الإعلام العمومية والإلكترونية للترويج لأطروحاته الانفصالية”، لافتا إلى “وجود رقابة صارمة تمنع تناول الموضوعات التي تظهر صورة إيجابية للمغرب”. كما استعرض ممارسات مثل منع المواطنين الجزائريين من الحديث علنا عن إنجازات المغرب، مع تسليط الضوء على الحادثة التي جرت سنة 2016 عندما تعرض نائب برلماني جزائري لمضايقات بسبب تصريح إيجابي حول المغرب.
وتعتمد السلطات الجزائرية على آليات لتقييد الإعلام الخاص، إذ تفرض قوانين صارمة تحدّ من حرية التعبير وتمنع الترخيص للقنوات المستقلة، وتشير الإحصائيات إلى أن القطاع الإعلامي في الجزائر يرزح تحت رقابة شديدة، ما يجعله أداة لخدمة أجندات النظام السياسية بدل القيام بدوره الإخباري المستقل.
وأشار القيادي في “حزب علال الفاسي” إلى مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في إظهار التنمية التي يشهدها المغرب، خصوصا في المناطق الجنوبية، “ما دفع النظام الجزائري إلى التركيز على التضليل الإعلامي لاحتواء أي تأثير إيجابي قد يصل إلى المواطن الجزائري.”