طموحات تنمية الاقتصاد الدائري في تونس تصطدم بعوائق تنظيمية

السياسة الحكومية تطمح إلى تقليص وصول النفايات من البلاستيك إلى المصبات والحد من الانعكاسات البيئية لهذه المخلفات، لكن دون القيام بالتوعية على نحو أفضل.
الثلاثاء 2024/12/17
في غياب النجاعة

تونس- تصطدم طموحات تونس لتنمية الاقتصاد الدائري بالكثير من العراقيل، من أبرزها تنظيم هذا القطاع الناشئ من الناحية القانونية، ناهيك عن قلة الحوافز اللازمة بما في ذلك الحصول على التمويلات من أجل بناء قاعدة قوية لهذا النوع من الأعمال.

ولدى الحكومة إستراتيجية للتصرف الدائري الشامل والقطاعي للنفايات مقسمة على مرحلتين؛ الأولى تنتهي في عام 2035 والثانية تنتهي في عام 2050، ضمن جهود الدولة للتحول الأخضر.

ويندرج السير الدائري للنفايات عامة بمختلف أنواعها المنزلية والصلبة والصناعية ضمن الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي بصدد التطبيق من قبل وزارة البيئة بالتدرج مع مختلف الوزارات.

وينبني الاقتصاد الدائري على محاور متعلقة بصفر نفايات وتقليص كمياتها وإعادة استعمالها، بما في ذلك عملية التسميد، إذ أنّ 60 إلى 80 في المئة من المخلفات المنزلية هي عضوية وتشكل ثروة إن أحسنت الدولة استغلالها.

سندس فنيش: العوائق التشريعية والبيروقراطية تحول دون تطور القطاع
سندس فنيش: العوائق التشريعية والبيروقراطية تحول دون تطور القطاع

وتطرقت ورشة إقليمية احتضنتها تونس مؤخرا ببادرة من شبكة أفريقيا 21، بالشراكة مع وزارة البيئة التونسية وبدعم من الاتحاد الأوروبي ووزارة التعاون السويسرية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، إلى الأسباب الرئيسية التي أعاقت تطور هذا القطاع.

ورغم المبادرات، من ذلك مشروع إيكولاف، وهو أول نظام للتصرف في النفايات المتعلقة بالتعبئة أرساه بلد أفريقي بغية الحد من التلوث، مع وجود شركات تتولى معالجة آلاف الأطنان، لا يزال مجال التدوير يعاني من نقص التنظيم ومن غياب قانون واضح.

وبحسب المتدخلين في النقاشات في إطار الورشة تواجه أغلب المبادرات عوائق على غرار المنافسة غير المشروعة والنشاطات غير المنظمة ونقص التشجيعات بالنسبة إلى المؤسسات المحترمة للمواصفات.

وأكدوا أنه نتيجة لذلك ينتهي الأمر بأغلب النفايات من البلاستيك في المصبات أو في الأوساط الطبيعية، ما يزيد من حدة الأزمة البيئية.

وتتضمن الإستراتيجية، والتي تولت عرضها المستشارة في المجال البيئي والعضوة بالمنتدى الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية في تونس سندس فنيش، ثلاثة مخططات قطاعية تتعلق بالبلاستيك وتحويل النفايات المنزلية إلى سماد عضوي وتدوير نفايات البناء.

وتشمل هذه الإستراتيجية 53 إجراء في خمسة محاور كبرى متعلقة بالحوكمة والتمويل والتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والحد من التصحر والحد من التلوث بكامل أنواعه والمحافظة على التربة.

وكانت الحكومات المتعاقبة قد اعتمدت عددا من البرامج منذ عام 2001 لتسهيل عمل المستثمرين في قطاع تجميع النفايات وإعادة تدويرها، وقدمت حوافز لإنشاء الشركات الصغيرة لمعالجة هذه الظاهرة.

لكن جميع الإجراءات التي تم إقرارها افتقرت إلى الجدية في التعامل مع أطنان النفايات، فضلا عن ضعف قدرتها على اللجوء إلى عمليات التدوير، التي جعلت منها بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استثمارا مربحا.

ويشير المختصون إلى عدم فاعلية عمل الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات المخولة الأولى بإسناد الرخص لشركات جمع ونقل النفايات الخاصة.

وبحسب فنيش فإن السياسة الحكومية عموما تطمح إلى تقليص وصول النفايات من البلاستيك إلى المصبات والحد من الانعكاسات البيئية لهذه المخلفات. لكن دون القيام بالتوعية على نحو أفضل، فإن كل المبادرات لا يمكن لها أن تحقق أهدافها.

واعتبرت أن عملية التوعية أساسية للترويج لسلوك استهلاك مسؤول. ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن فنيش قولها إن “العوائق التشريعية والبيروقراطية تحول دون تطور الاقتصاد الدائري في تونس.”

وفي ما يتعلق بالبلاستيك تم تحديد ثلاثة أهداف أساسية. ويتعلق الأمر بالحد من استهلاكه وإنتاجه بهدف حماية البيئة وصحة الإنسان وضمان إدارة عمليات التدوير الإيكولوجية.

55.5

ألف طن حجم النفايات من البلاستيك سنويا، التي يقع التصرف فيها بشكل سيء، وفق بيانات البنك الدولي

وفي الواقع فإن المنتجات المصنعة من البلاستيك غير القابل للتحلل تعد من مصادر تلوث المحيط ولها انعكاسات، على المديين المتوسط والبعيد، على صحة الإنسان وعلى التربة والبحار والمحيطات.

وفي تونس يتم استخدام 4.2 مليار كيس بلاستيكي في السنة. وبحسب تقرير البنك الدولي تفرز البلاد كميات من النفايات المنزلية في حدود 2.8 مليون طن سنويا، 9.4 في المئة منها متأتية من البلاستيك.

وتضم صناعة البلاستيك في تونس قرابة 283 شركة، منها 79 شركة مصدرة كليا. ويقدر حجم النفايات من البلاستيك سنويا، التي يقع التصرف فيها بشكل سيء، بنحو 55.5 ألف طن، وفق بيانات البنك الدولي.

وذكرت رئيسة قسم التجارة والبيئة وتغير المناخ والتنمية المستديمة لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) شنتال لين كاربونتييه أن الهدف هو ضمان أنماط استهلاك وإنتاج مستدام ما يعد أساسيا للمحافظة على سبل عيش الأجيال الحالية والقادمة.

وبحسب أونكتاد، إذا بلغ عدد سكان العالم 8.9 مليار نسمة بحلول عام 2050 فسيكونون في حاجة إلى موارد ثلاثة كواكب للمحافظة على مستوى عيشهم الحالي.

وقالت شانتال في مداخلة خلال الورشة عبر تقنية فيديو كونفرانس بشأن هدف التنمية المستديمة رقم 12 والنقاش بخصوص البلاستيك، إن ذلك “يستدعي تقليص منتجات البلاستيك من المصدر، ويعتبر ذلك مهمة صعبة للغاية بالنسبة إلى صناعة مجزية.”

11