سفير إيران لدى دمشق يكشف كواليس ليلة سقوط نظام الأسد

طهران – قدم سفير إيران لدى سوريا حسين أكبري قراءته للأحداث التي أدت إلى سقوط نظام الأسد، مشيرا إلى أن أحدا لم يتوقع سرعة حدوث هذه التطورات، متحدثا عن "المتغير الأهم" بالمشهد السوري الجديد، كما أعلن أن "السفارة الإيرانية في دمشق ستعود للعمل قريباً".
ودعمت إيران الأسد في الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، ويُنظر للإطاحة به على نطاق واسع باعتبارها ضربة كبيرة "لمحور المقاومة" بقيادة إيران، وهو تحالف سياسي وعسكري يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.
وفاجأ سقوط الأسد في غضون 10 أيام بعد صموده 13 عاما، إثر سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على دمشق، القوى الإقليمية والدولية بما فيها إيران.
ونقلت وكالة "إرنا"، عن أكبري، قوله إن "أحدا لم يتوقع أن تحدث هذه التطورات بهذه السرعة وفي مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة. وليس المسؤولون في الحكومة السورية فقط الذين لم يتوقعوا مثل هذا الأمر، بل إنه حتى أولئك الذين كانوا وراء كواليس هذه الأحداث وكانوا مسؤولين عن إدارتها، تفاجأوا أيضا".
وأضاف أنه "حتى الذين بدأوا العملية لم تكن أهدافهم وشعاراتهم الأولية سوى الرد على تصرفات ما يسمى 'ردع العدوان'، أي إنه قبل أيام قليلة من بدء العملية، قصفت الطائرات السورية والروسية مقراتهم وهم بدأوا عملياتهم بهدف الانتقام من هذا القصف".
والملفت بالنسبة إلى السفير الإيراني، أن "هذه العملية انطلقت من نقطة بعيدة تماما عن حلب والى الشمال هذه المدينة. حيث كان هدفهم الوحيد ضرب الجيش السوري وإعلان النجاح في عملية محدودة. لكن عندما بدأت العملية ولم يقاومهم الجيش السوري، تشجع هؤلاء على توسيع العملية من محاور مختلفة".
وتابع "أخيراً، سقطت مدينة حلب التي قاومت السقوط لأكثر من أربع أو خمس سنوات، خلال فترة قصيرة جدا، خلال يوم أو يومين. لقد كان هذا الحدث غير متوقع إلى درجة أنه غيّر كل المعادلات وأثر بشكل جذري على الوضع".
ويحرم سقوط الأسد إيران وحليفتها جماعة حزب الله اللبنانية من حليف مهم. فقد سمحت علاقات طهران بدمشق بأن تبسط إيران نفوذها عبر ممر بري، يمتد من حدودها الغربية عبر العراق وصولا إلى لبنان، لنقل إمدادات الأسلحة إلى حزب الله.
وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت الحرس الثوري في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة.
كما لعب حزب الله دورا كبيرا، إذ أرسل مقاتلين لدعم الأسد لكنه اضطر إلى إعادتهم إلى لبنان خلال العام الماضي لخوض القتال العنيف مع إسرائيل، وهي إعادة انتشار أضعفت قوات الجيش السوري.
وتحدث السفير الإيراني عن الأخطار التي تحدق بسوريا من بينها الانقسام لكنه استبعد أن يكون مصيرها مثل مصير ليبيا، قائلا "سوريا لن تصبح كما هو الحال في ليبيا لأن الظروف الجغرافية والاختلافات الإقاليمية لليبيا تختلف عن سوريا".
وشرح السفير الأسباب على الساحتين قائلا "في ليبيا، بسبب وجود مناطق لديها اختلافات واضحة مثل الشرق والجنوب والشمال، فإن غالبية المشاكل تعود إلى هذه الاختلافات الأقاليمية، لكن في سوريا لا توجد مثل هذه الاختلافات الواسعة على هذا النحو، رغم أنه ستكون هناك مشاكل مماثلة في سوريا، لأن كل فئة أو منطقة تبحث عن حقوقها في الحكومة المقبلة، فمثلاً منطقة السويداء تبحث عن حقوقها، والكرد أيضاً يريدون حقوقهم ونصيبهم في الحكومة".
ورأى أكبري أن "إحدى المشاكل التي يمكن أن تجعل سوريا أقرب إلى ظروف مشابهة لليبيا هي العلاقات الخارجية لكل مجموعة، بمعنى أن كل مجموعة من هذه المجموعات تحظى بدعم جهات خارجية".
واعتبر السفير الإيراني أن "المتغير الأهم المؤثر في هذا المشهد هو دور الكيان الصهيوني الذي لا يريد تشكيل حكومة قوية في سوريا تكون تهديدا له. كما يتم تعديل سياسات الولايات المتحدة على أساس مصالح الكيان الصهيوني. هذه العوامل تشكل تحديات جادة تواجه سوريا في الوقت الراهن".
وشدد على أن الوضع الأمني في البداية كان صعبا لكن يبدو أنه بات في التحسن مضيفا "أكدت أنه لو عبر المسلحون من مدينة حمص، فإنهم بالتأكيد لن يهاجموا السفارات حين الوصول إلى دمشق، لأنهم يعتزمون تشكيل حكومة، ولن يتعرضوا للأقليات، كما لن يستهدفوا الأضرحة والإيرانيين. لقد أعلنت هذا الموضوع رسميًا، بل وتنبأت بذلك في تصريح للميادين."
وتابع "قيام بعض المجموعات التي وصلت لدمشق من الجنوب بعمليات تخريب في سفارتنا كان متوقعا إضافة لبعض السرقات التي قامت بها بعض العصابات.
وقال "أنا شخصياً كنت حاضراً في السفارة مع العديد من زملائي حتى مساء السبت، اليوم التالي لسقوط دمشق. حتى أننا كانت لنا لقاءات وراقبنا الوضع عن كثب. اكتشفنا أنه تم التوصل إلى تسوية بين الطرفين وانتهى كل شيء. ولهذا أعلنت لزملائي تلك الليلة أنه لم يعد من المفيد البقاء في السفارة، لأن الجماعات المشبوهة قد تتدخل في هذه القضايا وتسعى للحصول على وثائق أو معدات أو امكانيات خاصة".
وأضاف "الأشخاص الذين كانوا يتصرفون بغرض السرقة يمكن أن يسببوا مشاكل أيضًا، ولهذا السبب قررنا إجلاء جميع الأشخاص المرتبطين بالسفارة ونقلهم إلى بيروت. ولحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى ولم نتكبد أي خسائر. أعلن هؤلاء (المعارضة المسلحة) أنه ليست لديهم مشكلة معنا. وفي اليوم التالي، عندما وصلوا إلى دمشق، قاموا بتوفير الأمن لسفارتنا وأقاموا حواجز ووضعوا حراسًا ولا يسمحون لأي شخص حتى بالتقاط صور للسفارة".
وعبر عن استعداد إيران لإعادة استئناف عمل السفارة قائلا "هدفنا هو استئناف أنشطة القنصلية في أسرع وقت ممكن. كما أعلن هؤلاء عن استعدادهم وقالوا إنهم سيقدمون الضمانات اللازمة لأمن السفارة والأنشطة الأخرى. كما قمنا بنقل الأفراد (اعضاء السفارة) إلى بيروت لمدة يومين أو ثلاثة أيام لضمان الأمن ومنع أي ضرر محتمل"
ويأتي تصريح السفير الإيراني والذي وصف بأنه موقف إيجابي بعد تأكيد زعيم "هيئة تحرير الشام" أبومحمد الجولاني الذي بدأ في استخدام اسمه الأصلي أحمد الشرع، إن ما حصل في سوريا "يعد انتصاراً" على المشروع الإيراني "الخطير على المنطقة ككل"، مشيراً إلى أنه "ليس لدينا عداوات مع المجتمع الإيراني ولا توجد أي حجج لتدخل خارجي الآن في سوريا بعد خروج الإيرانيين".
وكانت تركيا داعما رئيسيا لجماعات المعارضة التي أطاحت بالأسد.
وتسيطر تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، على مساحات من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية السورية.