إعادة تأهيل الجيش السوري مهمة تركية

دمشق- عكس عرض وزير الدفاع التركي يشار غولر الأحد التعاون العسكري مع الإدارة السورية الجديدة رغبة تركيا في إعادة تأهيل القوات المسلحة السورية المدمرة، سواء من خلال التسليح أو تدريب وتأهيل الفصائل المسلحة المرتبطة بالفكر المتشدد، مثل هيئة تحرير الشام والجيش الحر، والتي ينظر إليها العالم -وخاصة الولايات المتحدة- نظرة ارتياب.
وباتت سوريا عمليا دون قوات مسلحة حيث قامت إسرائيل بتدمير قدراتها العسكرية بشكل كلي تقريبا. ولئن ملأ المسلحون الذين كانوا في صفوف المعارضة المدعومة من تركيا بعض الفراغات الأمنية إلا أنهم مازالوا غير متمكنين بالشكل الكافي ويحتاجون إلى نيل ثقة الغرب وهذا ما سيوفره التعاون العسكري مع تركيا.
وكانت إسرائيل أعلنت تدمير 80 في المئة من القدرات العسكرية السورية من خلال تنفيذ أكثر من 400 غارة منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، بالإضافة إلى إعلان قائد هيئة تحرير الشام عزمه حل القوات الأمنية التابعة للنظام السابق.
تركيا تبدو الخيار الأفضل لإعادة تأهيل الجيش السوري نظرا إلى خبرات التدريب، فضلا عن قدراتها في مجال التصنيع العسكري
ومن المتوقع أن يجري قريبا حل ما تبقى من الجيش السوري الذي يخضع الآن لما يسمى بـ”تسوية الوضع”، التي ستنتهي بتسريح مقاتليه من الخدمة العسكرية.
ويقول محللون إن تركيا تبدو الخيار الأفضل لمهمة إعادة تأهيل الجيش السوري نظرا إلى خبراتها في التدريب، فضلا عن توفرها على الإمكانيات العسكرية اللازمة لذلك، باعتبارها قوة صاعدة في مجال التصنيع العسكري.
وتكشف نوعية الأسلحة التي وقعت في أيدي الفصائل السورية التي أطاحت بالنظام أن معظم أسلحته من الجيل القديم وبتكنولوجيا قديمة تعود إلى عهد الاتحاد السوفييتي، ومعظم الدول أخرجتها أصلا من مخزونها بسبب عدم الجدوى والفاعلية.
وكشفت الأسلحة، التي أوردت وكالة الأناضول التركية تقريرا مفصلا عنها، مدى الترهل الذي كان يعانيه جيش النظام وضعف قدراته القتالية والحاجة الملحة إلى تحديث مخزون هذه الأسلحة.
ويرجح المحللون أن يكون العرض التركي الذي سيتم قريبا الانتقال إلى تنفيذه، بتوقيع اتفاق مع الإدارة الجديدة، قد تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة التي زار وزير خارجيتها الجمعة أنقرة وأجرى محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن كبح نشاط تنظيم داعش في سوريا، ليعلن السبت من العقبة على هامش اجتماع عربي بشأن سوريا أن بلاده “على تواصل مع هيئة تحرير الشام وأطراف آخرين.”
وأعرب وزير الدفاع التركي عن استعداد بلاده للتعاون العسكري مع القيادة الجديدة في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، حال تلقت أنقرة طلبا بذلك.
وقال في مؤتمر صحفي الأحد إن أنقرة لديها اتفاقيات تعاون عسكري مع العديد من الدول، وأضاف “مستعدون لتقديم الدعم حال تلقينا طلبا من الإدارة الجديدة في سوريا.”
وتعد ليبيا واحدة من أهم دول الإقليم التي أجرت اتفاقية دفاعية مع تركيا. ولم يؤد التدخل العسكري التركي في ليبيا سنة 2020 إلى قلب موازين المعركة فقط لصالح قوات طرابلس، بل أعاد أيضا تأهيل القوات الليبية غرب البلاد وتنظيمها ما شكل نواة نظامية موازية للقوات شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتحدث غولر عن الوجود العسكري التركي في أجزاء من الأراضي السورية، وقال إن الوجود التركي في سوريا يهدف إلى منع تقسيم الأراضي السورية وإنشاء ممر إرهابي في المنطقة.
وشدد على أن الهدف الرئيسي لتركيا يتمثل في حماية سلامة أراضي سوريا ووحدتها، واستكمال العملية السياسية سلميا، وتطهير الحدود السورية – التركية من العناصر الإرهابية.
وأضاف “تُمكن مناقشة هذه القضايا ومراجعتها مع القيادة الجديدة في سوريا عندما يتم استيفاء الشروط اللازمة.”
وقال، متحدثا عن التطورات في سوريا، “مطالب المعارضة وعدم مراعاة النظام لها، فضلا عن عدم إمساك النظام باليد (التركية) الممدودة إليه بحسن نية، كانت مشاكل لا يمكن حلها لفترة طويلة ونتجت عن الديناميكيات الداخلية في سوريا.”
وأكد أن الوقت قد حان لإحلال الاستقرار والديمقراطية في سوريا مزدهرة وموحدة سياسيا، مشددا على أن تركيا ستقدم إلى سوريا كافة أشكال الدعم لاعتماد دستور جامع وإجراء انتخابات حرة ودمج البلاد في المجتمع الدولي.
وذكر أنه واثق من التوصل إلى حل سياسي دائم في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الصادر في عام 2015.
وفي حين تنظر أوساط إلى الاستعجال التركي على أنه محاولة لملء الفراغ الإيراني والروسي في سوريا، خاصة أن ذلك تزامن مع ظهور تقارير عن بدء مغادرة القوات الروسية باتجاه ليبيا، قلل غولر من أهمية تلك التقارير عندما ألمح إلى عدم وجود مؤشرات على عزم روسيا الانسحاب من سوريا.
وفي معرض حديثه عن القوات الروسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، أوضح وزير الدفاع التركي أنه ما من مؤشرات قطعية على سحب روسيا قواتها من سوريا بشكل كامل.
وأضاف “قد يسحبون بعض السفن إلى روسيا للصيانة والاستبدال ولا أعتقد أنهم سيغادرون سوريا في الوقت الراهن. سيفعلون (الروس) كل ما في وسعهم للبقاء، حتى أن مسؤولا روسيا (لم يذكر اسمه) أعلن أنهم سيواصلون البقاء في سوريا وأنهم ناقشوا هذه المسألة مع القيادة الجديدة.”
ولفت إلى أن روسيا سحبت قواتها من مختلف المناطق داخل سوريا باتجاه محافظتي طرطوس واللاذقية السوريتين، مبينا أن تركيا عرضت على الروس تقديم الدعم خلال هذه المرحلة إلا أنهم لم يطلبوا ذلك.
اقرأ أيضا:
- سقوط الأسد يحول حزب الله من قوة تعرج إلى تنظيم مسلح كسيح
- الألغام ومخلفات الحرب تهدد حياة السوريين العائدين إلى بيوتهم
- الآلاف من السوريين يعودون إلى بلادهم من تركيا
- سقوط نظام الأسد: احتمالات نجاح الثوار أو فشلهم
- اختبار براغماتية أحمد الشرع.. فاشل أم بطل المستقبل
- تحولات البعث السوري بين 1963 و2024
- هل خوفًا من "ما بعد الأسد" تريدون سوريا ما قبل الأسد.. إلى الأبد!