كرامة لأفلام حقوق الإنسان منصة للتفاعل مع القضايا الإنسانية عبر السينما

عمان – على امتداد أسبوع عاشت العاصمة الأردنية عمان فعاليات الدورة الخامسة عشرة لمهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان التي رفعت شعار “العدالة لشعوب جنوب العالم” وقدمت برنامجا متنوعا ضم 99 فيلما وثائقيا وروائيا إضافة إلى أعمال تحريكية وأخرى تحمل توقيع فريق “المعمل 612” الذي ينظم المهرجان بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية.
وفاز الفيلم الفلسطيني “الحياة حلوة: رسالة إلى غزّة” لمخرجه محمد الجبالي بجائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم وثائقي طويل، في حين فاز الفيلم السوري – الفلسطيني “ذاكرتي مليئة بالأشباح” من إخراج الفلسطيني المقيم في سوريا أنس الزواهري بجائزة “أنهار” الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان لأفضل فيلم حقوقي. وفاز الفيلم الفلسطيني الوثائقي الطويل “حالة عشق.. غسّان أبوستّة” بجائزة الجمهور.
وذهبت ريشة كرامة لأفضل فيلم روائي قصير للفيلم الإيراني “قبل الجنّة” من إخراج أحمد حيدريان. ونالت العديد من الأفلام تنويها أو إشادة أو تكريما خاصا.
وأشادت لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة بقيمة فيلم “صم” للمخرج اللبناني روي عريضة، وبقيمة فيلم “عذر أجمل من ذنب” للمخرج البحريني هاشم شرف.
من جهتها وجهت لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الطويلة إشادة خاصة بالفيلم اللبناني “رحنا وما رحنا” من إخراج لولوة خوري وماري لويز إيليا.
ومنحت لجنة تحكيم جائزة “أنهار” لأفضل فيلم حقوقي، الفيلم الوثائقيّ الفلسطيني “غزة.. صوت الحياة والموت” للمخرج حسام أبودان تكريما خاصا كما أعلن الإعلامي أيمن بردويل، مشيدا بما تضمّنه الفيلم “من وجد ملح نحو حياة أفضل، وبما احتواه من جودة شديدة الأثر في المبنى والمعنى.”
المهرجان الذي انعقد بين الخامس والثالث عشر من ديسمبر الجاري كان قد انطلق مع عرض فيلم “حالة عشق: دكتور غسان أبوستة”، للمخرجتين كارول منصور ومنى خالدي، والذي يوثق العلاقة العاطفية المعقدة بين الإنسان ووطنه، خاصة في ظل الحروب والهجرات القسرية، ويغوص في التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأفراد.
وشاركت في المهرجان أفلام من فلسطين ولبنان والبحرين وسوريا والأردن وقطر والمغرب وتركيا والنرويج وهولندا والولايات المتحدة وأستراليا والبرتغال وفرنسا وغيرها، إضافة إلى دول تشارك لأوّل مرّة مثل بنغلاديش والأكوادور. وبسبب الظروف القائمة في فلسطين ولبنان واليمن، استضاف المهرجان خلال دورة هذا العام، ممثلين عن مهرجان كرامة فلسطين، ومهرجان كرامة اليمن، ومهرجان كرامة بيروت، كما قدم أفلاما سودانية أُنجزت في بلاد المهجر، وأفلاما سورية أُنجزت من “خارج الإطار”.
وعلى هامش المهرجان نظم معرض رسوم كاريكاتير بعنوان “غزّة.. لا تعليق” للفنان الفلسطيني رفيق مجذوب، الذي أقيم في سياق المفردة السنوية من بين باقي مفردات مهرجان كرامة التي تحمل عنوان “ضمير الفن”، ويوثّق يوميات غزّة راصدا سيرة الألم والمعاناة بأسلوب طفولي مبسط.
والمشروع الفني اشتغل عليه الفنان رفيق مجذوب على مدار عام كامل من السابع من أكتوبر 2023 وحتى السابع من أكتوبر 2024، بإنجاز لوحة يومية، تناول فيها مختلف المواضيع ذات العلاقة بما يجري في غزّة سياسيا وإنسانيا ووجدانيا واجتماعيا، مدينا في السياسي منها ازدواجية معايير العالم. كما تضمن المعرض كتابا مصورا لأعمال الفنان التشكيلي.
العشرات من الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة والطويلة والتحريكية، تناولت جميعها آفاق العلاقة بين شمال العالم وجنوبه، حيث تتجلّى العدالة – وفقا لبيان صحفي للجهة المنظمة – بوصفها “عنوانا عريضا وجوهريا يسعى أحرار العالم في كل زمان ومكان إلى تحقيقه”، وبوصفها أيضا “أرضية لمدّ جسور التواصل بين جهات الكوكب وشعوبه وأنظمته والفاعلين فيه، وأدبيات الحوار، والمسبار الذي يحدد مسارات هذه العلاقة بين الشمال والجنوب؛ هل هي تناقض أم تكامل.”
وقالت مديرة المهرجان المخرجة سوسن دروزة، إن الكوكب “أصبح مقسوما بشكل مفزع إلى شطرين؛ شطر شمالي لا يريد أن يتخلّى عن نزعاته الكولونيالية القديمة التي يُفترض أنه قد مرّ عليها الماء وجرفتها غُدران الدروب، وشطر جنوبي تقضمه الحروب وينهش أركانه الجشع، وتسكن أعماق وجدانه الدافعية العنيدة نحو التخلص من التبعية.”
وأوضحت أن المهرجان يسعى لأن يكون “منصة محورية ليس فقط لعرض الأفلام، بل أيضا للتفاعل مع القضايا الإنسانية العالمية بشكل أعمق وأكثر تأثيرا، من خلال التركيز على قضايا الجنوب، وتمكين الشباب، ودعم السينما الرقمية، وتحفيز النقاشات حول العدالة الاجتماعية.”
بدوره شدد المدير الفنّي للمهرجان المخرج إيهاب الخطيب، في تصريحات صحفية، على أن الدورة الجديدة يمكن أن تحدث “فرقا حقيقيا في تحقيق التغيير”، موضحا أن “دمج الأفكار المبتكرة والعمل المشترك بين صنّاع الأفلام والجمهور والنشطاء سيعزّز رسالة المهرجان الإنسانية، ويزيد من تأثيره في تعزيز دور السينما التنويريّ بقضايا الإنسان عالميا.” وأضاف “إن كفتيّ الميزان مختلّتان، ولا بد من تقويمهما، ومن أجل ذلك على الإنسان أن ينتصر لقضايا المنطقة وإشكالاتها وتطلعات إنسانها نحو الحرية والكرامة والإنصاف.” وتابع بقوله “روح الفن السابع تتجلّى بوصفه عنوانا ومطلبا وراية، لذا علينا أن ننتصر عبر السينما بوصفها فعلا مقاوما لمعاني الإنسانية الحقّة، وأن نُلقي الضوء على وجوه العدالة وروحها الحيّة المتوثّبة.”
ومهرجان كرامة في الأردن هو أول مهرجان لحقوق الإنسان في العالم العربي، وأول مهرجان أفلام دولي في الأردن. أسس المهرجان ودعم مجموعة من المهرجانات في العالم العربي التي تحمل اسم “كرامة”، منها مهرجان كرامة فلسطين في 2013 ، مهرجان كرامة موريتانيا في 2014، ومهرجان كرامة غزة (مهرجان السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان) في 2015، ومهرجان كرامة بيروت في 2016، ومهرجان كرامة اليمن في 2018، بالإضافة إلى دعمه لمهرجان كرامة تونس – شاشة الإنسان، ومهرجان إيراتو لأفلام حقوق الإنسان في ليبيا من خلال الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان “أنهار” والتي أسسها “معمل 612” عام 2015.