بيدرسون يدعو لتخفيف العقوبات للمساعدة في إعادة بناء سوريا

المبعوث الأممي يؤكد لدى وصوله دمشق على عملية سياسية يقودها السوريون بأنفسهم وعدالة موثوقة لتجنب الانتقام.
الأحد 2024/12/15
بيرسون يؤيد رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام

دمشق  - دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن الأحد لدى وصوله إلى دمشق في أول زيارة لمسؤول كبير في الأمم المتحدة، إلى الإسراع في إنهاء العقوبات الغربية ضد سوريا، في الوقت الذي بدأ فيه زعماء البلاد الجدد والقوى الإقليمية والعالمية في رسم مسار للمضي قدما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وتخضع الحكومة السورية لعقوبات صارمة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ سنوات بسبب رد فعل الأسد العنيف على ما بدأ كاحتجاجات سلمية ضد الحكومة في عام 2011 ثم تحولت إلى حرب أهلية.

وتواجه الفصائل المسلحة التي أطاحت بالأسد وكسرت قبضته الحديدية على البلاد قبل أيام فقط دولة ممزقة ومعزولة بشدة بسبب العقوبات الدولية الصارمة، والتي ضاعفت من مشاكل سوريا الاقتصادية السابقة. لكن تحديات أخرى تعقد أيضا إعادة بناء سوريا لم تضع القيادة الانتقالية الجديدة رؤية واضحة لكيفية حكم البلاد، والمجموعة الرئيسية وراء الهجوم مثقلة بتصنيف إرهابي من قبل الولايات المتحدة.

وأعلن بيدرسن، تأييده رفع العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام، وأكد أن سوريا بحاجة إلى مساعدات "إنسانية فورية إضافية"، بينما تقدّر الأمم المتحدة أنّ أكثر من مليون شخص نزحوا منذ بدء الهجوم الذي نفذته فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام والذي أطاح بحكم بشار الأسد.

ووفقا لتصريحات أُرسلت للصحافيين، قال بيدرسون "نعلم جميعا أنّ سوريا مرّت بأزمة إنسانية ضخمة. يتعيّن علينا ضمان حصول سوريا على مزيد من المساعدات الإنسانية الفورية، للشعب السوري ولجميع اللاجئين الذين يرغبون في العودة. هذا أمر بالغ الأهمية".

وأضاف "نحن بحاجة إلى أن نرى أن هناك عدالة ومساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت. نحن بحاجة إلى التأكد من أنّ ذلك يحدث عبر نظام قضائي موثوق، وأنّه لا يوجد انتقام".

ولا تزال أجزاء من المدن الكبرى في سوريا متضررة أو مدمرة بسبب سنوات من القتال. وقد تعرقلت عملية إعادة الإعمار إلى حد كبير بسبب العقوبات التي تهدف إلى منع إعادة بناء البنية التحتية والممتلكات المتضررة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في غياب حل سياسي.

وليس من الواضح ما إذا كان بيدرسون سيلتقي أبومحمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام التي قادت فصائل المعارضة المسلحة التي أسقطت حكم بشار الأسد.

وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في الثامن من ديسمبر، وإنهاء حكم آل الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن والذي عُرف بالقمع الوحشي.

وفكّت هيئة تحرير الشام بقيادة أبومحمد الجولاني ارتباطها بتنظيم القاعدة في العام 2016، لكن دولا غربية عدة أبرزها الولايات المتحدة لا تزال تصنفها "منظمة إرهابية".

وبينما أعربت الكثير من العواصم والمنظمات الدولية عن قلق بشأن كيفية تعامل الحكم الجديد مع الأقليات، تعمل السلطات المنبثقة عن الهيئة على وضع أركان حكمها للبلاد في محاولة لطمأنة المجتمع الدولي. وتعهّد رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير، الذي كان يدير "حكومة الإنقاذ" في إدلب (شمال غرب) معقل الهيئة، إقامة دولة قانون.

وأشار مسؤولون في واشنطن إلى أن إدارة بايدن تدرس إزالة تصنيف الجماعة الإرهابية. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السبت إن المسؤولين كانوا على اتصال مباشر مع المجموعة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حضر بلينكن اجتماعا طارئا في الأردن حيث قال إنه حصل على دعم وزراء الخارجية الـ12 من جامعة الدول العربية وتركيا وكبار المسؤولين من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بشأن كيفية إدارة سوريا بعد عقود من عائلة الأسد. قاعدة.

واتفقوا على أن الحكومة الجديدة يجب أن تحترم حقوق الأقليات والنساء، وتمنع الجماعات الإرهابية من السيطرة، وتضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتأمين وتدمير أي أسلحة كيميائية متبقية من عهد الأسد. وقد وعد بلينكن بأن الولايات المتحدة سوف تعترف وتدعم الحكومة الجديدة التي تفي بهذه المبادئ.

ومع نفاد الوقت أمام إدارة بايدن، ليس من الواضح ما هو النهج الذي سيتبعه الرئيس المنتخب دونالد ترامب تجاه سوريا.

ومن المقرر أن تتولى الحكومة السورية المؤقتة السلطة حتى مارس، لكنها لم توضح بعد العملية التي بموجبها ستحل محلها إدارة دائمة جديدة.

وقال بيدرسن "نحن بحاجة لبدء العملية السياسية التي تشمل جميع السوريين". ومن الواضح أن هذه العملية تحتاج إلى أن يقودها السوريون أنفسهم".

ودعا إلى تحقيق "العدالة والمساءلة عن الجرائم" التي ارتكبت خلال الحرب، ودعا المجتمع الدولي إلى زيادة المساعدات الإنسانية.

بعد أسبوع من الاحتفال بسقوط الأسد، بدأ السوريون يستعيدون حياتهم الطبيعية في العاصمة دمشق. وانتشرت شرطة المرور التابعة للسلطات الجديدة السبت في شوارع العاصمة، فيما انكب عمال البلدية على تنظيف الطرق. وأعيد فتح معظم المتاجر، بما في ذلك سوق الحميدية الشهير في دمشق القديمة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وشدّد التاجر في سوق الحميدية أمجد صندوق، على ضرورة إنعاش النشاط في السوق، قائلا إن "النظام سقط لكن الدولة لم تسقط".

والأحد، عاد عشرات من التلاميذ في العاصمة إلى المدارس للمرة الأولى منذ سقوط حكم الأسد.

وقال موظف في المدرسة الوطنية إن نسبة الحضور "لم تتجاوز ثلاثين في المئة" مشددا على أن ذلك “أمر طبيعي، ومن المتوقع أن تزداد الأعداد تدريجا".

كذلك، فتحت الجامعات أبوابها وحضر بعض الموظفين الإداريين والأستاذة إلى مكاتبهم.

وتشهد سوريا اقتصادا منهارا كما تخضع لعقوبات دولية، بعدما عانت من ندوب نزاع مدمّر استمرّ أكثر من 13 عاما واندلع في أعقاب قمع احتجاجات سلمية في العام 2011.

وأسفر النزاع عن مقتل نحو 500 ألف شخص، ومغادرة ستة ملايين سوري من البلاد.