أردوغان يعرض على البرهان الوساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

رئيس مجلس السيادة الانتقالي يرحب بالوساطة التركية لإنهاء الحرب وإحلال الأمن في السودان.
السبت 2024/12/14
أردوغان يبحث عن دور إقليمي أكبر

إسطنبول – قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان في مكالمة هاتفية الجمعة أن أنقرة مستعدة للتوسط في حل الخلافات بين السودان والإمارات، والعمل على انهاء الحرب بين القوى السودانية وسط ترحيب من قبل قائد الجيش السوداني.

ولتبرير عجزه عن الحسم العسكري على الأرض ادعى الجيش السوداني مرارا بتقديم أبوظبي الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الحرب المستمرة منذ 19 شهرا، ونفت الإمارات هذا الاتهام أكثر من مرة.

يأتي العرض المقدم للبرهان، بعد أيام فقط من توسط أردوغان في اتفاق بين إثيوبيا والصومال. تبدأ الصفقة محادثات فنية تهدف إلى حل نزاع نشأ بعد أن وقعت إثيوبيا اتفاقا مع أرض الصومال، وهي منطقة انفصالية في الصومال.

وقالت الرئاسة التركية في بيان إن أردوغان ناقش مع البرهان في المكالمة الهاتفية العلاقات التركية السودانية بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والعالمية.

واقترح أردوغان أن تتدخل أنقرة لحل النزاعات بين السودان والإمارات كما توسطت في نزاع بين الصومال وإثيوبيا، وفقا لما قالته الرئاسية التركية دون الخوض في التفاصيل.

ولم تعلق أبوظبي على تصريحات الرئيس التركي بشأن الوساطة فيما تؤكد السلطات الإماراتية وقوفها الى جانب الشعب السوداني داعية لوقف الحرب العبثية بين القوى العسكرية عبر الانخراط في عملية سياسية شاملة وايصال المساعدات الإنسانية للنازحين والمدنيين الفارين من الحرب.

وكانت الامارات ردت في مجلس الأمن مرارا على ادعاءات البرهان بشأن ارسال أسلحة لقوات الدعم مشددة على أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، كما أكدت بالأدلة القاطعة على أنها بذلت جهودا حثيثة لوقف الحرب وإحلال السلام في البلد.

ويأتي الموقف الاماراتي ردّا على مزاعم ساقها حينها مندوب السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث ادعى فيها بأن "الإمارات أشعلت الحرب في بلاده عبر دعم قوات الدعم السريع"، وأعلن حينها رفض الخرطوم مشاركة أبوظبي في أي تسوية للأزمة السودانية.

ومنذ اندلاع الصراع في عام 2023، قدمت دولة الإمارات 230 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وأرسلت 159 طائرة إغاثة، حيث سلَّمت أكثر من 10 آلاف طن من المواد الغذائية والطبية وإمدادات الإغاثة. بالإضافة إلى ذلك، قامت دولة الإمارات ببناء مستشفيين ميدانيين في تشاد قدما العلاج الطبي لأكثر من 45 ألف شخص.

وعلاوة على ذلك، تواصل الإمارات الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في الصراع الدائر، ووقف العنف بشكل عاجل كمطلب رئيسي. وتؤكد الدولة أنه لا يوجد حل عسكري، وتشدد على أهمية عمل الأطراف المتحاربة على إيجاد حل سلمي للصراع من خلال الحوار.

وفي يونيو الماضي بحث رئيس الإمارات مع رئيس مجلس السيادة السوداني سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها فيما فهم حينها أنه استدعاء لوساطة اماراتية في الازمة السودانية.

وفي المقابل تعرف العلاقات التركية الإماراتية تطورا كبيرا بعد سعي أنقرة لتغيير سياساتها في المنطقة وقد أدى أردوغان زيارات عديدة للعاصمة الامارتية والتقى الرئيس الشيخ محمد بن زايد ال نهيان وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الاقتصادية وتعزيز الشراكة.

ووفقا للرئاسة التركية أكد أردوغان للبرهان أيضا على المبادئ الأساسية لتركيا وهي حماية سيادة السودان ووحدة أراضيه، ومنع تحول البلاد إلى ساحة للتدخل الأجنبي.

وذكر بيان لمجلس السيادة الانتقالي "أبدى الرئيس أردوغان استعداد بلاده للتوسط بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة لإحلال الأمن والسلام في السودان".

وأضاف أن البرهان رحب "بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، داعيا إلى تعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات".

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين أردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

وتركيا التي تمتلك استثمارات هامة في السودان تسعى لتعزيز نفوذها بعد تراجعه هذا النفوذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية ساندها الجيش فيما بعد.

وأظهرت تركيا انحيازا إلى صف البرهان، ثم كشفت تقارير سودانية قيامها بمده بعدد من الطائرات المسيّرة قيل إن الجيش يستخدمها في قصف مقرات تابعة لقوات الدعم السريع، ما أوقع الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين بالخرطوم ودارفور.

وأدى البرهان زيارة لأنقرة في سبتمبر 223 للبحث عن الدعم الاقليمي بعد أن تعرضت قوات الجيش لهزائم في عدد من الجبهات على يد قوات الدعم السريع في بداية النزاع.