المنامة تسارع للتواصل مع الشرع عدو عدوتها طهران

المنامة - سارعت قيادة مملكة البحرين إلى فتح قنوات التواصل مع السلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم أبومحمد الجولاني زعيم التمرد الذي أطاح بالرئيس السوري بشار الأسد.
ويأتي ذلك على ما يبدو تطبيقا لقاعدة “عدو عدوي صديقي” على اعتبار أن سقوط الأسد في سوريا جاء على حساب طهران التي ماتزال المنامة أبعد ما تكون عن اعتبارها صديقة لها رغم موجة المصالحات التي تمّت خلال الفترة الماضية في المنطقة وشملت تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى للبحرين.
ويحكم المنظور البحريني للإيرانيين انخراطهم مطلع العشرية الماضية في محاولة زعزعة استقرار بلادهم وتغيير نظامها بتحريكهم اضطرابات كبيرة في شوارع المملكة عن طريق المعارضة التي يجمعها مع إيران وحدة الانتماء للطائفة الشيعية.
وجاء ذلك في إطار محاولة إيران نقل أحداث الربيع العربي إلى البحرين التي تلقت دعما أمنيا وسياسيا كبيرا من معظم دول الخليج ساعدها في تجاوز تلك المرحلة الصعبة بسلام.
دول المنطقة الممتعضة من سياسات التمدّد الإيراني خارج الحدود تنظر إلى سقوط نظام الأسد باعتباره هزيمة للمحور الإيراني ككل وبداية لانحسار نفوذ الإيرانيين
ووجهت السلطات البحرينية آنذاك اتهامات لإيران بالوقوف وراء عمليات إرهابية في الداخل البحريني أحبط أغلبها وتمّ القبض على معظم مدبّريها الذين قالت السلطات إنها عثرت على أدلة دامغة بشأن ارتباطهم بالحرس الثوري الإيراني وتلقيهم دعمه بالمال والتدريب وتوفير التقنيات والمعدات والوسائل المادية المستخدمة في تلك العمليات.
وبعث عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الجمعة، رسالة إلى الشرع قائد هيئة تحرير الشام أكد فيها استعداد المملكة لمواصلة التشاور والتنسيق مع سوريا، وذلك بعد الإطاحة بنظام الأسد.
وأفادت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية بأن “الملك حمد بن عيسى آل خليفة رئيس الدورة الحالية للقمة العربية بعث رسالة إلى أحمد الشرع، القائد العام لفرقة التنسيق العسكري في الجمهورية العربية السورية الشقيقة.”
وأشاد الملك في الرسالة “بتعاون رئاسة إدارة الشؤون السياسية في سوريا مع السفراء العرب المقيمين في دمشق،” وفق الوكالة.
وأكد في الرسالة “أهمية الحفاظ على سيادة الجمهورية السورية واستقرارها وسلامة ووحدة أراضيها، وتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق.” كما أكد “استعداد مملكة البحرين لمواصلة التشاور والتنسيق مع سوريا الشقيقة ودعم المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق ما فيه صالح الشعب السوري.”
وأعرب عن “تطلع مملكة البحرين لاستعادة سوريا دورها الأصيل ضمن جامعة الدول العربية،” وفق المصدر ذاته.
يحكم المنظور البحريني للإيرانيين انخراطهم مطلع العشرية الماضية في محاولة زعزعة استقرار بلادهم وتغيير نظامها
ومن جهتها نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، نص الرسالة التي عبّر فيها ملك البحرين عن تقديره لـ”السياسة الحكيمة” المتمثلة في لقاء إدارة الشؤون السياسية التابعة لحكومة تصريف الأعمال السورية بالسفراء المقيمين في دمشق.
وفي الثامن من ديسمبر الجاري سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق وقبلها على مدن أخرى مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام واحدا وستين عاما من حكم نظام حزب البعث وثلاثة وخمسين عاما من حكم عائلة الأسد.
ومنذ ذلك الحين توالت التصريحات الرسمية العربية والدولية الداعمة للنقلة السياسية في سوريا مؤكدة أهمية الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، وضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء.
وتنظر دول المنطقة الممتعضة من سياسات التمدّد الإيراني خارج الحدود وخصوصا المتضرّرة بشكل مباشر من تدخلات طهران في شؤونها مثل البحرين، إلى سقوط نظام الأسد باعتباره هزيمة للمحور الإيراني ككل وبداية لانحسار نفوذ الإيرانيين متوقّعة أن يكون لذلك أثر في حماية استقرار المنطقة والحدّ من الصراعات داخلها.
وينتظر أن يكون هذا المنظور أرضية لإقامة علاقات جيدة بين غالبية الدول والسلطات السورية الجديدة ما يساعد الأخيرة على تأمين المرحلة الانتقالية التي تلوح صعبة ومعقدّة ومحفوفة بالمخاطر.