محظورات هيئة الإعلام بشأن الخبر السوري تقسم العراقيين

خطوط حمراء تشمل منع استضافة شخصيات أو محللين أجانب يحملون توجهات "معادية".
الجمعة 2024/12/13
استنفار أمني وإعلامي

أصبحت وسائل الإعلام وهيئة الإعلام العراقية مادة للجدل على مواقع التواصل بعد فرضها شروط على تغطية الأحداث في سوريا خشية من الخطاب التحريضي، حيث انقسم الناشطون بين من اعتبرها ممارسات قمعية وآخرون اعتبروها لحماية الأمن القومي.

بغداد - انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول القرار الذي أصدرته هيئة الإعلام والاتصالات العراقية إلى جميع المؤسسات الإعلامية العاملة في العراق، بشأن تغطية الأحداث والتطورات المرتبطة بالوضع السوري، إذ يشير إلى خطوط حمراء مشددة لمنع التأثير على الرأي العام.

وتضمنت التوجيهات في كتاب رسمي صادر عن الهيئة يحمل توقيع رئيسها علي حسين المؤيد، “التشديد على ضرورة الالتزام بالمهنية والموضوعية في تغطية الأحداث، والامتناع عن بث أو نشر أي معلومات قد تؤدي إلى إثارة النزاعات أو الإضرار بالعلاقات بين العراق وسوريا أو الدول المجاورة.”

كما شددت التوجيهات على “تجنب استضافة شخصيات أو محللين أجانب ممن يحملون توجهات معادية للعراق أو المنطقة، خاصة إذا كانت مواقفهم تتعارض مع المصلحة الوطنية العراقية.”

وأكدت على “عدم التطرق إلى المواضيع الأمنية الحساسة التي قد تؤثر على أمن واستقرار العراق أو تسهم في نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة،” و”التأكيد على الابتعاد عن نشر أو تداول أي أخبار غير موثوقة أو غير دقيقة تتعلق بالأحداث الجارية في سوريا.”

وأصبحت وسائل الإعلام العراقية والقائمون عليها مادة للجدل بين الناشطين على الشبكات الاجتماعية فهناك من اعتبر أن الهيئة محقة في فرض رقابة على الخطاب التحريضي الذي قد يتسبب في فوضى، وبين من اعتبر أنها ممارسات قمعية تهدف لإسكات المنابر الإعلامية وحماية السياسيين والمتنفذين من النقد بذريعة الأمن الوطني.

وهناك من هاجم وسائل الإعلام “المتمردة” التي رفضت الإملاءات قائلين أن هناك مؤامرة تستهدف الاضرار بالبلاد، وقال أحدهم:

22334455zzz@

ورأى آخر:
K________313@
أي موضوع يتناوله الإعلام الولائــي لا خير فيه.

وجاء في تعليق:
NazmHsyn@

 

وتساءل البعض عن الدور الذي يمكن أن يقوم به الإعلام:
AlRaqy67218@

ولاحظ آخرون أن الإعلام العراقي يتجاهل أحداثا مهمة في سوريا لها انعكاسات واضحة على العراق مثل مسألة مصانع الكبتاغون التي كان العراق من بين أكثر الدول المتضررة منها بسبب التهريب وانخراط الميليشيات الموالية لإيران بهذه التجارة التي دفع الكثير من الشباب العراقي ثمنها من صحته ومستقبله، علق ناشط:

ahmed64192856@

ورأى البعض أن بعض السياسيين لا يتركون فرصة لاستغلالها للنيل من الإعلام المنتقد، وذلك بعد أن وجه رئيس كتلة حقوق النيابية سعود الساعدي شكوى إلى رئيس جهاز الادعاء العام يطالبه فيها باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الإعلامي عدنان الطائي وقناة “يو.تي.في.".

وجاء في كتاب الساعدي استنادا لدورنا الرقابي في حماية نظام الدولة وأمنها والحقوق والحريات وحيث أن الأقوال التي ذكرها مقدم البرنامج المذكور أعلاه تشكل خطاب كراهية وتشكل جريمة إهانة وإساءة لطائفة دينية كبيرة من أطياف الشعب العراقي يُعاقَب عليها وفقا للمادة (372) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل فإننا ندعو إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الطائي والقناة التي سمحت بهذه الإساءات لطيف عراقي واسع ولما فيها أيضا من إثارة للنعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية.

وأشار الساعدي في الوقت نفسه إلى أن عدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المسيء من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية والأمن العام.

وعلق ناشط على هذه الدعوى قائلا:

iraqitechs@

ومن ضمن تعليمات هيئة الإعلام العراقية التوجيه إلى دعم الخطاب الوطني الذي يسهم في تعزيز وحدة المجتمع العراقي والمحافظة على أمنه واستقراره. ودعت المؤسسات الإعلامية إلى الالتزام بهذه التوجيهات بهدف المحافظة على الأمن المجتمعي وتفادي إثارة أي حساسيات سياسية أو اجتماعية.

ويقول متابعون أن الهيئة لسان حال السلطة، إذ ساعدت تعيينات مجلس المفوضين التي قام بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي رشحه لهذا المنصب “الإطار التنسيقي”، وهو الكتلة السياسية الرئيسية التابعة لـ”المقاومة – الإطار التنسيقي”، على فرض السيطرة على هيئة الإعلام والاتصالات بفضل غالبية الأصوات.

وتسيطر هيئة الإعلام والاتصالات على نطاق واسع، الأمر الذي يحمّلها مسؤولية استضافة وسائل إعلام مدرجة على لائحة الإرهاب، منها على سبيل المثال “تلفزيون الاتجاه” التابع لكتائب حزب الله، والمنصة الرسمية التابعة للكتائب "كاف." وتتحكم “هيئة الإعلام والاتصالات” في إصدار التراخيص لشركات الاتصالات، وهو عمل مربح جدًا في العراق لأنها تؤثر في تسديد ديون شركات الاتصالات أو إعفائها منها وإصدار تراخيص جديدة.

غير أن وسائل الإعلام المختلفة والمتعددة تنشط في البلاد كون غالبية الأحزاب والقوى السياسية باتت تملك وسائل إعلامها الخاصة بها (من صحف وفضائيات وإذاعات بل حتى وكالات). وبالتالي، فإن “الحرب” التي تشنّها وسائل الإعلام ضد هذا الطرف أو ذاك من داخل الطبقة السياسية، وإن كانت محصورة في نطاق التنافس والابتزاز أحياناً عبر التهديد بالكشف عن ملفّات معينة، لكن تكمن خطورتها أحياناً في أنها تخرج عن السيطرة وتتحول إلى أزمة تهدّد النظام السياسي بكامله.

ولعبت وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة دوراً مهماً على صعيد الكشف والمحاسبة ومحاصرة السلطات في العديد من الملفات والقضايا، التي باتت ساحتها وسائل الإعلام، لتتحوّل من ثمّ إلى قضايا رأي عام. كما أن امتلاك معظم القوى السياسية وسائل إعلامها الخاصة، زاد من صراع أقطاب السياسة بشأن الملفات المطروحة وتصادمها وتناقضها. لاسيما أن القوى السياسية بدأت اللعب على وتر الشعبوية لاستثارة الجمهور العاطفي تمهيداً للانتخابات.

5