السيستاني يدعو لحفظ أمن العراق على وقع التطورات في سوريا

بغداد - ناقش المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان، المستجدات وسبل الحفاظ على العراق من أي تجاذبات قد تحدث فيها، فضلا عن الضمانات لحماية الأقليات في سوريا، في ظل التطورات السريعة في المنطقة، والمخاوف المتزايدة من صراع "طائفي" قد ينشب في سوريا أو العراق.
وقد زار الحسان، اليوم الخميس، السيستاني في النجف، وظهر بمؤتمر صحافي بعد ذلك، أكد فيه أن "هذه الزيارة هي الثانية إلى المدينة القريبة من كل قلوب المسلمين، وتضمنت لقاء السيد محمد رضا السيستاني وتأتي هذه الزيارة ضمن التواصل المستمر بين اليونامي والمكونات في العراق".
وأضاف "نكن كل الاحترام للسيد السيستاني وحرصه على العراق واستقراره وإبعاده عن أي تجاذبات، فضلا عن الرؤية التي قدمها السيد في اللقاء الأول"، مبينا أن "المرجعية حريصة على العراق والحفاظ عليه من أي تجاذبات تحدث في المنطقة".
وتابع "المرجعية الدينية أطلعت حول اللقاءات التي أجريت في أميركا حول العراق، فضلا عن مناقشة سبل تجنب العراق أي تجاذبات تضر به"، لافتا إلى "وجود تنسيق مباشر مع اليونامي والحكومة العراقية".
ومن غير الواضح ما الذي يقصده الحسان بالاجتماعات التي أجريت بالولايات المتحدة حول العراق، لكن قبل أقل من أسبوع كان الحسان قد قدم احاطة في مجلس الأمن الدولي بنيويورك حول العراق، تحدث فيها عن الوضع الأمني والسياسي مشيرا إلى أن "الحكومة العراقية تسعى إلى تعزيز التكامل الإقليمي ونجحت في إبعاد العراق عن الصراع".
كما تحدث الحسان عن التعداد السكاني الذي أجراه العراق الشهر الماضي، وأشاد بالانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق وقال إنها "جرت بكل شفافية ونزاهة". وذكر أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عمل على الاستثمار بمشاريع متعددة في العراق"، كما أن "الحكومة العراقية تتخذ خطوات واعدة لتحقيق الإصلاحات".
وخلال المؤتمر الصحافي شدد الحسان على أن "العراق يجب ألا يكون ساحة لتصفية الحسابات"، لافتا إلى أن "المرجعية اطلعت على الاوضاع المتأزمة في المنطقة وتسارع الاحداث فيها خاصة سوريا"، مبينا أن "الأمم المتحدة تسعى جاهدا لإبعاد العراق عن التجاذبات الدولية بما يحقق استقرار العراق وتنميته".
وأوضح "ناقشنا سبل وخطوات النأي بالعراق عن التجاذبات والصراعات والأزمات التي تؤثر على العراق"، مؤكدا أن "الأوضاع في المنطقة خطرة ونحن نثق بالقيادة في العراق بأنها قادرة على إخراج العراق من هذه الصراعات".
وأضاف "تحدثنا مع السيد السيستاني، توفير جميع الضمانات اللازمة للأقليات في سوريا وحماية جميع السوريين وأن القضاء هو المختص في القصاص من مرتكبي الجرائم"، مؤكدا على "عدم استغلال العراق لتصفية الحسابات، ولأي حسابات خارجية".
وأعرب، عن أمله بأن "يتمكن هذا البلد التاريخي للخروج من هذه الصراعات بدور القادة والحكومة"، لافتا إلى أن "الوضع في سوريا مستتب وهناك تطمينات أن الامور تحت السيطرة والأمين العام للأمم المتحدة أكد بضرورة الحفاظ على جميع السوريين".
وتعد هذه الحادثة سابقة من نوعها، بإجراء زيارتين خلال فترة قريبة، ما يوحي الى وجود شيء مهم تحاول الأمم المتحدة أن تكون على تواصل مستمر فيه مع المرجع الأعلى، وتزداد أهمية هذا الأمر مع الانتباه الى ما صدر في بيان السيستاني في الزيارة السابقة التي تحدثت عن خارطة إصلاح النظام بشكل مفاجئ، فيما تأتي الأهمية من تزامن هذه التحركات مع ما يحدث في المنطقة وتقلص نفوذ ما يسمى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران والتوقعات بأن النظام العراقي سيكون هو القادم.
والأحد الماضي أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا عن سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وذلك بعد 12 يوما فقط على بدء عملياتها العسكرية التي أسمتها عملية "ردع العدوان"، حيث دخلت قواتها إلى العاصمة دمشق، وأعلنت عبر التلفزيون الرسمي سيطرتها، لتبدأ سوريا عهدا جديدا ومفتوحا على سيناريوهات عدة.
وكان قائد إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية، وزعيم تنظيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بأبومحمد الجولاني، وجه الخميس الماضي، رسالة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد فيها أن لا نية لدى الفصائل المسلحة السورية بتهديد أمن العراق، وفيما أشار إلى رغبته بمد جسور العلاقات السياسية والاقتصادية مع بغداد، دعا إلى منع الحشد الشعبي من المشاركة في الأحداث الجارية في بلاده.
وكان السيستاني، استقبل الحسان في الرابع من نوفمبر الماضي، وخلال ذلك اللقاء، وجه ملاحظات للمسؤولين العراقيين، تتمحور حول محاربة الفساد وسوء الإدارة في تسلم مواقع المسؤولية، وحصر السلاح بيد الدولة، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، مؤكداً أن أمام العراقيين طريقا طويلا لتحقيق ذلك.
وحمل كلام السيستاني، الداعي إلى اهتمام العراقيين بخدمة بلدهم، بالتزامن مع التعبير عن صدمته مما يجري في غزة ولبنان، إشارة واضحة تحث على تجنيب العراق مصير غزة ولبنان وتحييده عن الحرب.
وكان صمت صاحب فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش في 2014، حول الأحداث المتسارعة التي جرت في سوريا ووصول فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق حيث حرم "السيدة زينب"، شمال العاصمة السورية، قد أثار تساؤلات البعض ممن يرون أن وصول تلك الجماعات يمكن أن يترتب عليه من انعكاسات في ضوء الأفكار التي تحملها.
وقال الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم في تصريح لوكالة "بغداد اليوم" إن "عدم تدخل المرجعية الدينية في الأوضاع السورية وتطوراتها واضح جداً، فهي لا تريد التدخل بشأن داخلي، خاصة وأن ما يجري في سوريا هو بين السوريين أنفسهم رغم الاختلاف على تسمياتهم ووصفهم بالإرهاب أو أوصاف أخرى، لكن المرجعية تحترم تطلعات الشعوب ولا تريد التدخل، وهذا منهجها الواضح منذ سنين".
وأضاف أن "المراقد الدينية في سوريا لغاية الآن محمية وهناك تأكيدات على حمايتها وحتى رسائل دولية أكدت ذلك ووصلت الى أطراف دينية مختلفة"، لافتا الى أن "الكل يعلم أن أي مرقد ديني في سوريا قد يشعل حربا أهلية داخلية وهذا الأمر لا تريده أي من الأطراف السورية حاليا حتى المسلحة منها".
وأكد أن "الجميع سيعمل على حماية تلك المراقد لدفع خطر أي حرب أهلية قد تندلع في هذا التوقيت الحرج".