وزارة التربية في تونس تقرّ إجراءات جديدة لحماية المدرسين والمؤسسات

منع استخدام الهواتف الذكية وتقييد عمليات التصوير داخل المؤسسات التعليمية وتعزيز الرقابة فيها.
الخميس 2024/12/12
عدسات الهواتف الجوالة أصبحت وسيلة للتنمر والسخرية

تونس - قررت وزارة التربية تشديد الإجراءات وتعزيز موقفها ضد استخدام الهواتف الذكية داخل المؤسسات التربوية، وذلك بعدما تعالت أصوات عديدة تطالب بتطبيق أكثر صرامة للأنظمة القائمة.

ويقول مراقبون، إن إقرار الإجراءات الجديدة من قبل الوزارة، جاء بعد حادثة انتحار مدرّس حرقا في مدينة المهدية (شرق)، عقب تعرضه لحملة تنمر عبر الإنترنت من طرف تلاميذه، من خلال فيديو تم تصويره له ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويضيفون، أن الخطوة أيضا تأتي في إطار استجابة وزارة التربية لدعوات شعبية وتربوية متكررة لحظر الهواتف الذكية في المؤسسات التعليمية، وقررت تنفيذ مذكرة سنة 2019 بصرامة، والتي تقضي بمنع استخدام الهواتف الذكية داخل المؤسسات التربوية.

وكانت هذه المذكرة تُطبق فقط في حالات نادرة، مثل فترات الامتحانات، لكنها ستُنفذ الآن بشكل صارم.

نجاة الزموري: استخدام الهواتف الذكية داخل قاعات الدرس له عواقب وخيمة
نجاة الزموري: استخدام الهواتف الذكية داخل قاعات الدرس له عواقب وخيمة

ودعت وزارة التربية، في مذكرة أرسلتها إلى المندوبيات الجهوية الراجعة لها بالنظر، مديري المدارس والمعاهد، إلى إعلام التلاميذ بتحجير اصطحاب جهاز الهاتف الجوّال الذكي إلى المؤسسة التربوية لأي سبب من الأسباب، وإعلام الأولياء بذلك.

وأعلنت ريم معروفي، المكلفة بتسيير الإدارة العامة للمرحلة الإعدادية والثانوية بوزارة التربية، أن “التعليمات الوزارية المتعلقة بحظر الهواتف الذكية قد تم تحديثها.”

وأكدت في تصريح لإذاعة محلية، أن “المندوبيات الجهوية للتربية أصبحت مُلزمة بالتنسيق مع مديري المؤسسات التعليمية لضمان التطبيق الصارم لهذه التعليمات.”

وأوضحت معروفي أن “التعليمات الجديدة تهدف إلى تعزيز دور المربين وتنظيم الحياة المدرسية بشكل أفضل، مؤكدة أن الهواتف التقليدية فقط ستظل مسموحًا بها.”

وترتبط هذه المبادرة بتصريحات عمر نصر، الأمين العام لنقابة التعليم الثانوي بالمهدية، الذي انتقد في 3 ديسمبر الجاري ضعف فعالية الإجراءات القائمة.

وأشار إلى انتحار أستاذ للتربية الإسلامية بالشابة في 28 نوفمبر الماضي، حيث كان ضحية تنمر مرتبط باستخدام الهواتف الذكية.

وأشارت المسؤولة في الوزارة إلى أن الرقابة على أوقات دخول وخروج التلاميذ ستُعزز لمنع دخول المتطفلين إلى المؤسسات التعليمية.

وأمرت الوزارة كذلك، بمنع التصوير داخل الفضاء المدرسي منعا باتّا، إلاّ بإذن مسبق من مدير المدرسة.

مسؤولون في تونس يؤكدون أن مظاهر العنف المدرسي أصبحت سمة أساسية تطبع العلاقات بين التلاميذ والإطارات التربوية والإدارية

وفي الفترة الأخيرة، ازدادت التحذيرات في تونس، من الاستخدام المفرط لأجهزة الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من أشكال التواصل الرقمي بين الطلبة داخل المؤسسات التربوية، بعد تحوّلها إلى أداة تنمرّ ووسيلة عنف افتراضي، وتزايد ظاهرة التصوير أثناء الدراسة والتشهير بالمدّرسين.

ومثلّت حادثة الأستاذ الذي وضع حدا لحياته حرقا، بعد تعرّضه إلى حملة تنمر وإساءة من طرف تلامذته على مواقع التواصل الاجتماعي، الشرارة التي طالب من خلالها أهل القطاع، بضرورة منع استخدام الهواتف داخل المدارس.

وأفادت نجاة الزموري نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن “القرارات إيجابية وحقيقة طالبنا بإقرارها منذ سنوات، لأن مسألة الهواتف الذكية داخل قاعات الدرس لها عواقب وخيمة وتساهم في تشتيت تركيز التلميذ، كما يتم استغلالها في الغش.”

وقالت في تصريح لـ”العرب”، “علينا أن نسعى لإقرار إصلاح هيكلي وثمين للمنظومة التربوية، وهذه الإجراءات ثمينة لكن لا تكفي لحل مختلف مشاكل القطاع،” لافتة أنه “لو كان المدرّس محميا بتشريعات قوية فلن يتأثر بذلك، لكن لابد من ترشيد استخدام الهاتف الجوال مع الوقاية من سلبياته، فضلا عن تفعيل دور الأولياء الذين يتم تهميشهم في المنظومة التربوية.”

واستطردت نجاة الزموري قائلة، “وصلنا إلى حد ارتكاب جريمة، خصوصا وأنه تم دفع أستاذ للانتحار حرقا، وبالتالي لابدّ أن تجلس كل الأطراف المتداخلة في قطاع التعليم وتجد حلولا جذرية.”

وشهدت منطقة الشابة من محافظة المهدية في شرق تونس، حادثة مأساوية أثارت الرأي العام، واستوجبت تدخل النيابة العمومية، التي أعلنت أنها فتحت تحقيقاً في ملابسات وفاة أستاذ لمادة التربية إسلامية على خلفية قضية التنمر.

وكانت وسائل إعلام محلية قد تناقلت، خبر وفاة، فاضل الجلولي، أستاذ التربية الإسلامية الذي أضرم النار في جسده داخل منزله، بعد أن تم نقله إلى مستشفى الحروق البليغة في بن عروس (قرب تونس العاصمة).

ويؤكد مسؤولون في تونس أن مظاهر العنف المدرسي أصبحت سمة أساسية تطبع العلاقات بين التلاميذ والإطارات التربوية والإدارية.

4