تونس تسعى للتحول إلى مركز للتدريب العسكري في أفريقيا

إنشاء مركز امتياز للقوات الخاصة بعد تحديث أكبر مركز للتدريب العسكري.
الثلاثاء 2024/12/10
القوات المسلحة التونسية حظيت بمكانة بارزة خلال العام الجاري

تونس - تولي تونس اهتماما متزايدا بمجال التدريب العسكري سواء بإحداث مراكز تدريب جديدة أو تحديث المراكز الموجودة، في خطوة تهدف حسب مسؤولين إلى جعل البلاد وجهة إقليمية للتدريب في أفريقيا.

وقال وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي الاثنين إن “تونس تتطلع اليوم إلى أن تكون مرجعا إقليميا وجهويا للتكوين والتدريب بأفريقيا بإحداث مركز امتياز للقوات الخاصة.”

وتأتي الخطوة بعد تحديثات أجرتها وزارة الدفاع على مركز التدريب العسكري الرئيسي في تونس “بن غيلوف” الذي استضاف مناورات الأسد الأفريقي في أغسطس الماضي.

وأكد وزير الدفاع التونسي، خلال إشرافه بالعاصمة تونس على افتتاح ملتقى قادة القوات الخاصة “المحارب الصامت” لسنة 2024 في نسخته الثالثة عشرة، أن بلاده “نجحت في تركيز مركز الامتياز التونسي في مجال نزع الألغام والتعامل مع الأجسام المشبوهة ومركز الامتياز لتأهيل القوات الخاصة”، لافتا إلى أن “هذين المركزين أصبحا مرجعا إقليميا في مجال الدراسات والتكوين والتدريب في كل ما يتعلق بالألغام والأجسام المشبوهة وكذلك تأهيل التشكيلات في مجال الرمي العملياتي والمهام القتالية والتصدي للإرهاب.”

واعتبر الوزير أن “احتضان تونس لهذا الملتقى، الذي ينتظم لأول مرة في أفريقيا وشهد حضور ممثلين عسكريين ومدنيين من 40 دولة، يؤكد الوعي الكبير بأهمية التعاون وتبادل الخبرات والتجارب في مجال التدريب والتكوين بين هذه الدول بهدف بناء القدرات وتطوير الكفاءات وتأهيل القوات الخاصة في تونس.” وبيّن السهيلي أن “ملتقى ‘المقاتل الصامت’، الذي سيتواصل على مدى خمسة أيام، هو تدعيم لتفتح تونس على التعاون العسكري المشترك بصفة عامة وانفتاح القوات الخاصة التونسية على محيطها الإقليمي والقاري للرفع من جاهزيتها وقدرتها العملياتية.”

الشراكة الدفاعية بين واشنطن وتونس تطورت بشكل ملحوظ، خاصة من خلال تعاون ميداني في الحرب على الإرهاب

وأفاد الوزير بأن “التحديات الراهنة التي فرضتها الأوضاع والتحولات الجيوسياسية بالبحر المتوسط والشرق الأوسط وأفريقيا، التي تكون الدول حيالها عاجزة عن مجابهة تداعياتها بصفة منفردة، تجعل الدول دون استثناء مدعوة إلى العمل المشترك من أجل مواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية والتصدي للجريمة العابرة للحدود والاتجار بالسلاح وبالبشر وتجارة المخدرات والهجرة غير النظامية.”

وأضاف “أمام كل هذه التحديات فإن مسؤولية المحافظة على أمن البلاد واستقرارها تقتضي تدعيم القدرة العسكرية وبناء مقاربة تشاركية ركيزتها توفير تدريب حرفي بمعايير مرجعية تأخذ بعين الاعتبار اختلاف الحاجيات وتفاوت القدرات وتعتمد على التعاون القائم أساسا على الاحترام المتبادل”، موضحا أن “تونس تعول في دعم قدراتها العسكرية على إمكاناتها الذاتية وتستثمر الفرص التي يتيحها التعاون الدولي مع البلدان الشقيقة والصديقة، سواء على الصعيد الثنائي أو متعدد الأطراف، باعتبار أهميته في دعم التكوين والتدريب وتبادل الخبرات المتعلقة خاصة بالجانب العملياتي”، مبرزا أن “الوزارة جعلت من التعاون الدولي في المجال العسكري أحد المحاور الرئيسية في مشروع المخطط الإستراتيجي للمؤسسة العسكرية بالنسبة للعشرية القادمة.”

ويرى مراقبون أن الشراكة الدفاعية بين واشنطن وتونس ليست جديدة، وإن تطورت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، خاصة من خلال شراكة ميدانية في الحرب على الإرهاب الذي عرفته تونس بعد ثورة 2011.

وحظيت القوات المسلحة التونسية بمكانة بارزة خلال العام الجاري، إذ استضاف اتحاد القوات الجوية الأفريقية ندوة قادة القوات الجوية الأفريقية لعام 2024 في تونس العاصمة، وقد بدأت فعاليات تلك الندوة في أواخر فبراير الماضي.

التمارين بالذخيرة الحية بمختلف الأسلحة بيّنت فعالية التدريب المكثف في ظل درجات الحرارة الشديدة والظروف الصحراوية القاسية

وقام قادة القوات الجوية أثناء الندوة بجولة في بعض مرافق التدريب التونسية، كالقواعد الجوية في العوينة وصفاقس وقابس. وقاموا بجولة في ميدان الرماية والتدريب في بن غيلوف أثناء زيارة قابس.

وفي مايو الماضي، أطلقت القيادة العسكرية الأميركية لقارة أفريقيا أكبر تمرين عسكري مشترك تجريه، وهو تمرين “الأسد الأفريقي”، في تونس، وشارك فيه 8 آلاف فرد من أكثر من 27 دولة، وتضمن تدريبات في كل من غانا والمغرب والسنغال وتونس.

ومارس الجنود في منطقة تدريب بن غيلوف تمارين بالذخيرة الحية مثل التدريب على استخدام مدافع الهاون مع القوات الأميركية ومنظومة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، وهي الأولى من نوعها في تونس، وهي عبارة عن قاذفة صواريخ متعددة خفيفة مثبتة على شاحنة تحمل ستة صواريخ.

وبيّنت التمارين بالذخيرة الحية بمختلف الأسلحة فعالية التدريب المكثف في ظل درجات الحرارة الشديدة والظروف الصحراوية القاسية، مع التركيز على التعاون بين القوات المشتركة ومتعددة الجنسيات. وتخلل الفعالية الأخيرة لتمرين الأسد الأفريقي في تونس قيام قوات التحالف بتحديد مركبات “العدو” رباعية الدفع وسلاح دفاع جوي، فاشتبكوا مع التهديدات وقضوا عليها.

وتربط بين تونس والولايات المتحدة علاقات تعاون وثيقة في المجال العسكري، ومن أبرز اتفاقيات التعاون تلك الموقعة بين البلدين في الثلاثين من سبتمبر 2020 بمناسبة زيارة وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر إلى تونس، الذي وقّع مع وزير الدفاع الأسبق إبراهيم البرتاجي اتفاقا للتعاون العسكري لمدة عشر سنوات.

ووفقا للقيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا، استثمرت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار منذ عام 2011 في التعاون الأمني مع تونس، منها أكثر من 160 مليون دولار خلال عام 2023.

والتزمت تونس بالاضطلاع بدور أكبر في الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا والبحر المتوسط، وتشمل التهديدات الأمنية عدم الاستقرار السياسي في جارتها ليبيا والهجرة غير الشرعية والإرهاب.

4