تركيا تدفع بالفصائل السورية المسلحة إلى منبج لمنع توسع قسد

إسطنبول – يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إحباط خطط توسع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في المناطق التي انسحب منها الجيش السوري، وذلك عقب إعلان مقاتلين من المعارضة السورية في الجنوب الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد السيطرة على دمشق.
وفي مسعى لمنع قوات "قسد" من توسيع مناطق سيطرتها شن ما يسمى "الجيش الوطني"، وهو فصيل مدعوم من تركيا، الأحد هجوما على مدينة منبج في ريف حلب الشرقي.
وقال سيامند علي مدير مركز إعلام وحدات حماية الشعب خلال 13 يوماً من الأحداث الأخيرة في سوريا، شن مرتزقة الاحتلال التركي بدعم جوي من الاحتلال العشرات من الهجمات على منطقة منبج وأريافها، حيث تمّ إفشال جميعها من قبل قوّات مجلسي منبج والباب العسكريين، وصعّد المرتزقة من وتيرة هجماتهم خلال اليومين الماضيين على كافة جبهات منبج، حيث تدور اشتباكات عنيفة في الوقت الحالي في جبهات توخار حتى جبهات عون دادات وعرب حسن والعريمة بين مقاتلينا والمرتزقة.
وأضاف في منشور على منصة إكس "بعد ظهر اليوم، وبدعم جوي من الاحتلال التركي ومدرعاته التي قدمها للمرتزقة، تقدمت مجموعة للمرتزقة بالعربات المدرعة في مدخل المدينة الجنوبي، حيث وقعت في كمائن لقوّاتنا، وبهدف الضغط النفسي على الأهالي تحركت بعض خلايا المرتزقة في المدينة لإثارة الخوف وبث الفوضى، حيث تجري حالياً اشتباكات عنيفة في مدخل المدينة أيضاً".
وأكد أن "مجلس منبج العسكري الذي قدم الآلاف من التضحيات لحماية المنطقة من كافة التنظيمات الإرهابية، على ثقة تامة بقدرة مقاتليها على صدّ الهجوم جنباً إلى جنب مع شعب منبج الذين ساندوا مقاتلينا في كافة مراحل النضال داعش والتنظيمات المرتزقة".
وكان مصدر أمني تركي قد قال اليوم الأحد لرويترز إن القوات السورية المدعومة من أنقرة سيطرت على نحو 80 بالمئة من منطقة منبج بشمال سوريا وتقترب من تحقيق النصر على القوات الكردية هناك.
وقال المصدر في إشارة إلى المسلحين الأكراد الذي يسيطرون على منبج منذ فترة "القتال ضد وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني يقترب جدا من تحقيق النصر. وهناك تدخلات جوية وبرية تتواصل لانتزاع منبج من أيدي وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني".
وذكر المصدر في وقت لاحق أن مقاتلي المعارضة موجودون داخل مدينة منبج نفسها. ولم يرد تعليق بعد من المقاتلين الأكراد في المدينة، التي تبعد نحو 30 كيلومترا جنوبي الحدود التركية وإلى الغرب من نهر الفرات.
وفي وقت سابق، قال مقاتلون من المعارضة السورية إنهم بدأوا هجوما على منبج، وذلك وفقا لبيان نشرته جهة وصفت نفسها بأنها "وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة" على منصة إكس الأحد ولكنه بتاريخ السبت السابع من ديسمبر.
وكانت القوات السورية قد انسحبت السبت من مناطق سيطرتها بمدينتي الحسكة والقامشلي شمال شرق البلاد، تاركة مواقعها لصالح الأكراد، في خطوة أثارت انزعاج أردوغان وأربكت رهانه على أن تقدم المسلحين الإسلاميين يخدم أجندته ويجعله اللاعب الأول في الملف السوري.
وتزيد الخطوة السورية من قوة الأوراق التي بيده الأكراد وتحولهم إلى لاعب رئيسي في سوريا لا يمكن تهميشه أو عزله، ما يمثل تحديا لتركيا ويضعف سعيها لتسويق نفسها كلاعب مؤثر في سوريا.
وسيطر الأكراد على مدينة دير الزور في شرق سوريا والمعبر الحدودي الرئيسي مع العراق الجمعة، ليستولوا بذلك على المناطق الصحراوية الشاسعة في شرق سوريا في تحركين خاطفين.
وكشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد أنّ أنقرة على اتصال بفصائل المعارضة السورية للتأكد من عدم "استفادة" تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني من الوضع بعدما أعلنت هذه الفصائل دخولها دمشق وهروب الأسد.
وقال فيدان في منتدى الدوحة في قطر "يتعين علينا أن نكون يقظين خلال هذه الفترة الانتقالية. لدينا اتصالات مع الفصائل للتأكد من أن المنظمات الإرهابية، وخصوصا داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) وحزب العمال الكردستاني، لا تستفيد من الوضع".
وتقع بلدة منبج غرب نهر الفرات وتتبع مدينة حلب السورية. وتسيطر عناصر وحدات حماية الشعب الكردية على المدينة منذ عام 2016.
وتعد وحدات حماية الشعب الكردية عنصرا رئيسيا في القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة ضمن التحالف المناهض لمسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
وتقول أنقرة إن وحدات حماية الشعب هي جماعة إرهابية مرتبطة ارتباطا وثيقا بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يقاتون الدولة التركية منذ 40 عاما، وإنه يهدد أمنها على الحدود الجنوبية الشرقية.
ويأتي الهجوم على القوات الكردية، رغم إشادة مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، اليوم الأحد بسقوط نظام الأسد، وقوله بأن "هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين".
وأعلنت جماعة من المعارضة السورية المسلحة الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد السيطرة على دمشق الأحد، منهية حكم أسرته للبلاد بقبضة من حديد الذي دام نحو 50 عاما بعد حرب أهلية استمرت ما يربو على 13 عاما في لحظة مزلزلة للشرق الأوسط.
ومع تواصل ردود الفعل الدولية على سقوط نظام الأسد، تبدو واشنطن مهتمة أكثر بترسيخ وجودها في البلاد، وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأحد، على بقاء القوات الأميركية في شرق سوريا.
وقال دانييل شابيرو نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط في مؤتمر حوار المنامة الأمني في العاصمة البحرينية، أن الولايات المتحدة ستظل موجودة في شرق سوريا وستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع عودة ظهور تنظيم داعش.
وأضاف شابيرو "ندرك أن الأوضاع الفوضوية والمتسارعة على الأرض في سوريا قد تمنح "داعش" مساحة لإيجاد القدرة على النشاط والتخطيط لعمليات خارجية، لكننا سنتصدى لها.
وفي تصريحات بعد ساعات من إعلان الفصائل المسلحة السورية إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، دعا شابيرو جميع الأطراف إلى حماية المدنيين وخاصة الأقليات والالتزام بالمعايير الدولية.
وقبل ذلك، أعلن البيت الأبيض أن أولويات الولايات المتحدة في سوريا حاليا تتمثل في ضمان ألّا يشجع النزاع الحالي على عودة ظهور تنظيم داعش أو يؤدي إلى "كارثة إنسانية".
وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان إن تمدّد النزاع "يشكل مصدر قلق"، متحدثا عن قلق حيال تنظيم داعش خصوصا. وأضاف في مؤتمر أداره منتدى ريغن للدفاع الوطني في سيمي فالي بولاية كاليفورنيا، "شهدنا خلال أسوأ مراحل" الحرب الأهلية السورية الطويلة "ظهور تنظيم داعش على الساحة".
وشدد ساليفان على أن الأولوية الرئيسية تتمثل في ضمان "ألّا يؤدي القتال في سوريا إلى عودة ظهور تنظيم داعش"، مضيفا "سنتخذ خطوات بأنفسنا، مباشرةً وبالعمل مع قوات سوريا الديمقراطية.. من أجل ضمان عدم حدوث ذلك".