تحلية مياه البحر خيار السلطة في تونس لتجنب العطش

تونس - تتجه السلطة التونسية إلى تحلية مياه البحر كخيار أمثل لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب وتجنّب خطر العطش، في ظل أزمة نقص مياه الشرب في الفترة الأخيرة، وتراجع مخزون السدود إلى مستويات عير مسبوقة.
وقال مدير عام الهندسة الريفية واستغلال المياه بوزارة الزراعة والموارد المائية والصيد البحري عبدالحميد منجة إنّ “الوزارة أعدّت إستراتيجية المياه في أفق 2050 وذلك بعد الأخذ بعين الاعتبار التغيّرات المناخية.”
وأكد في تصريح لإذاعة محلية أن “الوزارة تتجّه نحو تحلية مياه البحر لتأمين التزوّد بالماء الصالح للشرب نظرا لندرة التساقطات المطرية،” داعيا في هذا الصدد إلى “ضرورة التحكم في الطلب على المياه بتحقيق معادلة بين الطلب والوفرة حتى لا تكون الكلفة مرتفعة على المجموعة الوطنية.”
واعتبر أنّ “إعادة استخدام المياه المستعملة والمعالجة والرفع من درجة التصفية ستحقّق الأمن الغذائي بالخصوص لزراعة الأعلاف والحبوب والأشجار المثمرة،” لافتا إلى أنّ “كميات المياه المستعملة المعالجة تبلغ 300 مليون متر مكعب لليوم لكن لا يتم استغلال سوى حوالي 20 في المئة فقط منها وأن الوزارة تتطلّع إلى بلوغ نسبة 80 في المئة في أفق 2050 وأن تستخدم هذه المياه في مختلف القطاعات.”
وأشار منجة إلى “وجود سعي نحو حثّ مختلف الصناعيين على رسكلة المياه بنفس الوحدة الصناعيّة ما يمكّنهم من اقتصاد نحو 80 في المئة من استهلاك المياه،” مضيفا أنّ “الوزارة ضبطت خطّة من المنتظر أن تنطلق في الخماسية 2026 – 2030 تتمثّل في انتفاع 11500 هكتار من تحويل المياه المستعملة والمعالجة جنوب مليان ومحطة العطار ومنطقة الزريبة بزغوان وكذلك انتفاع 17 ألف هكتار بتونس الكبرى الشمالية من محطات الشرقية وشطرانة 1 و 2 والحسيان.”
واعتبر أن “التغيرات المناخية وندرة التساقطات المطرية انعكست على إيرادات السدود التي لم تتعدّ 32.5 في المئة ما يعادل 111 مليون متر مكعب إلى غاية اليوم مقارنة بالمعدل العام المتعارف عليه والذي يصل إلى 330 مليون متر مكعب.”
ولجأت إلى بناء محطات تحلية خصوصا في مناطق الجنوب، وأهمها محطة الزارات من محافظة قابس التي دشّنها الرئيس قيس سعيد مؤخرا.
وفي يوليو الماضي أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد دخول محطة تحلية مياه البحر بالزارات في ولاية قابس بالجنوب الشرقي مرحلة الاستغلال الرسمي، في خطوة يرى مراقبون أنها تترجم مدى جدية السلطة في إيلاء أزمة مياه الشرب الاهتمام اللازم.
وتندرج محطة تحلية مياه البحر بالزارات ضمن البرنامج الإستراتيجي للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، الرامي إلى تعزيز الموارد المائية بالجنوب الشرقي وتأمينها إلى أفق 2035.
وقال الخبير في الموارد المائية والتغيرات المناخية عادل الهنتاتي إن “تحلية مياه البحر عنصر من عناصر الإستراتيجية التونسية للتصرف في نقص المياه وندرة الأمطار لأكثر من 6 سنوات.”
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “تونس اختارت تحلية مياه البحر لتوفير الماء للمدن المكتظة، حيث أن 63 في المئة من التونسيين يتحصلون على الماء الصالح للشرب من المائدة المائية السطحية.”
وأضاف عادل الهنتاتي ” على الرغم من أن كلفة المياه المحلاّة مرتفعة نسبيا، إلا أنها تخفض من نسبة الضغط على المائدة المائية، خصوصا وأن الريّ يستأثر بنسبة 70 في المئة من المياه في تونس.”
تراجع مخزون المياه في السدود التونسية استمر إلى أقل من 20 في المئة، ما يعكس تفاقم أزمة شح المياه في تونس
ولمواجهة الطلب المتزايد على الماء واستمرار حالة الجفاف، تسعى تونس إلى تعزيز البنى التحتية للمياه من ذلك تشييد السدود وإنشاء محطات تحلية.
واستمر تراجع مخزون المياه في السدود التونسية إلى أقل من 20 في المئة، وفق بيانات مرصد الزراعة التابع للوزارة، ما يعكس تفاقم أزمة شح المياه في تونس.
وبلغ مخزون المياه نسبة 19.6 في المئة من إجمالي طاقة استيعاب السدود.ويتواجد الجزء الأكبر من المياه في سدود المناطق الشمالية.
ووفق بيانات المرصد، تراجعت إمدادات المياه هذا العام بأكثر من الثلث مقارنة بالمتوسط، ويقدر العجز المسجل بنحو 68 في المئة.
وعانت تونس من جفاف لخمس سنوات متتالية وانحباس الأمطار لفترات طويلة، وهي من بين الدول الأكثر تهديدا بشح المياه في منطقة الحوض المتوسط. وأدى ذلك إلى تقلص في محاصيل الحبوب والخضروات وارتفاع الأسعار.
وتُصنّف تونس ضمن البلدان الفقيرة مائيا نتيجة الجفاف وزيادة الاستهلاك والتغيرات المناخية، ما يجعل من الكميات المجمعة في السدود الضمانة المتوفرة لتدارك العطش.
كما تحتل المرتبة الـ30 عالميا من حيث ندرة المياه، حيث تبلغ حصة الفرد 420 مترا مكعبا سنويا.