هل سحبت إيران قادتها العسكريين ودبلوماسييها من سوريا

طهران - أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي، أن سفارة بلاده في دمشق تواصل القيام بأنشطتها المعتادة، وذلك ردا على تقارير صحافية تحدثت عن بدء الجمهورية الإسلامية إجلاء عسكرييها وموظفي بعثتها الدبلوماسية وعائلاتهم، فضلا عن المدنيين الإيرانيين من سوريا، وأن عملية الإجلاء تتم جزئيا عبر رحلات جوية إلى طهران، وكذلك على الطرق البرية إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية السوري.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية اليوم السبت عن بقائي قوله حول الادعاءات المتعلقة بإخلاء سفارة إيران في دمشق: "هذه الادعاءات غير صحيحة، وسفارة إيران ما زالت فعالة وتواصل القيام بأنشطتها المعتادة".
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قد أفادت نقلا عن مسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين عن شروع طهران في إجلاء عسكرييها وموظفي بعثتها الدبلوماسية وعائلاتهم، على وقع التقدم الذي أحرزته الفصائل المسلحة في المدن الرئيسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الإجراء يكشف عجز طهران عن مساعدة الرئيس السوري، بشار الأسد، بينما يواجه هجوما من الفصائل المسلحة المعارضة.
وأشارت الصحيفة الأميركية، نقلاً عن هؤلاء المسؤولين، إلى أنّ من بين مَنْ أُجلُوا إلى العراق ولبنان المجاورين، قادة كبار في "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.
وأضافت أنه كذلك أُجلِي عناصر ضمن الحرس الثوري وبعض الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين برفقة عائلاتهم، ومواطنون إيرانيون كذلك، وفق تأكيدات المسؤولين الإيرانيين، الذين قالت الصحيفة إنّ اثنين منهم من الحرس الثوري.
وأشار هؤلاء المسؤولون، الذين تحدثوا للصحيفة شرط عدم كشف أسمائهم، إلى أنّ الإيرانيين شرعوا في مغادرة سوريا، صبيحة الجمعة.
وأوضحت "نيويورك تايمز"، وفق المصادر ذاتها، أنّ أوامر الإخلاء صدرت في السفارة الإيرانية بدمشق، وقواعد الحرس الثوري الإيراني، مضيفة أنّ عدداً من موظفي السفارة غادروا فعلا.
وذكر هؤلاء المسؤولون أنّ جزء من عمليات الإخلاء جرى عبر طائرات متوجهة إلى طهران، فيما اختار آخرون التوجه برا إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية على الساحل السوري.
وخلال محادثة هاتفية مع الصحيفة، قال المحلل والخبير الإيراني، مهدي رحمتي، إنّ "إيران شرعت في إخلاء قواتها ومستشاريها العسكريين لأنه لم يعد في وسعها المشاركة في المعارك بصفة جهة استشارية وقوة دعم إذا كان الجيش السوري في حدّ نفسه لا يريد القتال".
وأضاف "في نهاية المطاف، إيران أدركت أنها لا تستطيع إدارة الوضع في سوريا في الوقت الحالي بأي عملية عسكرية، وهذا الخيار غير مطروح على الطاولة".
إلى ذلك، نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين قولهما إنّ جنرالين في "فيلق القدس" كانا يقدّمان المشورة لجيش النظام السوري، فرّا إلى العراق بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على مناطق في حمص ومدينة دير الزور، الجمعة.
واعتبرت الصحيفة أنّ أوامر الإخلاء تمثل تحوّلا دراماتيكيا بالنسبة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي حظي بدعم إيران منذ بدء الثورة السورية قبل 13 عاماً، وبالنسبة إلى طهران التي استخدمت الأراضي السورية ممرا لإمداد مقاتلي حزب الله بالأسلحة في لبنان.
وتأتي هذه التطورات بينما سافر وزير خارجية الإيراني عباس عراقجي إلى دمشق قبل أيام للقاء بشار الأسد ووعد بتقديم الدعم الكامل لحكومة الأسد. لكنه غير موقفه الجمعة وقال في مقابلة تلفزيونية من بغداد "نحن لسنا أنبياء، كل ما يريده الله سيحدث، لكن المقاومة ستقوم بواجبها".
وأرسلت إيران، على غرار روسيا، الحليف الرئيسي الآخر لنظام الأسد، منذ فترة طويلة مستشارين وقادة إلى القواعد والخطوط الأمامية في سوريا. كما دعمت طهران مختلف الجماعات المسلحة في البلاد.
ونشرت إيران عشرات الآلاف من المقاتلين، بمن فيهم الإيرانيون والأفغان والشيعة الباكستانيون، لحماية حكومة الأسد واستعادة الأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية في ذروة الحرب الأهلية.
وظلت بعض القوات الإيرانية، مثل لواء فاطميون الأفغاني، في سوريا في قواعد عسكرية تسيطر عليها إيران.
وفي السادس ديسمبر، تم نشر هذا اللواء أيضًا في دمشق واللاذقية، اللتين تعتبران معقلين لقوات الأسد، وفقًا لمسؤولين إيرانيين تحدثوا إلى الصحيفة الأميركية.
وفي خضم هجوم كبير للمتمردين في سوريا، والذي شهد سيطرتهم على المدن الكبرى مثل حلب وحماة ودرعا في غضون أسبوع، فضلا عن أراض في أربع محافظات، ومع تقدم المتمردين نحو دمشق، فر اثنان من كبار جنرالات فيلق القدس الإيراني إلى العراق.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الجنرالات تم نشرهم في السابق لتقديم المشورة للجيش السوري وتم إجلاؤهم بعد سيطرة المعارضة على درعا ودير الزور الجمعة.
وكتب عضو البرلمان الإيراني أحمد نادري على وسائل التواصل الاجتماعي في 6 ديسمبر: "سوريا على وشك الانهيار، ونحن نراقب بهدوء".
وأضاف إذا سقطت دمشق فإن إيران ستفقد أيضاً نفوذها في العراق ولبنان.
وفي الثاني من ديسمبر، ذكرت استخبارات الدفاع الأوكرانية أن القوات الروسية انسحبت من مدينة حماة السورية وفرت من دمشق.
وبالإضافة إلى ذلك، في 6 ديسمبر، أعلن زعيم جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية، أبومحمد الجولاني، أن الهدف الرئيسي للمتمردين يظل الإطاحة بنظام بشار الأسد، فضلاً عن "بناء سوريا جديدة".