خطاب رئيس جنوب أفريقيا أمام برلمان الجزائر: تقليد ركيك لكلمة ماكرون بالرباط

الجزائر لم تأت بجديد وموقف بريتوريا المنحاز إلى بوليساريو هو نفسه، لذا لا يمكن اعتبار كلمة رامافوسا اختراقا دبلوماسيا.
السبت 2024/12/07
زيارة وخطاب أمام البرلمان.. مجرد استنساخ

الجزائر - عقدت الجزائر جلسة للبرلمان في دورة غير عادية من أجل تمكين الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا من إلقاء خطاب، في تقليد ركيك للكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام البرلمان المغربي في أكتوبر، وأظهر من خلالها متانة العلاقات المغربية – الفرنسية بعد إعلان ماكرون أن مخطط المغرب بخصوص الحكم الذاتي هو الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء.

وتهدف الجزائر، من وراء زيارة رئيس جنوب أفريقيا، إلى تعويض أزماتها الإقليمية وإثبات أنها تمتلك القدرة على الرد على زيارة ماكرون والشراكة الاقتصادية بين باريس والرباط بشراكة فضفاضة مع بريتوريا وبمواقف داعمة لبوليساريو من رامافوسا، مع أن الجزائر لم تأت بجديد لأن موقف جنوب أفريقيا المنحاز إلى بوليساريو الانفصالية هو نفسه منذ عقود، ولا تعتبر شهادته أمام البرلمان اختراقا دبلوماسيا، بل على العكس هو يظهر أن الجزائر تدور في حلقة مفرغة.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن الزيارة تأتي في سياق مضطرب تغلب عليه التوترات والأزمات المفتوحة مع عدة عواصم وحكومات في المنطقة، على خلفية ما تسميه بـ”مواقفها الثابتة”، الأمر الذي أوقعها في عزلة غير معلنة، لذلك بات من الضروري تفعيل العلاقات التقليدية والبحث عن نوافذ جديدة، خاصة التي تربطها بها قواسم مشتركة في المواقف السياسية.

وليس معروفا ما قدمه الرئيس الجنوب أفريقي في زيارته إلى الجزائر حتى يحظى بالحفاوة الكبيرة من السلطات الجزائرية وتصوير الزيارة على أنها مكسب كبير أو مدعاة لإظهار أن الجزائر غير معزولة إقليميا وقاريا ودوليا. ووجد رامافوسا في زيارته إلى الجزائر فرصة لترويج خطاب دعائي لنفسه ولبلاده على خلفية موقفها من إسرائيل.

◙ الجزائر تهدف من وراء زيارة رئيس جنوب أفريقيا إلى تعويض أزماتها الإقليمية وإثبات أنها تمتلك القدرة على الرد على زيارة ماكرون

وتتحرك الجزائر في مربع قديم لم تعد له جدوى سياسية واقتصادية، وهي تريد إظهار أنها قادرة على بناء تحالفات. لكن في العام الماضي فشلت دولة جنوب أفريقيا في مساعدة الجزائر على دخول مجموعة بريكس، وسبّب ذلك صدمة للجزائريين خاصة بعد أن ظهر أن حليفيهما التقليديين، روسيا والصين، لم يقيما وزنا لطلب الجزائر الانضمام إلى المجموعة، في اعتراف غير معلن بأنها دولة غير ذات وزن.

وأكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الجنوب أفريقي، وجود “تطابق في وجهات النظر بين بلاده وجنوب أفريقيا، وتوافقهما على تفضيل الحلول السياسية بعيدا عن التدخلات الخارجية،” ويقصد بذلك بؤر التوتر الإقليمية والقارية، على غرار منطقة الساحل وليبيا.

وذكر أن “هذه الزيارة تعبر عن خصوصية العلاقات التاريخية القائمة على التعاون الوثيق وتؤكد الطابع الإستراتيجي للعلاقات بين الجزائر وجنوب أفريقيا. تبادلنا وجهات النظر والتطورات في منطقة الساحل وليبيا وأفريقيا الوسطى. كما تناولت المحادثات مسألة الصحراء”، حيث “أكدنا على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.”

وأصدرت الجزائر وجنوب أفريقيا إعلانا مشتركا لإقامة شراكة إستراتيجية مع دولة جنوب أفريقيا، تكون هي الأولى من نوعها للجزائر داخل القارة الأفريقية، بعدما تركزت في وقت سابق على اتفاقيات مماثلة مع شركاء خارج حدود القارة.

وتوجت الزيارة، التي وصفت في الإعلام المحلي بـ”لقاء عملاقي القارة”، بتوقيع مذكرات تفاهم شملت الأبحاث في القطاع الزراعي والابتكار، والتعاون الاقتصادي بين البلدين، والتعاون في المجال القانوني والقضائي، وأيضا في المجال الفضائي.

◙ الجزائر تتحرك في مربع قديم لم تعد له جدوى سياسية واقتصادية وهي تريد إظهار أنها قادرة على بناء تحالفات

وذكر بيان للرئاسة الجزائرية أن “زيارة رامافوسا تندرج ضمن الديناميكية الجديدة والقفزة النوعية التي تعرفها العلاقة المتينة بين البلدين وتطلعاتهما المشتركة لتكامل اقتصادي شامل وعملهما من أجل تحقيق السلم والأمن والازدهار في أفريقيا والعالم.”

ولفت البيان إلى أن المحادثات مع رامافوسا سمحت بتقييم شامل لما وصل إليه البلدان في علاقاتهما الثنائية، وسبل دفعها بما يعكس الإرادة السياسية المشتركة ومكانة البلدين أفريقيّا وعالميّا، وأن منتدى رجال الأعمال في البلدين انعقد من أجل مد جسور التعاون الاقتصادي بين المتعاملين الاقتصاديين، والذي سيتم دفعه أكثر من خلال التوقيع على اتفاق تعاون إستراتيجي وخمس مذكرات تفاهم.

وأكد اتفاق الجزائر وجنوب أفريقيا على تكثيف الجهود داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتعزيز دور القارة “والعمل على تحقيق المطلب الأفريقي لإصلاح منظومة مجلس الأمن من خلال تصحيح الظلم التاريخي تجاه أفريقيا،” وذكّر بطلب أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن الدولي لكونها القارة الوحيدة غير الممثلة بمقعد دائم داخل المجلس.

وقال رامافوسا إنه أطلع الرئيس الجزائري على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأن بلاده سجلت عدم احترام للقانون الدولي و”أودعنا شكوى ضد الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الحرب التي يرتكبها في غزة وتلقينا دعما كبيرا من عدة دول.”

وتابع” نطالب باحترام القانون الدولي في فلسطين ونحن متضامنون مع كل الشعوب المظلومة، وتعبر بلادي عن تقديرها للدعم الذي تلقيناه من مختلف دول العالم، وخاصة من حكومة وشعب الجزائر في ما يتعلق بمبادرة محاسبة الاحتلال الإسرائيلي.”

 

1