مشاكل صحية تواجه أطفال المرحلة الابتدائية في تونس

تتبنى الجهات المعنية بالطفولة في تونس نهجا وقائيا لتحسين التغذية لدى الأطفال، من خلال التدخل المبكر في المدارس وذلك عبر توزيع مكملات غذائية مثل الحديد وفيتامين “أ” وفيتامين “د”. كما سيتم التركيز على تعزيز التثقيف الغذائي عبر إطلاق برامج توعوية موجهة للأطفال وأولياء أمورهم حول أهمية التنوع الغذائي. ويواجه أطفال المرحلة الابتدائية في تونس تحديات غذائية أهمها البدانة ونقص الحديد.
تونس - تمثل السمنة وفقر الدم مشكلة كبيرة للصحة العمومية في تونس، بالنسبة للأطفال والمراهقين والبالغين على حد السواء، إذ تعاني 30 في المئة من النساء الحوامل من فقر الدم مع خطر عدم توفير المغذيات الدقيقة أثناء الحمل وللرضع خلال الأشهر الأولى من الحياة.
كما يشهد الوزن الزائد والسمنة لدى الأطفال انتشارا سريعا ليصبحا من أكبر المشاغل الصحية حيث ارتفعت نسبة السمنة لدى الأطفال دون سن 5 سنوات من 14 في المئة في عام 2012 إلى 17 في المئة في عام 2018 بما في ذلك 7 في المئة من الحالات الشديدة. بالإضافة إلى أن 44 في المئة من الأطفال من نفس الفئة العمرية معرضون لخطر زيادة الوزن أو السمنة.
كشفت دراسة استقصائية وطنية حول التغذية لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة، عن تحديات غذائية تواجه أطفال المرحلة الابتدائية في تونس، تعمل الدولة على تجاوزها من خلال اعتماد سياسة صحية شاملة للوقاية وتحسين التغذية.
وبينت الدراسة، التي تم عرض نتائجها خلال ورشة عمل نظمها المعهد الوطني زهير قلال للتغذية والتكنولوجيا الغذائية مؤخرا، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، زيادة الوزن والبدانة التي تُعدّ أكثر شيوعا بين الفتيات وسكان المدن، ونقص الحديد الذي يؤثر على ربع الأطفال، مع معدلات أعلى في المناطق الريفية.
وتوصلت الدراسة إلى معاناة نصف الأطفال المعنيين من نقص فيتامين “د” حيث يظهر بشكل أكبر بين الفتيات، ومن فقر الدم الذي يصيب طفلين من بين كل عشرة أطفال، ومن نقص في فيتامين “أ”، بنسبة 6.7 في المئة، دون فروق كبيرة بين المناطق.
وأضاف بلاغ لوزارة الصحة التونسية على صفحتها على فيسبوك أن في ضوء نتائج هذه الدراسة انطلقت الجهات المعنية في تبني نهج وقائي متكامل لتحسين التغذية لدى الأطفال، من خلال التدخل المبكر في المدارس وذلك عبر توزيع مكملات غذائية مثل الحديد وفيتامين “أ” وفيتامين “د” مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة، إلى جانب تطوير المطاعم المدرسية لضمان تقديم وجبات متوازنة غنية بالمغذيات الدقيقة ورفع جودة الدقيق المستخدم في إنتاج الخبز المدعوم لتعزيز محتواه من العناصر الغذائية الأساسية.
كما سيتم التركيز على تعزيز التثقيف الغذائي عبر إطلاق برامج توعوية موجهة للأطفال وأولياء أمورهم حول أهمية التنوع الغذائي، فضلا عن تدريب المعلمين والعاملين في المدارس على الكشف المبكر عن حالات سوء التغذية لدى الأطفال، إلى جانب الوقاية من الأمراض المرتبطة بالتغذية عبر تحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في المدارس وتوفير بيئة صحية آمنة تسهم في تعزيز امتصاص المغذيات والوقاية من الأمراض.
وفي إطار تشجيع الاستدامة المحلية سيتم العمل على إنشاء حدائق مدرسية لزراعة الخضراوات والفواكه محليا، مما يضمن إمدادات غذائية مستدامة وصحية. كما أشار بلاغ الوزارة إلى أن هذه المبادرات تعكس التزام الدولة بدمج الوقاية الصحية ضمن سياساتها الوطنية لضمان مستقبل أكثر إشراقا وصحة لأطفال تونس، وتسعى تونس لتحقيق العدالة الغذائية وتأسيس جيل يتمتع بصحة أفضل، مستعد لتحمل مسؤوليات المستقبل.
وكان المسح العنقودي متعدد المؤشرات لأوضاع الأم والطفل لسنة 2023، قد كشف أن 49 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و5 سنوات في تونس لا يتمتعون بالحد الأدنى من النظام الغذائي الذي يحتاجونه. ويشكل الوضع الاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي تحديات كبيرة لتغذية الأطفال إذ تواجه البلاد عبئا مزدوجا من سوء التغذية يتم بالتعايش بين نقص المغذيات الدقيقة والوزن الزائد.
وبينت ورقة إعلامية لوزارة الصحة حول الإستراتجية الوطنية للتغذية السليمة للطفل أعدتها إدارة الرعاية الصحية الأساسية أن “قلة التنوع الغذائي لدى الأطفال تتفاوت حسب مستوى الوضع المادي للأسر، حيث تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من قلة التنوع الغذائي عند الأسر الفقيرة 62 في المئة مقابل 34 في المئة للأسر الغنية”.
وأوضحت أن مصالحها شرعت بداية من شهر فبراير الفارط في تنفيذ حملة وطنية للاتصال حول التغذية السليمة للطفل وذلك في إطار المخطط الإستراتيجي للوزارة 2023 ـ 2030 لتحسين مؤشرات التغذية الصحية للطفل وترشيد السلوك السليم للأسر والأولياء والأطفال، وذلك بدعم من المنظمة الأممية للطفولة “يونيسف”.
وتوجد مشاغل صحية وسلوكيات غير سليمة في مجال تغذية الأطفال تستدعي الوقوف عليها وتدارس حلول بديلة من أجل بلوغ الأهداف المنشودة وضمان تغذية سليمة للأطفال، حيث تعتبر التغذية المتكاملة، وفق وزارة الصحة، شرطا أساسيا للنمو
الجسدي والعقلي والنفسي والحركي للطفل وتؤهله للمشاركة في الحياة الاجتماعية بإيجابية ومواجهة الأزمات بأكثر مرونة وفعالية. واعتبرت الوزارة أن البيئة غير الملائمة أحد أهم أسباب سوء التغذية عند الأطفال نظرا لغياب إستراتيجية لغذاء الأطفال وعدم توافق إجازة الأمومة مع توصيات منظمة العمل الدولية، إضافة إلى عدم تطبيق قانون بدائل حليب الأم. وبينت أن 34 في المئة من الأطفال يتم وضعهم على الثدي خلال الساعة الأولى بعد الولادة في حين تواصل 18 في المئة من النساء الرضاعة الطبيعية إلى غاية سن 6 أشهر.
◙ المعلمون سيتم تدريبهم على الكشف المبكر عن حالات سوء التغذية والوقاية من الأمراض المرتبطة بالتغذية
وكانت إدارة الرعاية الصحية الأساسية قد أكدت أن الحملة الوطنية للاتصال حول التغذية السليمة للطفل انتظمت على امتداد شهر فبرابر وتندرج ضمن المخطط الإستراتيجي لوزارة الصحة 2023 – 2030 بدعم من منظمة الطفولة “يونيسف” لتحسين مؤشرات التغذية الصحية للطفل وترشيد السلوك السليم للأسر والأولياء والأطفال.
وتعتمد تغذية الأطفال في المدارس التونسية على اللمجة التي يحملونها معهم إلى الفصل، وتحرص الأمهات عادة على أن تكون متنوعة. ويؤكد خبراء التغذية على ضرورة أن تكون لمجة الأطفال صحية، وهو ما تأخذه الأمهات بعين الاعتبار فينوعن من اللمجة ويحرصن على أن تكون صحية قدر المستطاع وعلى أن يشارك الأطفال في إعدادها حتى لا يرفضوها. وتبذل الأسر التونسية قصارى جهدها من أجل توفير اللمجة لأبنائها، وأمام غلاء أسعار اللمج الجاهزة تكتفي العديد من الأسر باللمج المنزلية والتي تكون في الغالب صحية.
وينصح الخبراء الأمهات بإضافة بعض العناصر المحببة لأطفالهم، كبديل للأطعمة والحلويات غير الصحية، كقطع الكيك المعدة في المنزل، وتحضير الساندويتشات المدرسية في المنزل باستعمال الخبز المصنع من الحبوب الكاملة، مع الجبن بأنواعه ونكهاته المختلفة، ومن الممكن أيضا استعمال بعض الخيارات الأخرى، كالمربى المعد في المنزل أو الزبدة.
وقال فتح الله وليد، الخبير في الجودة والنوعية، إن وجبة المدرسة ليست من الضروري أن تكون مجرد ساندويتش بارد، فالأطعمة الساخنة تصلح في الأيام الباردة، ونصح الأمهات بتجهيز بعض الحساء أو الخضار المطهوة ووضعها في وعاء حافظ للحرارة ليتمكن الطالب من اصطحابه إلى المدرسة.
ويرى الخبير أن الطلبة يقضون أكثر من ثلث يومهم في المدرسة أو الروضة، ولذلك يجب أن يحصلوا على الدعم الغذائي الصحي عن طريق توفير لمجة تساعد في ذلك، مشددا على ضرورة قيام الوالدين بدورهم في هذا الشأن من خلال توفير وإعداد لمجة صحية في المنزل، لتدعم الاحتياجات اليومية للمتعلمين.
وبحسب وليد، فإن تناول اللمجة يكون في الفترة الصباحية بين وجبة الفطور والغداء، ناصحا الأمهات بأن تكون وجبة “بسيطة وسهلة التناول”، تضم واحدا أو أكثر من المكونات التالية: الفواكه الطازجة، بعض أنواع المكسرات، العصير الطبيعي والمخبوزات، منتجات الألبان مثل الزبادي والحليب والجبن، الخضراوات النيئة والمطبوخة، أرز، معكرونة، التين المجفف أو التمر، كما ينصح بإضافة بعض مصادر البروتين كالبيض.