تثبيت أوبك+ سياسة الإنتاج يثير مخاوف اختلال توازن أسواق النفط في 2025

فائض المعروض اليومي سيقل إلى 800 ألف برميل من 1.3 مليون العام الحالي.
السبت 2024/12/07
واصلوا الحفر فلن يتوقف الطلب

يجمع محللو صناعة النفط على أن خطوة تأجيل تخفيف قيود الإنتاج، التي اتخذها تحالف أوبك+ ستؤدي إلى شح المعروض العالمي العام المقبل أقل مما هو عليه في 2024، ما قد يتسبب في اختلال توازن الأسواق، رغم إمكانية تواصل استقرار الأسعار إذا لم تحدث منغصات مفاجئة.

فيينا - أثارت خطوة مجموعة أوبك+ بتمديد خطط قيود الإنتاج الطوعي لثلاثة أشهر إضافية علامات الاستفهام بين مراقبي الصناعة كونها ستحد أكثر من المعروض العالمي، الأمر الذي سيبقي الأسعار مرتفعة عند حدودها الحالية لفترة أطول.

وأرجأ التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا الخميس البدء في زيادة إنتاج النفط لمدة ثلاثة أشهر حتى أبريل المقبل، ومدد التخفيضات لمدة عام حتى نهاية عام 2026 بسبب ضعف الطلب وزيادة الإنتاج من خارج المجموعة.

وكانت المجموعة، التي تضخ نحو نصف الإنتاج العالمي تخطط للشروع في تقليص تخفيضات الإنتاج منذ أكتوبر 2024، إلا أن تباطؤ الطلب العالمي خاصة في الصين وارتفاع الإنتاج من خارجها، فضلا عن عوامل أخرى دفعتها إلى إرجاء تلك الخطط أكثر من مرة.

وارن باترسون: التوقعات بفائض أصغر تعني أن تأثر أسعار برنت محدود
وارن باترسون: التوقعات بفائض أصغر تعني أن تأثر أسعار برنت محدود

والتزمت أوبك+ في شهر سبتمبر الماضي بتأجيل زيادة تدريجية مقررة في إنتاج النفط إلى ديسمبر من أكتوبر، مؤكدة حينها أنها قد تؤجلها مجددا أو تتراجع عنها إذا لزم الأمر.

ومع أن الكثرين يعتقدون أن تأجيل استئناف الإمدادات مضر باستقرار الأسواق، لكنه في المقابل يمنح أوبك+ بعض الوقت لتقييم تأثير عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ورفعت العديد من مؤسسات الاستثمار والبنوك العالمية، بما في ذلك مورغان ستانلي الأميركي، توقعات الأسعار بشكل متواضع بعد قرار المجموعة، والذي كان متوافقا مع التوقعات قبل الاجتماع.

ومع ذلك، لا يزال العرض المرتفع في الأسواق العالمية، وخاصة من الدول المنتجة خارج أوبك+ في الأميركتين، فضلا عن ضعف الطلب من الصين، يشحذ القلق في العديد من الأماكن.

ومع تداول خام برنت القياسي العالمي دون تغيير يذكر بالقرب من 72 دولارا للبرميل الجمعة، يعتقد محللون أن فائض المعروض في عام 2025 سيقل عن مستويات هذا العام.

وعقب خطوة أوبك+ رفع مورغان ستانلي توقعات خام برنت للربعين الثالث والرابع من عام 2025 إلى 70 دولارا للبرميل، من 68 دولارا و66 دولارا على التوالي.

ووفقا لمحللي البنك، بما في ذلك مارتين راتس، فإن فائض المعروض العالمي في العام المقبل سيبلغ 800 ألف برميل يوميا، انخفاضا من 1.3 مليون برميل يوميا، مستشهدين بتوقعات التوازن الإجمالي للسوق.

كيم فوستير: المزيد من التأخير في زيادة الإنتاج لا يحل مشكلة أوبك+
كيم فوستير: المزيد من التأخير في زيادة الإنتاج لا يحل مشكلة أوبك+

وذكر المحللون أن المعروض المتوقع لا يزال يشكل فائضا، مما يشير إلى ضعف في أسعار النفط. ومع ذلك، فهي أصغر مما تم تقديره من قبل. وقالوا إن من خلال الخطة الأخيرة، أعطت أوبك+ إشارة قوية إلى أنها لا تزال على استعداد لموازنة سوق النفط.

ومع أن أوبك+ تعتقد أن الطلب سيظل في ارتفاع، ما يتماشى مع خطتها بالتحكم في الأسعار، لكن وكالة الطاقة الدولية ترى عكس ذلك، وتعتبر أن الحاجة ستقل في ظل تراجع الطلب، لاعتبارات منها تباطؤ الاستهلاك الصيني الذي يعتمد عليه التحالف في توقعاته.

ولكن هناك من يرى أن الحد من الجانب السلبي يبدو أمرا ضروريا من أجل الحفاظ على استقرار الأسواق حتى مع سعي المجموعة النفطية التي تضم 23 بلدا إلى جعل الأسعار ترتفع قدر الإمكان لتحصيل المزيد من الإيرادات.

وقال وارن باترسون، رئيس إستراتيجية السلع الأساسية في آي.أن.جي بنك، إن “التوقعات بفائض أصغر تعني أن الجانب السلبي لبرنت من المرجح أن يكون أكثر محدودية في عام 2025 مما كان متوقعا في البداية.”

وأوضح أنه تم رفع توقعات برنت للعام بأكمله إلى 71 دولارا للبرميل من 69 دولارا، حتى مع استمرار الفائض في تخفيف التفاؤل.

ويعتقد بنك أتش.أس.بي.سي أن المشكلة الأساسية لا تزال قائمة فالتخلص التدريجي من التخفيضات والممدد من أوبك+ سيترك طاقة احتياطية كبيرة تبلغ حوالي 5.2 مليون برميل يوميا في نهاية عام 2026.

موكيش ساهديف: التحالف قلق بشأن المعروض المحتمل والالتزام بالإنتاج
موكيش ساهديف: التحالف قلق بشأن المعروض المحتمل والالتزام بالإنتاج

ويقول محللو البنك بما في ذلك كيم فوستير، إن المزيد من التأخيرات لا تحل مشكلة لأوبك+، وهي أن إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك من المقرر أن ينمو بشكل أسرع من الطلب خلال العامين المقبلين، مما لا يترك للمجموعة أي مساحة لإلغاء تخفيضاتها.

ويرون أن الأمل الوحيد لأوبك+ هو أن يؤدي فرض العقوبات الحالية على إيران بشكل أكثر قوة من قبل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى خفض صادرات النفط وفتح بعض المساحة أمام الأعضاء الآخرين لزيادة إنتاجهم.

وبالنسبة لمؤسسة ريستاد إنيرجي، فإن المجموعة تبدو “قلقة”، حيث إن موقف ترامب المتشدد تجاه الصين والطلب الضعيف المستمر وفرا للمجموعة كل التشجيع اللازم لتمديد تخفيضات الإنتاج حتى الربع الأول من عام 2025.

وقال موكيش ساهديف، رئيس التحليلات الخاصة بالنفط في المؤسسة، “يشير الإعلان بوضوح تام إلى أن المجموعة قلقة بشأن كل من فائض العرض المحتمل، وعدم الامتثال لأهداف الإنتاج بين الدول الأعضاء.”

وسيبدأ الإلغاء التدريجي لخفض 2.2 مليون برميل يوميا مع نهاية الربع الأول من عام 2025، بزيادات شهرية قدرها 138 ألف برميل يوميا وفقا لحسابات رويترز، ويستمر 18 شهرا.

ويستبعد محللون في ستاندرد تشارترد، بما في ذلك إميلي آشفورد وبول هورسنيل، أن تكون السوق قد حددت السعر الكامل لكمية النفط التي تمت إزالتها.

وبعد التأخير الأخير، لن يتم تسليم أكثر من نصف الزيادة المخطط لها في العرض من أوبك وحلفائها الآن. وبموجب الصيغة السابقة، كان من المقرر أن تضيف المنظمة نحو 496 مليون برميل العام المقبل. والآن، لا يزيد هذا عن 191 مليون برميل.

ويرى فيفيك دار، المحلل في بنك الكومنولث الأسترالي، أن خطة أوبك+ الجديدة هي اعتراف ضمني بأن الأمر سيستغرق وقتا أطول مما أراده التحالف لاستعادة إنتاجه النفطي.

وأشار إلى أن قرار التحالف الأخير “يتناقض بشكل صارخ” مع العزم الذي أظهره في يونيو الماضي، عندما اعتقدت المجموعة أنها ستكون في وضع مريح لبدء عكس تخفيضات العرض الطوعية بحلول أكتوبر 2024.

10