صدمة الأسعار تزيد من معاناة الصناعة الأوروبية مع إمدادات الغاز

أسعار الغاز وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام ويتوقع المحللون ارتفاعها أكثر.
السبت 2024/12/07
الوضع غير مطمئن!

بروكسل - تستعد الصناعات المتعثرة في أوروبا لصدمة أسعار غاز جديدة خلال أشهر الشتاء المقبلة، مع استنزاف المخزونات بسبب الطقس البارد، وتكثيف المنافسة مع آسيا على الإمدادات، واحتمال انخفاض الإمدادات الروسية.

ومنذ أزمة الطاقة في عام 2022، عندما بلغت الأسعار ذروتها عند نحو 350 يورو لكل ميغاواط/ساعة، أغلقت العشرات من الشركات في مختلف أنحاء أوروبا مصانعها وخفضت أنشطتها ووظائفها مع تقويض أسعار الغاز المرتفعة لقدرتها التنافسية.

ويحافظ العديد منها على انخفاض الطلب وانخفاض نشاط التصنيع، مع عواقب سلبية على النمو البطيء، حيث الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي أقل بنسبة 17 في المئة من متوسط السنوات الخمس التي لوحظت خلال سنوات ما قبل الوباء.

وفي الوقت نفسه، وصلت أسعار الغاز إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام ويتوقع المحللون ارتفاعها أكثر.

وقال سفين توري هولسيثر الرئيس التنفيذي لشركة يارا للأسمدة المدرجة في بورصة أوسلو لرويترز في أكتوبر “القلق هو أننا نخفّض حذرنا لأن أسعار الطاقة الآن أقل مما رأيناه في عام 2022.”

باربرا لامبريخت: انخفاض المخزونات يجعل هذا الشتاء غير مريح بالفعل
باربرا لامبريخت: انخفاض المخزونات يجعل هذا الشتاء غير مريح بالفعل

وأضاف “من المهم أن نذكّر أنفسنا بأننا ما زلنا عند مستويات أعلى بكثير من مناطق رئيسية أخرى مثل الولايات المتحدة والشرق الأوسط وروسيا.”

وساعد التوتر بشأن انتهاء صلاحية صفقة العبور الروسية لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا في نهاية العام الحالي في دفع عمليات الشراء.

وأكد فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع والمشتقات في بنك أوف أميركا، أن ذلك قد يدفع أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي إلى 70 يورو لكل ميغاواط/ساعة العام المقبل من حوالي 50 يورو لكل ميغاواط/ساعة الآن.

ويقارن ذلك بأسعار الغاز المتوسطة في الاتحاد الأوروبي البالغة 17.58 يورو لكل ميغاواط/ساعة على مدى خمس سنوات قبل الوباء، وفقًا لبيانات مجموعة بورصات لندن (أل.أس.إي.جي).

ومخزونات الغاز في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ممتلئة بنسبة 85 في المئة، أي أقل بنحو 10 نقاط مئوية عن العام الماضي، وفقًا لبيانات البنية التحتية للغاز في أوروبا.

وأوضحت باربرا لامبريخت المحللة في كوميرز بنك لرويترز أن هذا يجعل الشتاء الحالي غير مريح بالفعل، حيث ستتسبب موجات البرد في انخفاض مستويات التخزين بشكل أسرع مما كانت عليه خلال آخر شتاءين معتدلين نسبيًا.

وفي محاولة لحماية الإمدادات، زادت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي هدفها لملء التخزين، وهو ما قد يضيف إلى الضغوط الصعودية على الأسعار.

وأظهرت بيانات بيرنشتاين أن عشرات المصانع في أوروبا أغلقت وخسرت نحو مليون وظيفة في قطاع التصنيع على مدى السنوات الأربع الماضية.

وفي تقرير عن القدرة التنافسية لأوروبا في سبتمبر، قال رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي إن خسارة الغاز الروسي الرخيص نسبيا في أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022 كانت “تكلفة باهظة” على الاقتصاد وأن الوقود الأحفوري سيكون مطلوبا على الأقل لبقية العقد.

التوتر بشأن انتهاء صلاحية صفقة العبور الروسية لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا في نهاية العام الحالي ساعد في دفع عمليات الشراء

وأفاد التقرير بأنه “رغم أن أسعار الطاقة انخفضت بشكل كبير من ذروتها، فإن شركات الاتحاد الأوروبي لا تزال تواجه أسعار كهرباء تزيد بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة وأن الأسعار المدفوعة أعلى بمقدار 5 مرات.”

والأسعار الأوروبية الحالية أعلى بنحو خمسة أضعاف من أسعار الغاز في الولايات المتحدة، والتي يتم تداولها عند 3.095 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أي ما يعادل 10.02 يورو لكل ميغاواط/ساعة.

وفي أغسطس، أظهر مسح أجرته غرف التجارة الألمانية أن أسعار الطاقة المرتفعة ونقص “الإمدادات الموثوقة” يعيقان الإنتاج الصناعي ويدفعان بعض الشركات الألمانية إلى التفكير في الانتقال إلى الخارج.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة يارا لرويترز أيضا إن الشركة “تحول تعرضها للطاقة بعيدا عن أوروبا.”

واستشهدت جماعة الضغط الصناعية الألمانية بي.دي.آي، بأسعار الطاقة المرتفعة باعتبارها من بين العوامل التي تهدد القدرة التنافسية لأكبر اقتصاد في أوروبا.

وقال رئيس بي.دي.آي سيغفريد روسورم، الذي يجلس أيضا في مجلس إدارة التكتل الصناعي الألماني تيسينكروب، في سبتمبر إن “خطر نزع الصناعة بسبب الهجرة الصامتة والتخلي عن العديد من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم على وجه الخصوص يتزايد باستمرار.”

عشرات المصانع في أوروبا أغلقت وخسرت نحو مليون وظيفة في قطاع التصنيع على مدى السنوات الأربع الماضية

وقال نيكولاس دي وارن، رئيس جماعة الضغط الصناعية الفرنسية يونيدن، لرويترز إن الصناعات في بلاده “تتوقع العمل بنسبة 70 إلى 80 في المئة من طاقتها هذا الشتاء بسبب ارتفاع أسعار الطاقة،” وخاصة في قطاع الكيماويات.

ويرى محللو رابوبانك أنه مع استمرار الصناعة في التدهور، فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن الطلب على الغاز من هذا القطاع سيعود هذا العام، مشيرين إلى أن بعض الزيادة في الطلب ممكنة من قطاع التدفئة.

وفي الوقت نفسه، فإن مستويات التخزين الحالية في الاتحاد الأوروبي أقل بنحو 10 مليارات متر مكعب عن العام الماضي من حيث القيمة المطلقة.

ومن المقرر أن تتم تغطية الفرق بشكل أساسي من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال، كما أكد هيلجي هاوجان، رئيس تجارة الغاز والطاقة في شركة إكوينور النرويجية، أكبر مورد للغاز في الاتحاد الأوروبي.

وسيأتي ذلك بثمن مع تكثيف المنافسة على الإمدادات المتاحة. ورغم أن الاتحاد الأوروبي تجنّب فرض عقوبات على الغاز الروسي، الذي يعتمد عليه بعض الأعضاء بشدة، فقد قيد تسليماته منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع 2022..

وصوّت البرلمان الأوروبي في أبريل الماضي على تمرير قواعد تسمح للحكومات الأوروبية بحظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي من خلال منع الشركات الروسية من حجز سعة البنية التحتية للغاز.

وقد يؤدي ذلك إلى زيادة عمليات سحب المخزونات ودفع الاتحاد إلى التنافس بشكل أقوى مع آسيا على الغاز من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

واستوردت أوروبا 11.3 مليار متر مكعب، أو حوالي 170 شحنة، من الغاز المسال في نوفمبر، معظمها من الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وفقا لبيانات أل.أس.إي.جي.

10