بينالي أبوظبي للفن العام يستكشف مفهوم المكان العام في نسخته الافتتاحية

منصة بارزة تجمع بين التركيبات والعروض الفنية لأكثر من سبعين فنانا مقيما في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.
الخميس 2024/12/05
"أطياف عائمة" للفنانة سيما نصرت

أبوظبي - تتواصل النسخة الافتتاحية من “بينالي أبوظبي للفن العام” التي انطلقت منتصف نوفمبر الماضي حتى 30 أبريل المقبل، في مواقع مختلفة في أبوظبي والعين. ويوفِّر البينالي، الذي يُقام تحت شعار "للعامة"، منصة بارزة تجمع بين التركيبات والعروض الفنية لأكثر من 70 فنانا مقيما في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. ويسهم هذا التجمُّع الفني في إبداع أعمال تركيبية مصمَّمة خصيصا لتناسب المواقع في أبوظبي والعين.

وتستكشف النسخةُ الافتتاحيةُ من البينالي مفهوم المكان العام في أبوظبي من خلال أربعة عوامل رئيسية، هي: البيئة، المجتمع، المدنية، والأصالة. وتسعى إلى البحث في كيفية تأثير الظروف البيئية على أماكن التجمع والتفاعل، وكيف تُرسم حدود ما يمكن اعتباره فضاء عاما. كما تتناول هذه النسخة العلاقة بين التطور الحديث للمدينة وممارساتها الأصيلة، من خلال طرح ومعالجة التحدي المتمثل في الحفاظ على القيم التقليدية وسط النمو الحضري والتنويع الاقتصادي.

يمتد البينالي بين مدينتي العين وأبوظبي، ويسعى إلى أن يكون صلة الوصل بين ماضي الإمارة وحاضرها، داعيا الفنانين إلى المساهمة في تعميق فهمنا للأماكن العامة وأهميتها الثقافية من خلال تقديم مجموعة من الأعمال التي تُعرض فيها وتتفاعل مع المجتمع وتشجع على المشي. ومن أبرز تلك الأماكن محطة حافلات أبوظبي، المعروفة بهندستها المعمارية الفريدة ودورها كمركز مجتمعي، والمعمار التراثي في مدينة العين، بما في ذلك المنازل التقليدية المبنية من طوب الطين والواحات الخضراء.

◙ "برزخ" للفنان وائل الأعور
◙ "برزخ" للفنان وائل الأعور

وتشهد النسخة الأولى من البينالي مشاركة عدد كبير من الفنانين المحليين والعالميين من بينهم ألورا وكالزاديلا، وأركيتكتورا إكسبانديدا،، وكريستوفر جوشوا بنتون، وفرح القاسمي، وجيويوباندوبيوباند ، وهاشل اللمكي، وكبير موهانتي، وخليل رباح، وأوسكار موريو، وراديكا كيمجي، وسامي بالوجي، وطارق كيسوانسون، ووائل الأعور، وزينب الهاشمي وغيرهم الكثير.

ومن بين الأعمال البارزة في هذا البينالي يأتي “برزخ” للفنان اللبناني المقيم في الإمارات وائل الأعور الذي يبحث عبر استوديو التصميم الخاص به في الحلول المستدامة، من خلال إعادة تخيل النفايات الصناعية كمورد. يستجيب عمله “برزخ” (2024) إلى التحديات البيئية المحلية والعالمية عبر ثلاث مواد: البلاستيك المعاد تدويره، الذي يستخدم عادةً في مشاريع البنية التحتية الكبرى ويؤدي إلى انبعاثات كربونية مرتفعة؛ وألياف النخيل المستخدمة في العمارة الإماراتية منذ قرون، والمحلول الملحي، وهو ناتج ثانوي لتحلية المياه يضر بالنظم البيئية البحرية عند تصريفه في الخليج.

ويمثل عنوان العمل (برزخ) محاولة لإعادة التفكير في كيفية تشكيل هذه المواد والعمليات لمستقبل العمارة. هذا فيما يصبح الجناح رمزاً لإمكانية تطوير أسلوب معماري محلي يعزز الموارد المحلية ويعالج القضايا البيئية الملحة.

كذلك تشارك الفنانة الباكستانية سيما نصرت بتصميم فني فريد بعنوان “أطياف عائمة”، يستكشف المخاطر المتزايدة للفيضانات بسبب تغير المناخ. يعرض العمل في بحيرة كورنيش أبوظبي، حيث يتخيل سقفا طينيا لمنزل غارق كرمز للتهديد الذي يمثله التحضر على التراث، داعيا المشاهدين للتأمل في التوازن بين التطوير والحفاظ على البيئة.

كما يشارك الفنان كريستوفر جوشوا بنتون من فريجينيا وهو فنان مهتم بالعلوم الاجتماعية يُعنى باستكشاف قضايا القوة والعمل والشتات من خلال التركيبات والمنحوتات والأفلام، وغالبًا ما يعمل بشكل تعاوني.

يُعدّ عمله “حيث تُفرش سجادتي، يكون وطني” (2024) مشروعا تعاونيا تم تطويره مع أصحاب المحلات في سوق السجاد في أبوظبي، الذي بُنيَ كمنحة كريمة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. يجمع العمل قصصا شخصية من أفغانستان وباكستان والهند، فيما يمثل كل جزء في السجادة ذكريات هؤلاء التجار، بدءاً من والي، التاجر الأفغاني الذي يحلم ببستان التفاح الخاص به، وصولاً إلى عبدول، الراعي من شمال باكستان. التصميم مستوحى من سجاد الحرب الأفغاني وجماليات البيكسل 8 بت، ليعكس دورة حياة السجاد، بدءا من جمع الصوف وصولا إلى بيعه في السوق. يلتزم هذا العمل بطريقة بنتون التفاعلية، حيث يفتح باب الحوار بين تجربة العمالة الوافدة في الإمارات والنسيج الثقافي المتغير في المدينة.

14