روسيا تتهم أوكرانيا بتزويد الفصائل المسلحة في سوريا بالمسيرات

السفير الروسي لدى الأمم المتحدة يؤكد تحديد هوية مدرّبين عسكريين أوكرانيين كانوا يدرّبون مقاتلي هيئة تحرير الشام على العمليات القتالية.
الأربعاء 2024/12/04
موسكو تتهم واشنطن بتجاهل هجوم هيئة تحرير الشام التي صنفتها إرهابية

الأمم المتحدة (الولايات المتحدة) - اتّهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الثلاثاء أوكرانيا بتقديم دعم عسكري لمقاتلي هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي يقود مع حلفائه هجوما ضد القوات السورية في شمال غرب سوريا فيما تحدثت مصادر عن تصدي الجيش السوري للفصائل وتأمين مدينة حماة بدعم جوي وبري.

وقال نيبينزيا في اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لبحث التصعيد في سوريا "نودّ لفت الانتباه خصوصا إلى وجود آثار يمكن التعرف عليها تشير إلى ضلوع المديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية في تنظيم الأعمال العدائية وتزويد المقاتلين بأسلحة في شمال غرب سوريا".

وأضاف "نشير إلى تحديد هوية مدرّبين عسكريين أوكرانيين كانوا يدرّبون مقاتلي هيئة تحرير الشام على العمليات القتالية".

وشدّد السفير الروسي على أنّ "مقاتلي هيئة تحرير الشام لا يخفون حقيقة أنهم مدعومون من أوكرانيا فحسب، بل يتباهون بذلك"، متّهما كييف بتزويدهم بطائرات مسيّرة على وجه الخصوص.

وبين أنّ "التعاون بين الإرهابيين الأوكرانيين والسوريين المدفوعين بالكراهية لسوريا وروسيا مستمرّ لتجنيد مقاتلين في القوات المسلّحة الأوكرانية وتنظيم هجمات ضدّ القوات الروسية والسورية في سوريا".

وشهدت سوريا تجددا لأعمال العنف في الأسبوع الماضي بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها على أراض خاضعة لسيطرة الحكومة في شمال البلاد.

وتشنّ هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل معارضة متحالفة معها منذ 27 نوفمبر هجوما مباغتا في شمال غرب سوريا أطلقت عليه اسم "ردع العدوان". وسيطرت هذه القوات على عشرات البلدات وعلى قسم كبير من حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتواصل تقدّمها جنوبا.

وروسيا التي تدخلت عسكريا في سوريا في 2015 دعما للرئيس بشار الأسد هي أحد أبرز حلفاء دمشق.

كما أعرب السفير الروسي عن "أسفه" لأنّ مسؤولي الأمم المتحدة "لم يتمتّعوا بالشجاعة لتسمية الأشياء بأسمائها وإدانة هذه الهجمات الإرهابية" ضدّ سوريا، موجّها كذلك الاتّهام نفسه للولايات المتحدة التي أدرجت "هيئة تحرير الشام" على قائمتها للمنظمات الإرهابية.

وردّ نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة روبرت وود على اتّهام السفير الروسي بالقول إنّ هذا التصنيف "لا يبرّر الفظائع" المتهم بارتكابها نظام الرئيس بشار الأسد وحليفته روسيا.

وقال وود إنّ "حقيقة أنّ هيئة تحرير الشام مدرجة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتّحدة لا تبرّر الفظائع الجديدة التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس".

من جهته، اتّهم رائد الصالح، مدير منظمة "الخوذ البيضاء" السورية، المجتمع الدولي بأنه "تخلّى بالكامل" عن السوريين.

وقال الصالح مخاطبا أعضاء مجلس الأمن الدولي إنّ "الشعب السوري ناشدكم لاتخاذ إجراءات فورية لإنهاء هذه الجرائم وضمان السلام رغم أنها جوهر وجود المجلس، ولكن في السنوات الماضية لم تفشلوا فقط في الاستجابة لهذه النداءات، بل تجاهلت العديد من حكوماتكم المأساة السورية".

وهاجم الصالح بشكل خاص روسيا، مطالبا إياها بالكفّ عن دعم النظام السوري والتوقّف عن "تعطيل مسار العدالة والمحاسبة" والتخلي عن "نهجها التضليلي الذي يستهدف “منظمته المتخصّصة بعمليات الدفاع المدني.

وكان السفير الروسي حاول عبثا منع رئيس الخوذ البيضاء من التحدث أمام المجلس، متهما المنظمة بأنها تسعى من خلال "عملية تزوير واسعة النطاق" إلى "التشهير بالسلطات السورية".

ويأتي ذلك فيما شنّ الجيش السوري "هجوما معاكسا" في محافظة حماة في وسط سوريا، تمكن خلاله من إبعاد الفصائل المعارضة المسلّحة عن هذه المدينة الرئيسية التي من شأن سقوطها أن يزيد الضغوط على الرئيس بشار الأسد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء إن هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها "فشلت... في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة إثر معارك طاحنة مع قوات النظام التي شنت هجوما معاكسا بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي"، ما مكنّ الجيش من إبعاد الفصائل "عن مدينة حماة نحو 10 كيلومترات".

وحققت قوات المعارضة تقدما سريعا خلال الأسبوع الماضي، إذ استولت على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، ومعظم الريف المحيط بها، ووصلت إلى مسافة بضعة كيلومترات من حماة أمس الثلاثاء.

وأثارت الهجمات الخاطفة للمعارضة قلق حلفاء الأسد، إذ قالت إيران الثلاثاء إنها ستدرس إرسال قوات إذا طُلب منها ذلك، في حين قالت روسيا إن "العدوان الإرهابي" على سوريا يجب أن ينتهي في أقرب وقت ممكن.

وذكر سكان أن مقاتلين عراقيين مدعومين من إيران دخلوا إلى سوريا دعما للحكومية السورية التي بدأت حملة جديدة للتجنيد فأقامت نقاط تفتيش في دمشق ودير الزور بشرق البلاد لتسجيل الشباب المطلوبين للخدمة.

وقالت وسائل إعلام رسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قتالا عنيفا اندلع للسيطرة على جبل زين العابدين، الذي يقع على بعد خمسة كيلومترات شمال شرقي حماة ويطل على طريق رئيسي يؤدي إلى المدينة.

وقال أبوالقعقاع، أحد قادة قوات المعارضة في المنطقة "أجبرنا على التراجع تحت قصف جوي عنيف من العدو". وأشار مصدر آخر من قوات المعارضة إلى الفشل في السيطرة على جبل زين العابدين باعتباره انتكاسة للتقدم الذي أحرزته المعارضة نحو حماة.

وقالت مصادر من المعارضة والجيش إن جماعات مسلحة مدعومة من إيران ساعدت في تعزيز القوات الحكومية على خطوط المواجهة في حماة حيث أعادت وحدات الجيش تنظيم صفوفها بعد خسارتها حلب. وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن تعزيزات وصلت الثلاثاء.

وكثفت القوات السورية والروسية القصف على الجيب الخاضع لقوات المعارضة في شمال غرب البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، وقال سكان وعمال إنقاذ إن الضربات الجوية استهدفت المناطق السكنية والمراكز الطبية في حلب وإدلب

ونادرا ما تعلق دمشق على اتهامات محددة لكنها قالت في وقت سابق إنها لا تستهدف المدنيين وإن الاتهامات الموجهة لقواتها تأتي في إطار المحاولات الرامية إلى تقويض سوريا.

وقال شخصان في الشمال الغربي إن الضربات الجوية الكثيفة أجبرت عائلات على مغادرة منازلها مرة أخرى بعد أن كانت قد عادت إليها في مناطق استعاد مقاتلو المعارضة السيطرة عليها بعد الفرار في وقت سابق من الصراع بسبب تقدم القوات الحكومية.

وينذر تجدد القتال لفترة طويلة في سوريا، الذي اجتذب منذ اندلعت الحرب الأهلية عام 2011 قوى إقليمية وعالمية وتسبب في تنامي قوة الجماعات المتشددة، بمزيد من زعزعة استقرار المنطقة التي تهزها الصراعات في غزة ولبنان.

وعندما استقرت الأوضاع على خطوط المواجهة في 2020 من خلال اتفاقات تم ترتيبها بين روسيا وإيران وتركيا، كان مئات الآلاف من السوريين قد لقوا حتفهم ونزح الملايين داخل البلاد أو لجأوا إلى دول أخرى.

والبلاد منقسمة منذ ذلك الحين، إذ يسيطر الأسد على معظم الأراضي بدعم من القوة الجوية الروسية وتحالف من الجماعات المسلحة الإقليمية المدعومة من إيران، وبينها جماعة حزب الله اللبنانية.

ويسيطر مقاتلو المعارضة على جيب كبير في الشمال الغربي، وتنتشر قوات تركية في شريط على طول الحدود الشمالية، ويوجد تحالف بقيادة الأكراد تدعمه الولايات المتحدة في الشمال الشرقي.

جاء تقدم مقاتلي المعارضة الأسبوع الماضي في وقت تركز فيه روسيا على الحرب في أوكرانيا، بينما تعرضت قيادة حزب الله لضربات قاصمة خلال الحرب مع إسرائيل في لبنان.